لم يكتمل «السيناريو» بعد، لكنهم في مصر أصبحوا يتنبؤون بأن فيلم «خمس ساعات»، الذي يُنتَج في هذه الأيام، سيكون محطما ضخما للعروض. تنحصر «الحبكة الدرامية» في سوزان مبارك، زوجة الرئيس المخلوع، في الساعات الخمس الحاسمة في الليلة بين الجمعة والسبت في 11-12 فبراير. فقد كانت في لحظة السيدة الأولى: سندريلا أنيقة ذات قوة وموجهة للأوامر، لكنها، مثل سندريلا بالضبط، عندما تحين ساعة الحسم، تُطرَد من القصر... يتوقع أن ينحصر «المشهد» الافتتاحي في اللحظة التي خلص فيها الرئيس مبارك إلى الاستنتاج الكئيب أن احتمالات تجاوزه المظاهرات هو صفر، وأرسل نائبه الجنرال عمر سليمان لإعلان الاستقالة وركب مروحية عسكرية وحط في «شرم الشيخ». نزل هناك مع زوجته وابنيه، وكأن آثارهم اختفت، منذ ذلك الحين حتى اليوم. سيصور «الفيلم» كيف تواجه «ماما سوزان»، التي تتعرض اليوم أيضا أكثر حتى من زوجها ل»إطلاق النار» في وسائل الإعلام المصرية، السقوط الذي يدير الرأس من القمة، والارتباط بين المال والسلطة، إلى الإقامة الجبرية مباشرة. ولن يُمنع المشاهدون من أن يروا أيضا محاولات الهروب إلى الخارج، التي أحبطت، ومرض حسني مبارك، الذي يزداد شدة من يوم إلى آخر، وهو الذي يصعب عليه الآن أن يمشي ويحتاج إلى علاج طبي لصيق، وجهودها للمصالحة بين ابنيها المتخاصمين، علاء وجمال. لكن سوزان مبارك غارقة الآن، كما يبدو، أكثر من كل شيء، بحساب مرير للنفس. كيف نسوا، في لحظة واحدة، كل «نشاطها الاجتماعي» و»إسهامها» في تحسين مكانة النساء في مصر ومشروع «يجب القراءة» لاجتثاث الجهل من عقول ملايين من كبار السن والفقراء؟... دفعة واحدة، مع السقوط، أصبحت سوزان المرأة المكروهة أكثر من غيرها في الدولة. تطفو، الآن، جميع الاتهامات: كيف تحشر أنفها لتعيين أصحاب مناصب رئيسية وتتلقى رشاوى بالملايين وتضغط على زوجها ليتوج ابنها، «المدلل»، جمال رئيسا قادما وتُقصي اشخاصا من الحياة العامة وتُقرب آخرين، وتتلقى جواهر قديمة ثمينة وتُدبر الدولة ورحلات الفساد والساحة الخلفية للقصر الرئاسي في الأساس... «أصبحت البدعة الأبرز الآن أن تؤخذ نساء القادة من العالم العربي وأن يُدخلن في شبه خلاط غذاء إعلامي، و«الخلط»، تقول الدكتورة ميرة تسوريف من قسم الشرق الاوسط وإفريقيا في جامعة تل أبيب. «وكأنهم يأتون ليقولوا بفخر إننا قد تخلصنا في نهاية المطاف من النظام القديم، مع الرجل المستبد والمرأة القوية إلى جانبه. لكن لا يجوز نسيان سجل سوزان مبارك، التي عملت من أجل ملايين النساء والأطفال وعملت، وفق منهجية، ونشرت «بشارة» الحركة النسوية... أنا أؤمن أن زوجة الرئيس القادم لمصر ستضطر إلى تعلم دروس من مشروع سوزان العامّ ومتابعته، وإلا فإن كثيرا جدا من إنجازات الثورة سيتلاشى». يتبين لمبارك، الآن، ولجميع نساء قادة نظم الحكم التي زعزعتها لعبة «دومينو» العالم العربي تقريبا، مدى سهولة إقامة السيدة الأولى في خط النار. إن «الانقضاض» عليها أسهل، أحيانا، من الانقضاض على الحاكِم نفسِه، بيد أن هذه ليست قصة الثريات والمشهورات فقط: فجميع النساء اللاتي كُنّ شريكات في هذه العاصفة، حتى أولئك اللواتي صرخن في الميادين إلى جانب الرجال، يتبيّن لهن الآن أن هذه، ربما، ثورة لكنها ليست ثورتهن، بكل تأكيد. جعل حادثتان محرجتان أسماء الأسد، الحسناء، تنزل للعمل السري قبل عشرة أيام. في اليوم الأول للمظاهرات، في دمشق، ظهرت الأسد في تقرير على الصفحة الأولى يدهش العيون في المجلة الشهرية للموضة «فوغ». في توقيت بائس، عرضت زوجة الرئيس فساتين ثمينة وثرثرت، إذ صدرت عنها عناوين محلات مصممي الأزياء التي تحبها، وكلها -بطبيعة الحال- خارج سوريا. وفي الحادثة الثانية في اليوم الذي قُتل فيه ستة متظاهرين في درعا، تجولت السيدة الأولى بلباس أنيق بين أكاديميين من «هارفارد» اجتمعوا في دمشق. باعت أساتذةَ الجامعة الأجلاءَ قصصا عن «نشاطها» الاجتماعي من أجل المحتاجين وعن الديمقراطية المزهرة وعن الانفتاح على العصر الجديد لسوريا... وفي تلك الساعات، حُكم على طل ملوحي، وهي متصفحة أنترنت في التاسعة عشرة، بخمس سنوات سجنا، بسبب «التجسس» لصالح الاستخبارات الأمريكية!.. ليست أسماء الأسد وحدها هي التي تلقت صفعات من الإعلام الأمريكي، بل خرجت مجموعة الأكاديميين مصابة، أيضا. بالمناسبة، أول أمس صباحا، قبل ساعتين من خطبة بشار الأسد «التاريخية»، أرسلت رانية، ملكة الأردن، عبر «تويتر»، أنها «قلقة جدا» لاعتقال الصحافي الأردني القديم سليمان الخالدي من وكالة «رويترز». خرج الخالدي لإعداد تقارير من سوريا واعتقلته قوات الأمن و«اختفى»... غير أن رانية أيضا لم تخرج سالمة من عواصف الفترة الأخيرة: فقد تلقت الملكة في المدة الأخيرة رسالة توبيخ من 32 رئيس قبيلة بدوية في الأردن، بسبب حفل يوم الميلاد التبذيري البراق، الذي نظم تكريما لها في البحر الميت. يتبع عن «يديعوت»»...