تقوم الأسرة بدور مهم وأساسي في علاج المريض المصاب بالاضطراب الهوسي الاكتئابي ومساعدته في الاندماج الأسري والاجتماعي والمهني. وبداية دورها يكون بالحرص على التعرف ما أمكن على المرض، إما بسؤال طبيبه أو بالمطالعة. وتتوفر اليوم فرصة ذهبية لذلك على شبكة الأنترنيت. وفي سياق ذلك على الأسرة الوعي بأن المريض يجب ألا يشعر بالحرج أو الخجل من قبلها، فهو لا يختلف عن باقي الأمراض العضوية والنفسية. ليس سبة ولا يحط من قدر صاحبه أو أهله. إنه إضافة إلى كونه قدرا من عند الله، فإن علاجه ميسور في الغالب، والمصاب به يمكن أن يعيش حياة طبيعية مثل سائر الناس. ونسرد هنا أهم ما يمكن أن تقوم به الأسرة لصالح المريض. 1 – المريض في فترة الهوس: في ذروة نوبة الهوس عادة ما يكون المريض غير واع بمرضه، وبالتالي قد يرفض فكرة العلاج. هنا على الأسرة ألا تعارضه بحدة حتى لا تثير غضبه، لكن عليها ألا تسايره باطراد فتوهمه بصحته النفسية. وعليها ألا تستخدم معه أسلوب الموعظة أو النصيحة أو العقاب لتغيير سلوكه أو تصرفاته، لأن ذلك لا ينفع في تغييرها ما دامت تتم عن غير وعي. إن ذلك يوازي تماماً محاولة علاج مرض السكري أو مرض المعدة بمجرد النصيحة أو الموعظة. كما عليها أن تعمل على حماية المريض من تصرفاته المندفعة دون مصادمة ولا مواجهة، ومع تجنب استعمال التهديد، إلا تنفيذه مثل الإدخال للمستشفى أو بعض الأمور التي تفرضها مصلحته. على الأسرة الإسراع لاستشارة الطبيب المعالج بمجرد ظهور الأعراض الأولى للنوبة. وهذا يستلزم أن تتعرف على هذه البداية وأن تصاحب المريض ليتعرف عليها بنفسه. والهدف هو الإسراع إلى العلاج قبل تفاقم النوبة. ومع بداية ظهور النوبة الهوسية قد تصدر عن المريض تجاه الآخرين تصرفات غير لائقة. فقد يتجاوز في الكلام فيتهمهم أو يؤذيهم، وقد يتصرف بالعنف أحيانا، وقد يتصل بهم هاتفيا في أوقات غير مناسبة. والواجب على الأسرة مصاحبة المريض والتخفيف من وقع هذه التصرفات إلى أن يتجاوز النوبة. 2 – المريض أثناء نوبة الاكتئاب عدم الوعي بالمرض لدى المصاب بالاكتئاب هو في العادة أقل بكثير منه لدى المصاب بالهوس. لذلك فإنه يسارع إلى الاستشارة الطبية بسهولة إلا في الحالات الشديدة جدا. ومن المهم أن تقوم الأسرة بالتعرف على المرض وأعراضه حتى تفهمه وتفسره بشكل سليم. كما يجب عليها أن تدرك بأن علاجه لا تكفي فيه الرعاية والدعم المعنوي، بل لا بد من العلاج الموضوعي الذي يتكلف به الطبيب المختص. وأكبر خطر يجب أن تحذره الأسرة لدى المكتئب هو التفكير في الانتحار والإقدام عليه. لذلك بمجرد ما تحس بظهور أفكار انتحارية لديه يجب عليها استشارة الطبيب المعالج والتنسيق معه لتفادي أي تطور نحو الأسوأ. 3 – المريض بين النوبات: يتميز المرض بنوبات هوسية واكتئابية تفصلها فترات تحسن تكون فيها حالة المصاب عادة مستقرة. هنا يكمن واجب الأسرة في تذكير المريض باستمرار بأخذ الدواء وفق المقادير والكيفيات المقررة من قبل الطبيب المعالج. فاستقرار حالته لا يعني أنه قد شفي تماما، ما دامت عودة النوبات محتملة جدا. وعلى الأسرة أن تتجنب معاملة المريض معاملة خاصة أو تمييزية. فهو بين النوبات يمكنه أن يتحمل مسئولياته وأن يحل مشاكله بنفسه. والهدف هو ألا تورث المعاملة الخاطئة شعورا بالدونية وضعف الثقة بالنفس والتواكلية. وفي المقابل على الأسرة أن تتجنب لوم المريض أو الاستهزاء به على تصرفاته التي قام بها أثناء النوبات. ويجب الوعي بأن ما يفعله المريض أثناء النوبات لا يعكس شخصيته الحقيقية، وتصرفاته ليست عن وعي وإصرار، ولكنها اندفاعات بسبب المرض الذي يغطي على قدرات الوعي والتمييز.