موكوينا: سيطرنا على "مباراة الديربي"    موتسيبي: كأس أمم إفريقيا للسيدات المغرب 2024 ستكون الأفضل والأنجح على الإطلاق    الصويرة تستضيف اليوم الوطني السادس لفائدة النزيلات    ضمنهم موظفين.. اعتقال 22 شخصاً متورطين في شبكة تزوير وثائق تعشير سيارات مسروقة    مهرجان "أجيال" بالدوحة يقرب الجمهور من أجواء أفلام "صنع في المغرب"    طقس حار من السبت إلى الاثنين وهبات رياح قوية مع تطاير الغبار الأحد بعدد من مناطق المغرب        صادرات الصناعة التقليدية تتجاوز 922 مليون درهم وأمريكا تزيح أوروبا من الصدارة    الرئيس الصيني يضع المغرب على قائمة الشركاء الاستراتيجيين    افتتاح أول مصنع لمجموعة MP Industry في طنجة المتوسط    وهبي: أزماتُ المحاماة تقوّي المهنة    خبراء: التعاون الأمني المغربي الإسباني يصد التهديد الإرهابي بضفتي المتوسط    الإكوادور تغلق "ممثلية البوليساريو".. وتطالب الانفصاليين بمغادرة البلاد    المغرب التطواني يُخصص منحة مالية للاعبيه للفوز على اتحاد طنجة    حكيمي لن يغادر حديقة الأمراء    المحكمة توزع 12 سنة سجنا على المتهمين في قضية التحرش بفتاة في طنجة    ابن يحيى تشارك في افتتاح أشغال المنتدى البرلماني السنوي الأول للمساواة والمناصفة    بوريطة: المقاربة الملكية لحقوق الإنسان أطرت الأوراش الإصلاحية والمبادرات الرائدة التي باشرها المغرب في هذا المجال    من العاصمة .. إخفاقات الحكومة وخطاياها    مجلس المنافسة يفرض غرامة ثقيلة على شركة الأدوية الأميركية العملاقة "فياتريس"        "أطاك": اعتقال مناهضي التطبيع يجسد خنقا لحرية التعبير وتضييقا للأصوات المعارضة    لتعزيز الخدمات الصحية للقرب لفائدة ساكنة المناطق المعرضة لآثار موجات البرد: انطلاق عملية 'رعاية 2024-2025'    هذا ما قررته المحكمة في قضية رئيس جهة الشرق بعيوي    مندوبية التخطيط :انخفاض الاسعار بالحسيمة خلال شهر اكتوبر الماضي    فاطمة الزهراء العروسي تكشف ل"القناة" تفاصيل عودتها للتمثيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيين إطار ينحدر من الجديدة مديرا للمكتب الوطني المغربي للسياحة    المحكمة الجنائية الدولية تنتصر للفلسطينيين وتصدر أوامر اعتقال ضد نتنياهو ووزير حربه السابق    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    قانون حماية التراث الثقافي المغربي يواجه محاولات الاستيلاء وتشويه المعالم    توقعات أحوال الطقس غدا السبت    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    ما صفات المترجِم الناجح؟    خليل حاوي : انتحار بِطَعْمِ الشعر    الغربة والتغريب..    كينونة البشر ووجود الأشياء    الخطوط الملكية المغربية وشركة الطيران "GOL Linhas Aéreas" تبرمان اتفاقية لتقاسم الرموز    المجر "تتحدى" مذكرة توقيف نتانياهو    رابطة السلة تحدد موعد انطلاق الدوري الأفريقي بالرباط    بنما تقرر تعليق علاقاتها الدبلوماسية مع "الجمهورية الصحراوية" الوهمية    مفتش شرطة بمكناس يستخدم سلاحه بشكل احترازي لتوقيف جانح    القانون المالي لا يحل جميع المشاكل المطروحة بالمغرب    "سيمو بلدي" يطرح عمله الجديد "جايا ندمانة" -فيديو-    بتعليمات ملكية.. ولي العهد يستقبل رئيس الصين بالدار البيضاء    العربي القطري يستهدف ضم حكيم زياش في الانتقالات الشتوية    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تجدد الغارات الإسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات للسكان بالإخلاء        تفكيك خلية إرهابية لتنظيم "داعش" بالساحل في عملية مشتركة بين المغرب وإسبانيا    الولايات المتحدة.. ترامب يعين بام بوندي وزيرة للعدل بعد انسحاب مات غيتز    وفاة شخصين وأضرار مادية جسيمة إثر مرور عاصفة شمال غرب الولايات المتحدة    أول دبلوم في طب القلب الرياضي بالمغرب.. خطوة استراتيجية لكرة القدم والرياضات ذات الأداء العالي    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    تشكل مادة "الأكريلاميد" يهدد الناس بالأمراض السرطانية    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تتحول تربية وتدريب الكلاب إلى تجارة مربحة في المغرب
كلاب يصل سعرها إلى 90 ألف درهم ومؤسسات متهمة بتزوير «هوية» فصائل نادرة لرفع مداخيلها
نشر في المساء يوم 25 - 03 - 2011

الكلاب التي سبق لها أن شاركت في المسابقات المحلية والدولية، وحتى الحاصلة على الجوائز و«الأوسكارات» هي الأكثر حظوة في صفوف تجار الكلاب، وغالبا ما تكون مرتفعة الثمن،
حيث تتراوح أثمنة الأرخص منها بين 60.000 و90.000 درهم، حسب عمرها وجودتها ومستواها التدريبي.. تحولت تربية وتدريب الكلاب إلى تجارة مربحة تستهوي عشاق «أوفى صديق» للإنسان. «المساء» تسلط الضوء على مؤسسات تربية وتدريب الكلاب في المغرب وعلى طرق اشتغالها.
«ما بين 600 و700 درهم هي كلفة تلقيح الكلب الواحد ضد مرض السعار، أضف إلى ذلك كلفة مواد التنظيف التي تحتاجها الكلاب. وفي هذا الصدد، تقدم وزارة الصحة مساعدة مجانية سنوية لعدد من المراكز، لتلقيح الكلاب ضد داء السعار. غير أن الكلاب قد تحتاج أيضا إلى عمليات جراحية. وفي هذه الحالة، يتكلف المربي مصاريفها، التي تتجاوز 6000 درهم، لذلك فالمربون يتخذون جميع الإجراءات اللازمة لتوفير الطعام، الذي يجب أن تكون متوفرة فيه معايير السلامة والجودة، تفاديا لأي مشكل محتمَل. فكل الكلاب التي تتوفر عليها المراكز تكون تحت مسؤوليتها، وأي ضرر أو أذى يلحق بالكلب يتحمل المركز جميع تكاليفه،. وقد يعوض الكلب لصاحبه، في بعض الأحيان، إما بالمقايضة أو بقيمته المادية.
تجارة النوع والربح
تختلف أثمنة الكلاب حسب الفصيلة التي تنتمي إليها، من جهة، وحسب «الدروس» التي تلقتها قبليا في عدد من المؤسسات، من جهة ثانية، فالكلاب المدربة الحاصلة على التأشيرة الأولى، أي المستوى الأول، يصل ثمنها إلى 25.000 درهم، والحاصلة على التأشيرة الثانية تصل إلى 40.000 درهم، أما الحاصلة على التأشيرة الثالثة، فيتجاوز ثمنها 60.000 درهم.
هناك عدد من أنواع الكلاب المدربة تكون جاهزة للبيع عند الطلب، إلا أن بيع فصائل الكلاب ليس من مهام جميع المراكز والأندية. بالنسبة إلى المركز المغربي -الفرنسي، فإنه يهتم برعاية الكلاب وتربيتها وينصح بضرورة مراعاة الجانب الصحي لإناث الكلاب في مرحلة الإنجاب، إذ يستحسن أن تكون الفترة البينية الفاصلة بين الوضع الأول والثاني، على الأقل، سنة ونصف.
الهاجس الأساسي لدى المدربين الذين يتاجرون في الكلاب هو الحصول على أنواع شاركت في عدد من المسابقات الوطنية والدولية وحصدت مجموعة من الجوائز و«الأوسكارات»، فغالبا ما تكون مرتفعة الثمن، حيث تتراوح بين 60.000 و90.000 درهم، حسب عمرها وجودتها. ومن بين الأنواع الأكثر استيرادا من الخارج «البرجي بيلج مالينوا»، في حين تطلب الدول الأخرى التي تتعامل معها المراكز المغربية أنواعا مغربية أصيلة. ويأتي «السلوقي» و«بيرجي الأطلس»، المعروفين، بالأساس، بالاحترافية في الصيد، على قائمة الأنواع الأكثر طلبا، لذلك تحرص الجمعية المغربية لتربية الكلاب في الدار البيضاء على حماية هذه السلالة الجيدة من البيع العشوائي وكذا من الصيد غير المرخص وغير القانوني.
وتعتبر هاتان الفصيلتان محترفتين كذلك في الحراسة والدفاع، ويصل طولها إلى 60 مترا ووزنها إلى ما بين 35 و40 كيلوغراما. إلا أن مجموعة من المراكز لا تحظى بأي مساعدة من الدولة، لتربية هذين النوعين من الكلاب المغربية الأصيلة، وبالتالي لم يتم التعريف بهذه الفصائل، التي يرى بعض المربين ضرورة الاهتمام بها وتدريبها، بعيدا عن بيعها أو تصديرها إلى الخارج، على عكس الأنواع الأخرى، باعتبار التربية العشوائية لا تعطي الفصيلة الجيدة، حسب ما جاء في البحث الذي أجراه فيصل التعبودي، المدرب في المركز المغربي -الفرنسي، على سلوكيات وصفات هذه الفصائل النادرة والجيدة، التي تؤهلها إلى القيام بعدة مهام، لرشاقتها وخفتها وسرعة ذكائها في استيعاب الكثير من «الدروس» التي يسهر المركز على إعطائها. ولغياب دعم الدولة لعدد من المراكز، بالترخيص لها بتربية هذه الأصناف المميزة، مخافة التجارة فيها بطرق غير مشروعة، لم يكن أمام هذه المؤسسات سوى الاعتماد على فصائل أجنبية.
هناك عدد من المؤسسات الوهمية التي يُسيّرها أشخاص يعتمدون على شراء أنواع من الكلاب المنتشرة في الأسواق الشعبية ويتم بيعها، على أساس أنها أنواع جيدة ونادرة بأثمنة خيالية، تصل أحيانا إلى 300.000 درهم، حسب ما أفادتنا به بعض المصادر المقربة، مضيفة أن الخطير في الأمر هو كونها تتوفر على وثائق تثبت هويتها وفصيلتها، وهي ليست سوى كلاب مغربية «سوقية» بأوراق أجنبية مزورة...
ويتعدى الوضع ذلك إلى تجارة أخرى تُستغل فيها الكلاب الخطيرة والجيدة، حيث يقوم أفراد من رجال أعمال مغاربة وأجانب بتنظيم لقاءات سرية تدخل ضمن خانة اليانصيب، على شاكلة صراع «الديكة»، لكن هذه المرة ب«الكلاب»، التي تدر عليهم ملايين بل ملايير الدراهم. وقد تم -على نطاق واسع- تداول قصة إيقاف مجموعة من رجال الأعمال المغاربة والأجانب في أحد أحياء الدار البيضاء الراقية من قِبَل الجهات المسؤولة، بعد أن تلقت عددا من الشكايات، من جراء الضجيج الصادر من المصارعة الشرسة لهذه الكلاب، حسب مصادر موثوقة.
وإلى جانب هذه المؤسسات، مجهولة الاسم في غالبية الأحيان، هناك أندية خاصة تتواجد في عدد من المدن الكبرى، حيث تتراوح قيمة الانخراط فيها بين 20.000 و30.000 درهم للشخص الواحد سنويا، تضم مختلف الأنشطة والرياضات، إلى جانب تدريب الكلاب، التي لا تنخرط فيها سوى الفئات البورجوازية في المجتمع وشخصيات مهمة تستهويها «رياضة» الكلاب...
أما المراكز العادية أو «غير الممتازة»، خاصة تلك التي تربي وتدرب الكلاب في الوقت ذاته، فتقوم ببيع الفصائل للمؤسسات والأشخاص الراغبين في ذلك، سواء تلك المدربة التي يملكها المركز، أو تلك المحتضَنة من أجل التدريب فقط. ويصل مبلغ فصيلة «المالينوا»، وهي الفصيلة الأكثر تسجل أكبر إقبال عليها، إلى 5000 درهم بالنسبة إلى التي لا يتجاوز عمرها الشهرين، بينما يتجاوز ثمن هذا النوع 12.000 درهم بالنسبة إلى الكلاب «البالغة». لكنها غالبا ما تكون أقل جودة واحترافية، والاختلاف في الثمن يُحدد حسب أصول «المالينوا»، وفي جل الحالات، تحمل جينات أبوين يتمتعان بشروط العمل الاحترافي وأهلية الدفاع، وبالتالي فإن هذه الأنواع تستوعب تلقين التدريبات بشكل سلس.
كلاب المكفوفين.. خطوة فتية
أدخلت عدد من المراكز شعبة جديدة في ترويض كلاب المكفوفين، التي غالبا ما يتم تدريبها في المغرب وتُصدَّر إلى الخارج، لكثرة الطلب عليها، غير أنه في المغرب ما تزال هذه «الثقافة» محدودة جدا، ما لم نقل إنها منعدمة. وأثناء زيارة «المساء» مركزا لتربية وتدريب الكلاب هو المركز المغربي -الفرنسي، المتواجد بالقنيطرة، والذي صُنِّف كأقدم مركز لتربية وتدريب الكلاب في المغرب، قابلت الجريدة عبد الكريم السعدي، المغربي المكفوف الوحيد الذي يدرب كلبه في المركز، من أجل الإرشاد والحماية، بدل العصا، فعرض عليه المدرب فكرة تدريب كلب، بحكم أن هذه المسألة عادية ومعمول بها في الخارج...
يتلقى عبد الكريم دروسا خاصة داخل المركز المغربي -الفرنسي تحت إشراف مدربه، فيصل التعبودي، وهو مروض محترف ومسؤول بالتفويض عن المركز المغربي -الفرنسي لتربية وتدريب الكلاب، ولديه تجربة لا تقل عن 22 سنة تمكنه من «فهم» سلوك كلبه ومعرفة الطريقة الخاصة بالمكفوفين... وتتلقى نفسَ التدريبات الكلابُ للتعود على صاحبها، حتى تكون أهلا للثقة والوفاء. والمعروف عن الكلاب أنها تؤمن بمبدأ «كما تعامِل تعامَل». يقول عبد الكريم السعدي: «لم أتقبل الفكرة في البداية، خاصة أننا في مجتمع تنعدم فيه ثقافة الكلاب الخاصة بالمكفوفين، من جهة، ومن جهة أخرى، يُمنع على المواطنين استعمال الكلاب داخل وسائل النقل العمومي، لكنْ، مع ذلك، قبلتُ الفكرة، رغم كل العراقيل، ووجدت في الكلب صديقا حريصا أخاطبه حسب ما تلقيته من الدروس داخل المركز».
وحسب المدربين، ليست كل الكلاب مؤهلة لأن تكون رفيقا وفيا للمكفوف، والفصائل التي تتلقى هذا التدريب والقادرة على مرافقة المكفوف هي إما من نوع «اللابرادور» أو «البيرجي ألمان». وفي السنوات الأخيرة، تم إدخال نوع «المالينوا» ضمن الحصص التدريبية الخاصة بالمكفوف، باعتباره اجتماعيا، ويتميز بحبه للأطفال وبكونه سريع التأقلم مع الأشخاص. ويحاول المركز
المغربي -الفرنسي تعميم هذه التجربة في أوساط المكفوفين، للنجاح الكبير الذي لقيته في الدول الأجنبية ولنجاح تجربته في تريب الكلاب على هذه المهام في المغرب، لكنه، للأسف، لا يستفيد منها سوى الأجانب، الذين يستوردون هذه الأنواع، حسب قول فيصل التعبودي.
وعلى عكس المركز المغربي -الفرنسي، فإن مركز «توب كانين»، المتواجد في دار بوعزة في الدار البيضاء، لا يقوم بتربية الكلاب أو بيعها، إذ إن مهامه الأساسية مرتبطة بالمؤسسات التي يتعامل معها وبالأندية والأفراد، من خلال تدريس سلوكيات هذه الحيوانات، وهي من بين أصعب المهام التي تعترض المروضين، وحتى المحترفين منهم، لأن الحيوان، بشكل عام، والكلاب، بشكل خاص، تفترض الذكاء لمعرفة ودراسة «سيكولوجيا الكلاب» ومنهجية تطبيقها على أرض الواقع، قبل الإقدام على أي خطوة قد تُشعر الكلب بالخوف من الطرف الآخر وبالرغبة في الهجوم، حسب قول رضوان سلامة، الذي صُنِّف بين المغاربة الأوائل المعترَف بهم من طرف الفدرالية الدولية لتدريب الكلاب وراكم تجربة 23 سنة في هذا المجال.
يتعامل «توب كانين» مع عدد من شركات الأمن الخواص بالتعاقد، من أجل عقد دورات تكوينية لفائدة رجال الأمن الخواص وتعليم الحراس سلوكيات التعامل مع الكلاب الموجهة للحراسة.
كلاب لا تقبل التعنيف
يقصد هذه المراكزَ عدد من محبي الكلاب، إلا أن التصرفات غير المرغوبة من هذه الحيوانات تدفع صاحبها إلى البحث عن أي وسيلة للتخلص منها، وأغلب هذه الكلاب لا تملك أي هوية ولا تحمل اسم أي مؤسسة، كما أنها لم تتلق أي «تكوين». يقول «حسن»، صاحب كلب: «في البداية، كان الكلب هادئا، إلا أن سلوكه أخذ يتغير، لم أعد أتحمله. وبعد أن تعرفتُ على أحد مراكز تربية وإعادة تأهيل الكلاب، فكرت في أن أتخلى عنه لصالح المركز، فغيّر الأخير قراري، بعد أن اقترح علي المدرب «إعادة إدماج» الكلب وتحسين سلوكه»، لذلك فإن المدربين المحترفين لا ينصحون الأشخاص باحتضان الكلاب الضالة، لِما قد يصدر عنها من ردات فعل غير منتظَرة تضع حياة صاحبها في خطر. ولعل انتشار الكلاب في الأزقة والشوارع والأسواق يشجع الكثيرين على الحصول عليها بسهولة، لكن الكلاب مجهولة الهوية أو المدربة بشكل عشوائي تفقد الثقة في الأشخاص، ولذلك تنصح المؤسسات والجمعيات والمراكز ب«إعادة إدماج» هذه الحيوانات التي تستحق العناية، والاهتمام.
فالسلوكات السلبية الصادرة من الكلاب تشمل المدرَّبة منها أيضا، ولا يجب أن يخرج التعامل معها عن «القواعد» التي يعرفها الكلب، وإلا ستتخذ الأمور مجرى آخر، باعتبار أن لدى هذه المخلوقات قابلية فهم عدد محدود من المصطلحات، التي تتلقاها خلال الفترة التدريبية المقسمة على مراحل داخل المراكز، والتي بناء عليها يُنفذ الكلب أوامر صاحبه، وأي إشارة غير مفهومة تجعل الكلب يتصرف بعدوانية، لذلك تلحّ المراكز على الراغبين في تسجيل كلابهم على الالتزام بدقة بتعاليم المدربين المحترفين.
كلاب «مشاهير»...
«كام» هو أول كلب مغربي من فصيلة «المالينوا» يلعب «دور» الذئب في الفيلم المغربي «صمت الريح»، لمخرجه سعيد آزر. لم تكن التجربة سهلة بالنسبة إلى الممثلة المغربية سناء عكرود، التي لعبت الدور مع الكلب (الذئب) في أول تجربة لها مع الكلاب. المشهد مخيف وطريف في الوقت ذاته: أغمي على سناء عكرود في نهاية المشهد، حيث خُيِّل إليها أن الكلب ألحق بها أدى عندما ركض خلفها في غابة مظلمة، أثناء تصوير اللقطة، لكن النتيجة كانت مُرضية في نهاية المطاف...
يقول «فيصل» إن تدريب الكلاب على «التمثيل» يعد تحديا كبيرا بالنسبة إلى المدرب، والخطأ هنا غير مقبول، لأن الكلب المدرب يجب أن تتوفر فيه شروط عدة تجعله ينساق وراء أوامر مدربه، حيث تُعطى له إشارات يتلقاها الكلب، الذي يؤدي «أدوارا» بطولية في أفلام سينمائية من خلال طريقة تعامله مع الطرف المستهدف، الذي لا ترى فيه الكلاب عادة عدوا لها، وقد تهاجمه في أي لحظة، هنا تبرز احترافية المدربين في تدريب كلاب السينما.
ملك الكلاب في الدفاع
يتوفر المركز المغربي -الفرنسي على عدة فصائل من الكلاب، يتم توجيهها، حسب نوعها وفصيلتها، إلى القيام بالمهام الموكولة إليها. يتم استيراد حوالي 120 نوعا من الكلاب، من بينها نوع «البيرجي ألمان» و«المالينوا» (الملقب ب«ملك الكلاب» في الدفاع والحراسة) إلى جانب أنواع أخرى، من عدد من الدول، مثل ألمانيا، بلجيكا وهولندا...عن طريق المؤسسات الأجنبية التي تتعامل مع المراكز والمؤسسات المغربية.
يعتمد المركز -الذي ترجع ملكيته إلى فرنسيين بشراكة مغربية- في مجال تربية وتدريب الكلاب على «القانون» الفرنسي في هذا المجال، والذي وُضِع منذ حوالي 1000 سنة. ونظرا إلى التطور الملموس الذي أصبح المغرب يشهده مؤخرا في هذا المجال، ارتأت بعض المراكز المغربية، قبل 3 سنوات، ضرورة وضع قانون مغربي يأخذ بعين الاعتبار الوسط الذي تعيش فيه أصناف معينة من الكلاب، خاصة المغربية منها، أو تلك التي تحمل الجنسية الأجنبية وقضت فترة طويلة في المغرب. ونظرا إلى فعالية هذا القانون، بدأت بعض المؤسسات والمراكز الأجنبية تطبقه، لبساطته وفعاليته، على فصائل معينة من الكلاب، التي بيّنت نتائجه سهولة تأقلم الكلب معه، لكونه «أقل حدة» من القانون الفرنسي.
فترة التدريب الأنسب
تتلقى الكلاب تدريبات مضبوطة منذ الشهر الخامس، عبر عدة مراحل وتمارين، وأي تهاون من الكلب قد يقصيه من التأهل إلى البطولة أو المباريات التي تنظمها المصالح والمراكز، أو في أحسن الأحوال، قد تخصم منه النقط المحصلة، ومجموعها 160 نقطة، مقسمة على التدريبات الثلاث الأولية، ولا يتم تدريب الكلاب بشكل جماعي، إذ يتحتم على المدرب المحترف التعامل مع فصائل الكلاب حالة بحالة، دون اللجوء إلى العنف، كيفما كان سلوك الكلب، لأن الذكاء في التعامل مع هذه المخلوقات سر النجاح. ومن بين التكوينات الأساسية التي على الكلب أن يلتزم بها منعه من تناول الأطعمة المقدَّمة له من الآخرين باستثناء صاحبه، تحسبا لأي مشكل قد يعرض الكلب للخطر، خاصة أن بعض المربين العشوائيين يقدمون على إعطاء مادة «القرقوبي»، المخدرة، للكلاب، لتتحول إلى كلاب شرسة...
كلفة الاستهلاك الشهري
تعتمد أغلب المراكز المغربية على نظام موحد في تغذية كلاب التدريب، عن طريق تعامل المراكز مع شركات خاصة، تبيع غالبيتها منتوجات أجنبية، تتميز بالجودة.
ويتراوح ثمن أرخص كيس إلى ما بين 400 و800 درهم لكل 20 كيلوغراما. ويرتفع الثمن حسب جودة المنتوج، فقد يصل أحيانا إلى 1200 درهما ل20 كيلوغراما، لذلك فقد حققت الشركات الخاصة أرباحا كبيرة في تسويق منتجاتها، في ظل غياب منتجين محليين لمواد الاستهلاك الموجهة للحيوانات، باستثناء المعمل المغربي الوحيد، المتواجد في طنجة. غير أن أغلب المراكز تعتمد على المنتوجات المستوردة، نظرا إلى القيمة الغذائية التي توفرها. فالنظام الغذائي المتّبَع من طرف المربين في المراكز يكون في معظمه موحدا، إلا في حالة وجود فصائل وأنواع استثنائية. والمعروف أن الكلاب التي لم يتجاوز عمرها الخمسة أشهر تستهلك فقط المنتوج المعلَّب، المعروف ب«الكخوكيت»، التي يتهلك منها 400 غرام في اليوم، مقسمة على أربع وجبات، في حين أن الكلاب البالغة من العمر 18 شهرا تقدم لها وجبة واحدة فقط في اليوم، وتستهلك حوالي 800 غرام من المنتوج. وفي بعض الأحيان، لا تستهلك هذا المقدار بالكامل، إذا كان المنتوج غنيا ومركزا بالفيتامينات الأساسية، وهذا النوع من الأطعمة يكفي الكلاب المدربة ويضمن لها الصحة والسلامة ولا تحتاج إلى إضافة أي نوع آخر من الأطعمة، التي عادة ما يلجأ إليها المربون العشوائيون، نظرا إلى غلاء منتوج «الكخوكيت».
ويختلف الأمر بالنسبة إلى الكلاب حديثة الاستيراد، حيث إن أي تغيير مفاجئ في نوعية الطعام الذي تعودت عليه قد يعرضها للمرض. ومعروف كذلك أن الكلاب تتميز بسلوك خاص في التغذية، يحدده عاملان اثنان: عامل الوقت، أي ضرورة الالتزام بأوقات الطعام المبرمَجة مسبقا، وعامل النوعية. وبما أن بعض المراكز تتمتع بصلاحية استيراد الكلاب من الخارج، فكيف تتعامل هذه الأخيرة، إذن، في هذه الحالة؟
للمدربين المحترفين رؤية خاصة. يوضح لنا «فيصل» أن من بين الشروط التي تفرضها المراكز الحاضنة للكلاب على المؤسسات الأجنبية توفّر الكلب على «بطاقته التعريفية»، في شكل بطاقة مغناطيسية تُعلَّق على أذن الكلب (تحمل اسمه، سنه، نوعه وفصيلته...) ونسخة من القانون الداخلي للمؤسسة الأم، بما في ذلك نظامه الغذائي. إلا أن المشكل الذي تواجهه بعض المراكز هو عدم توفر بعض أنواع الأطعمة في الأسواق المغربية، مما يجبرها على مطالبة المؤسسة الأم بتزويدهم بكمية من نفس الطعام، الذي يقوم المركز في بداية الأمر بتقديمه للكلب ممزوجا بنكهة العلف المتوفر لديه، إلى أن يتعود الكلب، تدريجيا، على الطعام الجديد.


كلاب ذكية في مراكز للتدريب
لم تكن مراكز تربية الكلاب في المغرب تعرف في السابق انتشارا كبيرا، مقارنة مع تلك المتواجدة في الدول الأجنبية التي تختص في تربية وتدريب الكلاب، سواء تلك الموجهة للحراسة والدفاع أو الموجهة للبحث والتنقيب. وأغلب هذه المراكز موجهة لتدريب كلاب الحراسة والدفاع، وتتوفر على عدد من الفصائل المؤهلة لهذا الغرض. كما أنها تضم فصائل أخرى للأشخاص الراغبين في تدريب كلابهم. وتختلف هذه المراكز حسب نوعية الكلاب التي تتوفر عليها وطبيعة «الخدمات» التي تقدمها إذ يتخصص البعض منها فقط في التربية والبعض الآخر في التربية والتدريب، فيما تتكفل الأخرى بتربية نوع واحد فقط من الكلاب، وتعتمد المراكز على استيراد أنواع وفصائل من الخارج، والعكس صحيح. غير أن الملاحظ هو وجود فصيلة «المالينوا» «والبيرجي بيلج مالينوا» في قائمة الأنواع الجيدة التي تتميز عن الأصناف الأخرى بالذكاء والدقة وسهولة التعلم.. غير أنه رغم توفر المراكز على فصائل جيدة -مغربية وأجنبية- ما زال المغرب يعتمد في مجال البحث عن الأشلاء تحت الأنقاض، في حالة وقوع كوارث طبيعية، على استيراد الفصائل المدرَّبة على القيام بهذه المهام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.