عاد المنعش العقاري، الذي يتهم السلطات المحلية في مدينة فاس ب«الإجهاز» على قطع أرضية سبق أن فوتت له، إلى الواجهة من جديد، مطالبا السلطات المركزية بفتح تحقيق يشرف علية وزير الداخلية شخصيا، بعدما لم تُجْدِ تقارير سبق لمفتشين تابعين للإدارة الترابية أن أنجزوها حول ما تنشره عدد من الصحف الوطنية حول اختلالات تدبير شؤون العقار في العاصمة العلمية. وسبق لولاية جهة فاس أن ردت، في رسالة توصلت «المساء» بنسخة منها، على «تظلمات» متواصلة للمواطن حسن العمراني وقالت فيها إن جميع القرارات المتخذة في هذا الشأن قانونية، لكن هذا الأخير عاد ليرد في رسالة مطولة توصلت «المساء» بنسخة منها، بأن ولاية الجهة شنت «الحرب» على جميع مشاريعه وسحبتها منه، بتبريرات مختلفة، اعتبرها واهية. وقد استمرت تظلمات هذا المنعش العقاري لأكثر من 4 سنوات، وجه خلالها سيلا من التظلمات لعدد من المؤسسات، منها مؤسسة ديوان المظالم، التي أصدرت توصية تنصفه، لكن دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ. وكتب حول معاناته، في مختلف الصحف الوطنية، ما يقرب من 40 مقالا صحافيا، دون أن يُفتَح أي تحقيق من قبل السلطات المركزية حول «محنته»، وظهر في بعضها مرتديا «كمامة» للوقاية من وباء «أنفلونزا الخنازير»، احتجاجا على ما أسماه الظلم الذي يتعرض له. فقد فوت المجلس الجماعي سنة 1997 لهذا المنعش العقاري قطعة أرضية في منطقة «واد فاس»، من أجل إنجاز مشروع ترفيهي ورياضي، وحددت مدة الكراء في 99 سنة، لكن وزارة الداخلية، في وقت سابق، خفضت هذه المدة إلى 50 سنة، مع الزيادة في السومة الكرائية من 1000 درهم إلى 2500 درهم، قبل أن يبلغه والي الجهة، في الآونة الأخيرة، أن السلطات لم تصادق على هذا المشروع. وقد استغرب حسن العمراني هذا القرار، موردا أن عدم المصادقة على المشروع يلزم المصالح المعنية بأن تستصدر قرارا فوريا بعدم المصادقة، وهذا ما لم يتم إلى حدود الآن، يقول هذا المواطن. وقال والي الجهة، في رسالة مطولة وجهها لهذا المنعش العقاري، إن العقار المعني كان مصنفا آنذاك ضمن الملك العمومي البلدي، والذي لا يخضع قانونا لا للكراء ولا للتفويت، في حين أن الوثائق التي تضمنها الملف تؤكد أن الأمر يتعلق بعملية كراء. لكن العمراني يورد أن وزارة الداخلية سبق لها أن أكدت للوالي أنه لا يجوز التصرف في هذه القطعة التي سبق أن تعاقد معه بشأنها المجلس الجماعي، بسبب «الحقوق المكتسبة». وقال العمراني إن والي الجهة السابق، أحمد عرفة، راسل المجلس الجماعي لدعوته إلى القيام بتعديل وثيقة الكراء باستعجال، قصد المصادقة النهائية عليها. وأضاف العمراني أن السلطات قامت بتحويل العقار المتنازع بشأنه من ملك عام إلى ملك خاص منذ حوالي أربع سنوات، مما يلزم المسؤولين ب«التسوية»، كما هو الشأن بالنسبة إلى عدد من المنعشين العقاريين في المدينة، قبل أن يضيف أن الغرض الحقيقي من عملية «الاستخراج المتعمدة» هو التخلص منه. وقال هذا المنعش العقاري إن وزير الداخلية أرسل كتابا إلى والي الجهة، بعد القيام بعملية «الاستخراج»، بتاريخ 22 ماي 2007، يدعوه فيه إلى إيجاد تسوية عادلة وعاجلة لهذا الملف، لكنْ تم «حجب» مضامين هذه الرسالة. وقد اكترى العمراني قطعة أرضية تابعة للأملاك المخزنية لإنجاز مركب رياضي ترفيهي في منطقة «سايس». وحصل هذا الملف على الموافقة المبدئية بتاريخ 11 غشت 2003، لكن والي الجهة يعيب على العمراني عدم العمل على ضبط المساحة الحقيقية للعقار المراد استغلاله، كما لم يقم بأداء ثمن الكراء المحدد من طرف اللجنة الإدارية للتقييم. وبعد مرور 4 سنوات على هذا الطلب، تبيَّن أن المصلحة العامة تقضي تخصيص هذا العقار لإنجاز حي جامعي جديد من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي. وتم إشعار العمراني بإلغاء مقرر كراء الأرض لفائدته من قبل الأملاك المخزنية بتاريخ 5 ماي 2005. وقال العمراني، في رسالته، إنه استعان ب»بحث قضائي»، صدر في 15 يناير 2010، يؤكد من خلاله أعضاء اللجنة الجهوية للاستثمار أن عدم تمكن الإدارة من تحديد المساحة الحقيقية للعقار هو ما حال دون خروج مشروعه إلى حيز الوجود، وهو الأمر الذي يؤكد هذا المنعش العقاري أنه لا يتحمل فيه أي مسؤولية، لأن المسؤولية، في نظره، تتحملها إدارة الأملاك المخزنية، والمحافظة العقارية. وبخصوص أداء ثمن كراء القطعة، فإن هذا المنعش العقاري يشير إلى أنه لم يتملص قط منه، موردا أنه وجه عددا من المراسلات لإدارة الأملاك المخزنية لكي تقوم بتحديد المساحة الحقيقية للعقار، حتى يتبين له الأمر، لكن الملف ظل عالقا. وقد برر والي الجهة سحب هذا العقار من العمراني بالمصلحة العمومية وبرغبة السلطات في تخصيص القطعة الأرضية لبناء حي جامعي. لكن هذا المنعش العقاري يستغرب من هذه المصلحة العامة، بعدما مرت سنتان على هذا الاقتراح، دون أن يتحقق أي شيء منه، والأنكى من ذلك، يسجل العمراني أن المكتب الوطني للشؤون الثقافية والاجتماعية الجامعية لم يؤد ثمن هذه القطعة، وهو نفس المبرر الذي سيق لاتخاذ قرار سحبها من العمراني. ولم يقم والي الجهة باتخاذ أي قرار للفسخ.