انقشعت غيوم احتجاجات «حركة 20 فبراير» ولاحت في الأفق شمس التغيير؛ مديرية القصور والتشريفات والأوسمة تعلن أن الملك محمد السادس سيوجه خطابا إلى الأمة بعد مرور 17 يوما على مسيرات 20 فبراير، التي عمت 53 إقليما وعمالة. عقارب الساعة يوم الأربعاء تاسع مارس كانت تمر بطيئة على عموم الشارع المغربي، وخصوصا شباب «حركة 20 فبراير»، الذين اجتمعوا وأعينهم شاخصة في شاشات التلفزات من أجل متابعة مضامين الخطاب الملكي، الذي أعلن فيه الملك الشاب عن دخول المغرب فترة « الملكية الثانية»، كما سماها البعض. هو إصلاح دستوري أقره الملك استجابة لمطالب «حركة 20 فبراير»، التي ماتزال متشبثة بقرار النزول إلى الشارع في مسيرات يوم 20 مارس الجاري، وذلك في مسيرة مليونية من أجل انتزاع المطالب المتبقية، التي رفعتها الحركة، وكذا حماية المكتسبات التي أقرها الخطاب الملكي لتاسع مارس، وهو ما أكده منتصر ساخي، أحد أعضاء «حركة 20 فبراير» في تصريح ل «المساء»؛ وقال «نحن معبؤون حتى لا تقع ردة عن الإصلاحات إلى غاية الالتزام بملكية برلمانية وتقديم حلول جذرية وواقعية لمجموعة من الإشكاليات»، مشيرا إلى أن أعضاء «حركة 20 فبراير» سيظلون معبئين من أجل السهر على التنصيص على دسترة كل الإصلاحات التي وردت في الخطاب الملكي خدمة للديمقراطية في المغرب. خطاب تاسع مارس انتزع التقدير والإشادة من واشنطن، حيث أشاد به المتحدث باسم وزارة الخارجية الامريكية فليب كراولي، وقال «جلالة الملك يواصل الإصلاحات الايجابية بغية الاستجابة لتطلعات الشعب». لكن هذا الخطاب لا يشكل جوابا شاملا لمطالب بعض شباب «حركة 20 فبراير» بالرغم من إيجابيته « الخطاب أحدث نوعا من الانقسام داخل الحركة، لكن الجزء الكبير منها يعتبر بأنه إيجابي» يقول منتصر الساخي. «شباب الحركة استقبلوا الخطاب بنَفَس إيجابي» بالرغم من أن الخطاب «لم يستجب سوى لمطلب وحيد، وهو إقرار دستور جديد وديمقراطي» يقول يوسف الريسوني، أحد أعضاء الحركة، الذي تابع قائلا: «الإصلاحات كانت جيدة نسبيا، ولكنها لم ترق إلى تطلعاتنا ومطالبنا»، مشيرا إلى أن بعض المطالب فورية، فبداية استجابة السلطة لمطالب شباب «حركة 20فبراير»، حسب يوسف الريسوني، يجب أن تمر أولا عبر إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، بمن فيهم معتقلو 20 فبراير. الملك في خطابه « التاريخي» أعلن عن تأسيس لجنة تسهر على تعديل الدستور الحالي، لمباشرة مجموعة من الإصلاحات تهم استقلال القضاء والهوية الأمازيغية وتقوية سلطات الوزير الأول، لكن صيغة التعديل الحالية، الممثلة في تعيين لجنة للسهر على ذلك لم تلق القبول في بعض صفوف شباب الحركة، المتشبث بمواصلة الاحتجاجات إلى غاية الاستجابة لجميع المطالب، فيوسف الريسوني يعتبر أن اللجنة يجب أن تكون منتخبة وليست معينة، مشيرا إلى أن هذا التعيين الفوقي يشكل نوعا من «استبداد السلطة»، لكن منتصر ساخي لا يتفق معه بقوله إن انتخاب اللجنة سيؤدي إلى تكريس ظاهرة الأعيان، بالرغم من أنه أبدى تحفظا على بعض الأسماء، لكنه أكد ل «المساء» أنه يثق في قدرة بعض الأسماء على إنتاج مشروع إيجابي. بعدما أعلن الملك عن إجراء تعديل دستوري، ما يزال شباب الحركة ينتظر الاستجابة إلى مطالب أخرى منها إبعاد فؤاد عالي الهمة ومنير الماجدي من دائرة الحكم، حيث صدحت أصواتهم خلال الاحتجاجات مطالبة بإبعادهما من دائرة القرار، رافعين شعار «ثلاثي الفساد والمآسي، الهمة والماجيدي والفاسي». مطالب أخرى ما تزال الحركة تنتظر الاستجابة لها، خاصة في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، التي لم يشر إليها خطاب الملك، وهي محاكمة كل المفسدين وناهبي المال العام والثروات الوطنية ومصادرة أملاكهم والخفض من الأسعار وتوفير تعليم مجاني ذي جودة، وإلغاء الهيئات المعينة، التي تلعب بعض أدوار الحكومة ومحاربة اقتصاد الريع ومشكل العطالة.