لم يكن يتوقّع المتتبعون بمدينة كلميم أن تتطور الوقفات السلمية للتعبير عن مطالب حركة 20 فبراير إلى مواجهات دامية مع قوات الأمن، وتخريب للممتلكات العامة والخاصة. فقد انقلبت التظاهرات التي شهدتها المدينة أول النهار إلى معارك بالحجارة والزجاجات الحارقة شنّها عشرات الشباب ضد قوات الأمن التي كانت متواجدة في محيط إقامة رئيس المجلس البلدي للمدينة، حيث كان يعتزم بعض المتظاهرين الهجوم على المنزل الكائن بحي تيّرت الشعبي. وأسفرت الأحداث الدامية التي لم تتوقف لحظة على مدى أكثر من خمس ساعات، منذ زوال أول أمس، عن سقوط عدد من الجرحى في صفوف قوات الأمن والمتظاهرين على السواء. وأمام تعذّر تدقيق حصيلة الجرحى من المصادر الأمنية، فإن مصادر طبّية أوضحت ل«لمساء» أن عناصر الوقاية المدنية وسيّارات الإسعاف نقلت ما لا يقل عن 32 عنصرا من القوات العمومية، تفاوتت درجة إصاباتهم، إلى المستشفى العسكري الخامس بالمدينة، بينما بلغت حصيلة جرحى المتظاهرين الذين تمّ جلبهم إلى المستشفى الإقليمي حوالي 25. ومنذ صباح أول أمس انقسم المتظاهرون إلى فئة تقول إنها تساند حركة 20 فبراير من حيث اقتناعها بالدواعي التي ساقتها لتبرير التظاهرة، حيث تنفي الفئة الأولى وجود أي أجندة ذات طابع محلي، بينما تجمّع عشرات المحتجين أمام مقر بلدية كلميم لخّصوا كل مطالبهم في الدعوة إلى إسقاط رئيس البلدية، معتبرين أنّه يتحمّل مسؤولية عدم تشغيل أبنائهم، فضلا على إثارتهم لمواضيع متفرّقة كخدمات الصحة والجهوية والحكم الذاتي وقضايا الفن المحلي. غير أن المفاجأة حصلت لمّا تحوّل التجمع إلى مسيرة على الأقدام عبر الشارع الرئيسي للمدينة في اتجاه مقر الولاية ومنه في اتجاه المقاطعة الخامسة، وسرعان ما تحوّل اتّجاه المسيرة إلى مقر إقامة الرئيس، حيث وجد عشرات الشباب قوات الأمن التي منعتهم من الوصول إلى مقر الإقامة. وتطوّر الأمر إلى تراشق عنيف بالحجارة، خاصة وأن الوادي الصغير الذي كان يفصل بين قوات الأمن والمحتجّين دفع الشباب إلى استغلال العدد الكثيف من الحجارة لرشق قوات الأمن وسيّاراتهم، ولم يتم جلب التعزيزات الأمنية من إقليم آسا الزاك ومدينة بوزيكارن إلا بعد حوالي خمس ساعات من اندلاع المواجهات، حيث كان ضغط المتظاهرين في تزايد مطّرد. وأفادت مصادر ل«لمساء» أن تعزيزات أمنية من القوات المساعدة تم جلبها من سيدي إفني وطرفاية وطانطان، فضلا عن بعض عناصر الجيش الملكي، تحسّبا لمختلف الاحتمالات. وعلمت «المساء» أن والي جهة كلميمالسمارة، عامل إقليمكلميم، عقد اجتماعا طارئا ليلة أول أمس مع عدد من برلمانيي الجهة ورؤساء الجماعات تبادلوا خلاله التنديد بالعنف، وكشف فيه والي الجهة عن اتخاذ إجراءات استعجالية لتعزيز التواجد الأمني بالمدينة. ولدى اتصال «المساء» برئيس بلدية كلميم، عبد الوهاب بلفقيه، لأخذ تعليق حول استهداف إقامته أوضح أنه لم يكن أحد يتصور أن يتم استغلال الظروف بهذه الطريقة، وقال إن أشخاصا تعرفهم سلطات الإقليم جيّدا، وأبلغنا عنهم رسميا، استغلّوا الظرفية الحالية لتصفية الحسابات الشخصية، مضيفا «إننا سنُغلّب المصلحة العامة على المصلحة الشخصية، وسنتشبّث بمبادئ دولة الحق والقانون».