هدد سكان بواحة «تزونت»، التابعة لجماعة «أفلا إغير» في إقليمتزنيت، بتنظيم مسيرة لأبناء المنطقة من الرجال والنساء والأطفال إلى عمالة تزنيت، بعد إصابتهم بخيبة أمل من نتائج الحوار التي أسفر عليها الاجتماع الذي أشرفت عليه عمالة الإقليم، عقب الوقفة الاحتجاجية التي نظمها السكان أمام مقر شركة «أقا كولدن» المعدنية، احتجاجا على تجفيف منابعهم المائية واستنزاف الفرشة التي استمرت في التدفق على المنطقة منذ عشرات القرون. وقالت مصادر حضرت الاجتماع إن السكان عبّروا عن رفضهم المطلق نضوب عينهم المائية وركزوا على الأبعاد التاريخية لعين «تزونت» وشددوا على ضرورة التوقف الفوري للشركة عن سحب المياه من الآبار التي حفرتها وأدت إلى تضرر الواحة ونضوب عينها المائية، بشكل غير مسبوق. وأضافت المصادر أن الاجتماع، الذي شابته بعض لحظات التوتر، كاد أن يتوقف، بسبب تصلب مواقف الطرفين، حيث رفض المتضررون تحميل «مسؤولية» هذا النضوب للجفاف، فيما رفض المسؤولون تحميل المسؤولية للشركة المنجمية، قبل أن يسفر الاجتماع، في نهاية المطاف، عن تكليف مندوبية الفلاحة بإنجاز دراسة تقنية لإحداث خمسة أثقاب مائية وسط القرية، على أساس انتظار ما ستسفر عنه نتائج الشركة في بحثها عن موارد مائية أخرى في منطقة «تمداكوت»، التي تبعد عن المنجم بحوالي 7 كيلومترات. وتعليقا على نتائج الحوار، أوضح يوسف السافيري، عضو اللجنة المكلفة بالتفاوض، أن «الاجتماع لم يُفضِ إلى نتائج ملموسة، كما كنا نتوقع، وكما وعد عامل الإقليم عندما حضر الوقفة الاحتجاجية أمام المنجم، على اعتبار أن مطلب الوقف الفوري لاستنزاف الماء من آبار منطقة «أزكيغ» لم يتحقق، رغم أننا اقترحنا أجلا لذلك يصل إلى ثلاثة أشهر وصفته العمالة بالتعجيزي»، وأضاف السافيري، في تصريح ل«المساء»، أن «السكان يرفضون أن نقف مكتوفي الأيدي حتى يحين أجل الاجتماع المقبل، وهددوا بالقيام بوقفة احتجاجية أمام عمالة إقليمتيزنيت خلال العطلة الدراسية المقبلة، وإن لم تستجب السلطات لمطالبها فستنقل احتجاجها إلى وسط العاصمة الرباط، وبالضبط أمام مقر البرلمان، حيث ستساندها منظمات وهيآت حقوقية مغربية ودولية». واستطرد المتحدث قائلا إن «بعض المؤسسات الحاضرة في الاجتماع جاءت بتقارير مزورة، لا تروي الحقائق بقدر ما تروي الأكاذيب الباطلة، من قبيل قولهم إن عين «تزونت» بدأت في النضوب منذ سنة 2000، ويقولون إن لديهم إحصاء منذ سبعينيات القرن الماضي تؤكد أن صبيب العين لم يجاوز 10 لترات في الثانية، قبل أن يصل في السنة المذكورة إلى 4 لترات فقط في الثانية، وهذه ببساطة -يقول المتحدث- أكاذيب وأباطيل لا يمكن لوكالة الحوض المائي لسوس ماسة، التي لم تتأسس إلا في سنة 2002، ضبط صبيبها خلال فترة السبعينيات». وارتباطا بالموضوع، أكد عامل الإقليم رفضه أي دراسة ينجزها السكان خارج المؤسسات الرسمية، بغية إثبات الضرر الناتج عن حفر الشركة آبار منطقة «أزكيغ»، وطلب من السكان ضرورة مساهمة جمعيتهم في أداء مصاريف فاتورة الكهرباء، ولو بقدر يسير. كما أمر مسؤولي المكتب الوطني للكهرباء بعدم قطع التيار الكهربائي عن العداد المخصص لقرية «تزونت»، ولو لم يتمكن المكتب من الحصول على مستحقاته الشهرية، واعدا الساكنة المحلية بإنجاز دراسة معمقة للبحث عن مورد مائي وصفه ب«الهائل»، يتم إنجازه بالتوازي مع قيام الشركة بالبحث عن مورد مائي آخر في غضون الشهور أو السنوات القليلة المقبلة. وأشار المسؤول الإقليمي إلى أن الصحافة تضخم الأرقام الخاصة بمستوى الصبيب المائي المستخرَج من منطقة «أزكيغ»، وأنه مؤمن بألا يساهم في إفقار الأغنياء وفي ألا يزيد الفقراء فقرا، على حد تعبيره. إلى ذلك، أوضح المدير العام لشركة «أقا كولدن» أن الشركة جزء لا يتجزأ من المنطقة وتشغل حاليا ما يقرب من 30 في المائة من سكان المنطقة»، مضيفا في أعقاب رده على تساؤلات السكان الحاضرين في الاجتماع، أن الشركة «تستغل بئرا فقط من أصل خمسة آبار تم حفرها في منطقة «أزكيغ»، بصبيب مائي لا يتعدى 30 لترا في الثانية»، كما أدلى بنتائج دراسة وصفها السكان ب«الغريبة» تؤكد أن الآبار المذكورة «لا تأثير لها على عين تزونت»، ومؤكدا أن الشركة «لا يمكن أن تتغاضى عما تعانيه ساكنة المنطقة، على اعتبار أن سياسة المناجم تركز على عدم إضرار الساكنة وأن المنجم هو الذي يأتي بالحضارة إلى المناطق النائية»، مشيرا إلى أن تضامنه مع سكان «تزونت» نابع من «دواع إنسانية فقط»، يقول المدير. من جهته، أكد رئيس جماعة «أفلا إغير» اعترافه بجميع الاتفاقيات التي انعقدت في عهد الرئيس السابق بين الشركة المنجمية وسكان قرية «تزونت»، قائلا إنه بصدد البحث عن أخرى لمعالجة الإشكال، كاستعمال الطاقة الشمسية، فيما دعا المدير الإقليمي للفلاحة ساكنة المنطقة إلى «تغيير مزروعات الواحة، وفق ما يتلاءم مع ضعف الموارد المائية واستخدام نظام التنقيط»، مؤكدا أن «الشركة ليست مسؤولة عن نضوب عين تزونت»، وعبر عن استعداد إدارته للتكفل بزرع الواحة، من جديد، في إطار مخطط المغرب الأخضر، كما دعا رئيس المجلس الإقليميلتزنيت إلى «إيجاد تقاطعات بين أبعاد التنمية الثلاثة المتعلقة بالاقتصاد والتنمية والبيئة»، مؤكدا أن الحديث عن البعد الأخير «يحتوي ضمنيا على إقرار ضمني بوجود الضرر».