رفض أعضاء لجنة التعمير في الجماعة الحضرية لطنجة، بالإجماع، تفويت عقار في منطقة «الرهراه» لشركة «أمانديس»، التي تدبر قطاعي الماء والكهرباء في المدينة، لإقامة خزان مائي، وهو ما قد يشعل، وفق بعض المصادر، المواجهة بين المجلس الجماعي لطنجة وبين الشركة الفرنسية، التي تدبر قطاع الماء والكهرباء في المدينة. وقد بررت لجنة التعمير في مجلس المدينة رفضها هذا التفويتَ بسبب كون المنطقة مخصصة لبناء ملعب رياضي للسكان، وهو الملعب الذي كان مقررا أن يشيد في إطار سياسة «ملاعب القرب»، التي تدعمها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبأنه هو المتنفس الوحيد لسكان المنطقة. وكانت لجنة تضم أعضاء عن المجلس الجماعي والمياه والغابات وشركة «أمانديس»، بالإضافة إلى ممثلين عن لجنة التعمير، قد زارت المنطقة من أجل النظر في إمكانية منح بقعة أرضية أخرى ل«أمانديس»، تشتمل على مواصفات شبيهة بتلك التي أقيم فوقها الملعب. غير أن شركة «أمانديس» الفرنسية شرعت في الحفر في المنطقة المخصصة للملعب، حتى دون إذن من الجماعة الحضرية، وهو ما يطرح تساؤلات حول «الجهة» التي منحت «الضوء الأخضر» ل«أمانديس» للعمل خارج إطار القانون. وقد فوجئ أعضاء لجنة التعمير، التي اجتمعت نهاية الأسبوع الماضي، من انطلاق عملية الحفر داخل الملعب، تمهيدا لبناء الخزان المائي، دون أن يكون هناك مقرر للمجلس يسمح بذلك. وقال ممثل «أمانديس»، الذي حضر أعمال اللجنة، إن ولاية طنجة منحتهم «الضوء الأخضر» من أجل الشروع في عملية الحفر، ولم يتسن التأكد من مصدر مسؤول في ولاية طنجة من صحة هذا الادعاء. وقالت مصادر مطلعة إن عمليات حفر أساس الخزان المائي توقفت بناء على قرار أصدرته مندوبية المياه والغابات، قبل أن تستنجد «أمانديس» بوالي المدينة، الذي كان -وفق نفس المصادر- وراء السماح للشركة المذكورة ببناء خزانها فوق هذا الملعب. وبينما يقول مسؤولون في شركة «أمانديس» إن الخزان المائي سيسمح بإمداد سكان «الرهراه» بالماء الصالح للشرب وإن موقع الملعب هو المكان المناسب لإقامة الخزان المائي، نظرا إلى توفره على المواصفات المطلوبة، فإن أعضاء اللجنة يقولون إن هناك بقعا أرضية مجاورة تتوفر على نفس المواصافات يمكن بناء خزان مائي فوقها، بدل «الإجهاز» على الملعب الوحيد في هذه المنطقة. وأفادت مصادر مسؤولة «المساء» أن شركة «أمانديس» ترفض الانتقال إلى بقعة أرضية أخرى، لأنها باشرت عمليات الحفر التي قالت إنها كلفتها مبالغ مالية، رغم أنها فعلت ذلك خارج القانون وبدون رخصة، كما أن ممثلها، الذي حضر أشغال لجنة التعمير، قال إن بناء الخزان المائي في بقعة أخرى سيكلفهم مبالغ مالية إضافية. ورغم أن الشركة «الفرنسية» وعدت ببناء ملعب آخر في المنطقة، فإنن أعضاء اللجنة رفضوا ذلك، على اعتبار أن الالتزامات والوعود التي تطلقها «أمانديس» على مستوى استثماراتها داخل المدينة لا تحقق منها إلا جزءا بسيطا. وقال عبد الحميد بليطو، عضو الجماعة ورئيس مصلحة البيئة والرياضة في مقاطعة طنجة -المدينة، إنه لم يسبق ل«أمانديس» أن التزمت بوعد ونفذته وإن «سيرتها» في المدينة مرادفة ل»الوعود الكاذبة»، وطالب بضرورة فتح تحقيق فوري في ما جرى. واعتبر بليطو أن نهب ملعب من السكان ومنحه ل«أمانديس» يعتبر فضيحة بجميع المقاييس، مضيفا أن «أمانديس» كان بإمكانها أن تبني الخزان في أماكن أخرى غير الملعب، إلا أنها فضلت الترامي على مصلحة السكان. وكانت مسألة الاستثمارات التي وعدت بها «أمانديس» سكان طنجة من بين النقاط الخلافية بين عمدة طنجة السابق، سمير عبد المولى، وبين مسؤولي الشركة، إذ كان عبد المولى يعتبر أن استثمارات الشركة في المدينة ضعيفة، بالمقارنة مع مداخليها السنوية، وهو ما جعله يطالبها بالرحيل. في نفس السياق، ارتفعت الأصوات المطالبة بطرد هذه الشركة الفرنسية، بسبب فواتيرها الباهظة التي تثقل بها كاهل السكان. وينظم سكان طنجة احتجاجات مستمرة للتنديد بالفواتير المرتفعة لشركة «أمانديس»، ووجهوا في هذا السياق شكايات متعددة إلى مسؤولي الشركة، الذين يقابلونها، في مرات كثيرة، باللامبالاة، حسب ما يؤكده السكان. وقبل أيام، نظم المئات من السكان وقفة احتجاجية ضد «أمانديس»، وطالبوا والي المدينة، محمد حصاد، بمحاسبتها وب«طردها»... وقد رفع المتظاهرون شعارات تندد بمعاملة هذه الشركة للمواطنين، الذين يؤدون كل شهر فواتير الماء والكهرباء يقولون إنها تفوق قدراتهم المعيشية، كما شددوا على ضرورة «طرد» الشركة التي وصفوها بأنها «تنهب أموال الشعب بدون وجه حق». وبدا المحتجون متحمسين للشعارات التي كانوا يرفعونها، والتي لم تكن تختلف عن تلك الشعارات التي يرفعها المتظاهرون في المدن المصرية، من قبيل «الشعب يريد رحيل أمانديس».. وغيرها من الشعارات التي كان يهتف بها المحتجون، والمناهضة -في مجملها- لهذه الشركة الفرنسية.