وزارة القصور والتشريفات: الملك محمد السادس يترأس جلسة افتتاح البرلمان    رسمياً.. إعفاء السائقين المغاربة الراغبين في استبدال رخص سياقتهم بإسبانيا من اجتياز الامتحان النظري    بوعياش: المجلس الوطني لحقوق الإنسان ملتزم بالترافع من أجل إلغاء عقوبة الإعدام بالمغرب    الحكومة تهاجم الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة بعد تنقيط سلبي لجهودها في محاربة الفساد    ميراوي: 344 ألف طالب جديد بمؤسسات التعليم العالي    اليوم العالمي للصحة النفسية.. تنظيم حملة وطنية تحسيسية من 10 إلى 17 أكتوبر الجاري    الحكومة تصادق على سجل الوكالات المتعلقة بالحقوق العينية والسجل الوطني الإلكتروني للوكالات    وسط تطلعات للحفاظ على الألقاب…البرتغالي ريكاردو سابينطو مدربًا جديدًا للرجاء    إعصار ميلتون يضرب ساحل فلوريدا الأمريكية    الزفزافي يلتحق بكلية الحقوق بطنجة    أكادير.. الوالي أمزازي يترأس اجتماعا للجنة المخطط الجهوي لمحاربة الأمية    الكورية الجنوبية هان كانغ تتوج بجائزة نوبل للآداب    لا تقدم لوقف الحرب.. وإسرائيل تواصل قصف لبنان وسوريا    بايتاس: لا غبار على الموقف المغربي من الأحداث التي تقع في لبنان وفلسطين    الرباط ونواكشوط تعززان التعاون الثنائي في قطاع الصناعة التقليدية والسياحة    «السينما بين المواطنة والانتماء الإنساني» شعار الدورة 13 من المهرجان الدولي المغاربي للفيلم بوجدة    تتويج منصة "فرجة" التابعة لSNRT بلقب أفضل منصة رقمية بإفريقيا    الشاعر شوقي أبي شقرا يفارق الحياة    "صحة غزة": مقتل 28 فلسطينيا في مجزرة إسرائيلية استهدفت مدرسة بدير البلح    إسرائيل تطلق النار على 3 مواقع لليونيفيل في لبنان    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    عطب تقني يهدد سيارات كهربائية فارهة بالاحتراق    الغلوسي: تقييد وهبي لعمل النيابة العامة في جرائم الفساد سابقة خطيرة    رؤية أمل استقلالية جديدة بروح متجددة    التشغيل على رأس أولويات الأغلبية الحكومية في المرحلة المقبلة    بلجيكا.. تطبيق جديد لحساب مخاطر الإصابة بالسرطان    تقارير.. مزراوي يغيب عن الملاعب ل8 أسابيع بسبب مشاكل في القلب    غزة: منحة مغربية لتحرير شهادات 40 خريجا من كلية الملك الحسن الثاني    تداريب تكتيكية وتقنية للأسود قبل مواجهة إفريقيا الوسطى    بعد مسيرة حافلة.. رافايل نادال يعلن اعتزاله    دموع الرجال: مسلسل يعود ليحفر مكانه في ذاكرة المغاربة بعد 12 عاماً من عرضه    مزاد يبيع سترة مضادة للرصاص بأكثر من مليون دولار    تراجع الإنتاج وفقدان الثقة يقلصان حضور "كليمانتين المغرب" في أسواق روسيا    اضطراب ضربات القلب.. تطورات علاجية قائمة على الأدوية والأجهزة الطبية    التهاب الجيوب الأنفية .. الأسباب الرئيسية والحلول المتاحة    الأمم المتحدة: إبراز دينامية التنمية في الصحراء المغربية    "قسمة ونصيب" يراكم الانتقادات والتشكيك في مصداقيته    أسعار النفط ترتفع جراء وصول الإعصار "ميلتون" إلى ولاية فلوريدا    وقفة تضامنية في الرباط مع الشعبين الفلسطيني واللبناني        العثور على اللاعب الدولي اليوناني بالدوك متوفيا في منزله        الاتحاد الافريقي لكرة القدم يرشح 6 ملاعب مغربية لاستضافة كأس أمم أفريقيا 2025    توقيف ثلاثة أشخاص بسلا والقنيطرة يشتبه تورطهم في حيازة وترويج المخدرات    وفاة سجين بآت ملول.. مندوبية التامك توضح: منحه الممرض أدوية وتوفي في الطريق إلى المستشفى    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم        السعودية تستهدف جذب 19 مليون سائح في ساحل البحر الأحمر بحلول 2030        انقطاع أدوية السل يفاقم معاناة المرضى والتوقف عن العلاج واقع يهدد بالأسوإ    تغيير موعد و مكان مباراة الوداد الرياضي وشباب المسيرة    هلال: إفريقيا يتعين أن تضطلع بدور رائد في الحكامة العالمية للمحيطات هلال    جهة مراكش تحقق أداء سياحيا قياسيا    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تصحو.. أو استحالة استمرار العبودية إلى الأبد
ينبغي للغرب الترحيب وليس الخوف من الاضطرابات في مصر والشرق الأوسط
نشر في المساء يوم 13 - 02 - 2011

نشرت مجلة «الإيكونوميست» البريطانية العريقة، التي تأسست عام 1843 وتعتبر حاليا في أوساط الإنتليجنسيا الغربية «المتحدثة غير الرسمية» باسم العولمة والنظام الرأسمالي،
هذا التقرير الهام بتاريخ 3 فبراير 2011 واسم كاتب التقرير غير مذكور حسب عادة المجلة.
عاشت مصر على مدى الأيام العشرة الماضية فترة مثيرة وقلقة تأرجحت بين خوفين: من استبداد نظام إلى استبداد ثورة. الاحتجاجات التي بدأت ببضعة آلاف من الناس في 25 يناير تصاعدت إلى ذروة مثيرة في 1 فبراير عندما احتشد مئات الآلاف في ميدان التحرير وسط القاهرة مطالبين بإسقاط حسني مبارك ونظامه، ومن ثم تدهور الوضع إلى العنف عندما هاجم «بلطجية» من أنصار الرئيس المتظاهرين بوحشية.
استحالة استمرار العبودية
لكن على الرغم من تلك الصور الفوضوية القبيحة التي شاهدناها عندما هوجم المتظاهرون، ينبغي للغرب أن يرحب بهذه التطورات المثيرة في مصر، حيث يتذوق بلد عربي مسحوق ومضطهد طعم الحرية لأول مرة منذ عقود طويلة.
فقد شهد الشرق الأوسط في غضون أسابيع قليلة وبصورة إعجازية، سقوط مدو لحاكم مستبد، وترنح آخر يحكم أعظم دولة عربية منذ 30 سنة. العالم العربي الذي يتكون من 350 مليون نسمة يضج بالتوقعات، حيث انكشفت هشاشة حكامه المستبدين، الذين يعانون من الشيخوخة الجسدية والفكرية.
هذه الأحداث الملهمة تذكرنا بالحقيقة الكونية التي تؤكد استحالة أن يبقى الناس مستعبدين إلى الأبد.
بالنسبة لبعض الدول الغربية التي كانت تتبع استراتيجية خاطئة تميل إلى تقديم وتفضيل الاستقرار على وجود الديمقراطية في تعاملها مع دول الشرق الأوسط، فإن هذه التطورات تبعث على القلق. إنهم يجادلون قائلين: الآن وقد نجحت الاحتجاجات في امتصاص الحياة من نظام السيد مبارك فإن الذي سيملأ الفراغ ليس الديمقراطية ولكن الفوضى والفتنة أو الإخوان المسلمون المناهضون للغرب وإسرائيل. ويستنتجون أن على أمريكا أن تضاعف جهودها لتأمين «انتقال مدبر للسلطة» يدار من قبل أمريكا ويستمر لأطول فترة ممكنة، إما بمساندة وتدعيم فوري لكرسي السيد مبارك لكي لا يسقط، أو إيجاد أي شخص مثله ليواصل قيادة ذلك النظام المتهالك.
خرافة التخويف من الإخوان المسلمين
ولكن سيكون مثل ذلك التصرف خطأ فادحا. فالرفض الشعبي لمبارك يقدم أفضل فرصة للإصلاح في الشرق الأوسط منذ عقود. إذا لم يدعم الغرب شعب مصر في سعيه لتحديد مصيره بنفسه، فإن حججه ودعواته من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في أماكن أخرى من العالم لا قيمة لها. نعم، التغيير قد يجلب مخاطر، وكيف لا يجلبها بعد فترة طويلة من الإستبداد؟ ولكن البديل سيكون مواصلة نظام قمعي كئيب وغير شعبي.
الثورات لا يجب أن تكون مثل تلك التي حدثت في فرنسا في 1789، وروسيا عام 1917 أو حتى في إيران عام 1979. الاحتجاجات التي تجتاح الشرق الأوسط لديها قواسم مشتركة كثيرة مع الثورات ذات الصبغة «الشعبية» التي غيرت خريطة العالم في أواخر القرن 20 فهي: «سلمية» (حتى بعد هجوم بلطجية مبارك على المتظاهرين) و«شعبية» (فلا يوجد روبسبير أو تروتسكي يديران الأمور من وراء الكواليس)، و«غير دينية» (فالشعارات الإسلامية لا تكاد تسمع). ولأنها ثورة مدفوعة بالشعب الذي يعتبر مصدر السلطات، فإن ثورة مصر يمكن أن تؤدي إلى عمليات تحول «حميدة» في الشرق الأوسط كما هو الحال في أوروبا الشرقية.
المتشائمون يشيرون إلى أن مصر ليس لديها مؤسسات ولا قيادة سياسية بديلة لضمان انتقال سلس للسلطة. ولكن لو كانت تلك الأمور موجودة فإن الناس لن ينزلوا إلى الشوارع. لا يمكن أن تخرج ديمقراطية مكتملة من مخلفات نظام السيد مبارك. ولذلك، يبدو من المرجح أن الاضطراب سيستمر بعض الوقت. ولكن رغم فقر مصر، فإنها تملك نخبة متعلمة ومحنكة، وهناك طبقة وسطى متعلمة جيدا ولديها إحساس قوي بالفخر الوطني. وهذه أسباب وجيهة للاعتقاد بأن المصريين يمكنهم الخروج بسرعة من أي حالة فوضوية بسلامة.
أيضا الخوف من الإخوان المسلمين أمر مبالغ فيه على أية حال. صحيح أن الإخوان أنتجوا أيمن الظواهري الذي يعتبر المنظر والرجل الثاني بعد أسامة بن لادن، كما أنتجوا كتابات سيد قطب، مفكر الاخوان الأول في الخمسينيات والستينيات وهي بالتأكيد كتابات غير متسامحة ومعادية للغرب. أي حكومة مصرية جديدة، لا سيما إذا شملت الإخوان، ستكون على الأرجح أكثر قسوة على إسرائيل وأكثر تعاونا مع حماس التي ترفض وجود إسرائيل.
ولكن الإخوان المسلمين مجموعة تحتوي على تنوع واختلاف فكري، وأصبحوا حاليا ومع مرور الزمن وخوض تجارب قاسية بالتأكيد أكثر مرونة وبرغماتية مما كانوا عليه في الماضي. وبالرغم من رغبة بعضهم إلغاء معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل الموقعة عام 1979، فإنهم بالتأكيد سيفكرون بحكمة لأنهم قد لا يفضلون مخاطرة دخول حرب أخرى مع إسرائيل. ولا يبدو حتى أن هناك احتمالا قويا أن يكتسحوا الانتخابات. وهي بالفعل جماعة تحظى بالاحترام الشعبي لانضباطها وصلاحها ومرونتها، ولكن التقديرات المتفائلة حول شعبيتها لا تزيد عن 20% مع تناقص مستمر. وإذا حصلوا على نسبة تفوق ذلك وربما حتى الفوز بالسلطة من خلال صناديق الاقتراع، فإن البعض يخشى من أنها قد لا تسمح بتداول السلطة. ولكن مثل هذه الحجة ليست مؤكدة لأن أمثالهم من الإسلاميين يشاركون بالفعل في الانتخابات في بلدان مثل تركيا وماليزيا واندونيسيا حيث تسود الديمقراطية ويتم تداول السلطة. إذا أردنا أن تزدهر الديمقراطية في مصر، فيجب أن يسمح للإخوان بحق التنافس على السلطة مثل غيرهم، ودرس الأسابيع القليلة الماضية أثبت أن البديل للديمقراطية هو طريق مسدود. ومنذ عدة سنوات أصبحت مصر أكثر قمعا بشكل لا يعقل لأنها لم تعد قادرة على تجديد مؤسساتها أو توفير فرص عمل لشبابها الثائر. إن ترك 85 مليون شخص يعيشون في ظل ديكتاتورية - تساندها قوة شرطة وحشية مع طبقة رجال أعمال فاسدة، وقمع لأي معارضة حقيقية وتعذيب السجناء السياسيين - لن يكون مجرد خطأ من الناحية الأخلاقية، بل سيكون أيضا بداية اشتعال فتيل انتفاضة قادمة. البعض يفضل تعيين «رجل قوي جديد» ومن ثم انتظاره لتهيئة الظروف لإقامة ديمقراطية علمانية. ولكن المستبدين نادرا ما يضعون خطة لإزالة أنفسهم كما تشهد بذلك الحالة المحزنة للشرق الأوسط.
باراك ومبارك
على الرغم من الصعوبات التي لا شك فيها على المدى القصير، فإن حتى ولادة ديمقراطية فوضوية قد تكون جائزة ثمينة للغرب في نهاية المطاف، وليس فقط للمصريين. يمكن ل «مصر ديمقراطية» أن تكون مرة أخرى منارة ملهمة للمنطقة. ويمكنها أن تساعدنا في الإجابة على لغز كيفية دمج الإسلام في ديمقراطيات عربية. ورغم أن إسرائيل قد تخشى التهديدات على حدودها، فإن حكومة مصرية يرضى عنها شعبها قد تساهم يوما ما في التوصل إلى تسوية مقبولة بين الإسرائيليين والفلسطينيين وستكون حتما أفضل من «سلام بارد» ناتج من حكومة مبارك الاستبدادية.
يمكن للغرب المساعدة لتحقيق هذه الجائزة بعد أن تضررت سمعته من تفضيله للاستقرار على الديمقراطية، لكن يمكنه أن يعمل تعديلات الآن. أمريكا على وجه الخصوص لا يزال لديها نفوذ قوي على نخب مصر السياسية والعسكرية والتجارية. وإذا استعملت هذا النفوذ جيدا، فيمكن أن تساعد على سرعة الانتقال من الاستبداد من خلال قليل من الفوضى لينبثق نظام جديد وبالتالي تحسن مكانتها وسمعتها في المنطقة. الأحداث في مصر قد تسبب عصبية للغربيين، ولكن عندما يطالب الشعب المصري بالحرية وتقرير مصيره، فإنهم يريدون نفس الحقوق التي يملكها الغربيون. ليس هناك ضمانة بأن ثورة مصر سوف تحول الوضع للأفضل. ولكن هناك شيء وحيد مؤكد ويقيني وهو أن الاستبداد يؤدي إلى الاضطراب، وأن أفضل ضامن للاستقرار هي الديمقراطية والمزيد من الديمقراطية.
كاتب ومترجم سعودي مقيم في المغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.