تعيينات أمنية جديدة لتعزيز الكفاءة والجاهزية بالناظور والحسيمة    المغاربة ينتظرون انخفاض أسعار المحروقات وسط تراجع النفط عالميا    لقجع: المغرب يراهن على كأس العالم 2030 كرافعة للتنمية والترويج السياحي    جامعة الكرة والمكتب الوطني للسياحة يوقعان اتفاقية "المغرب أرض كرة القدم"    أكادير.. توقيف ثلاثة أشخاص بحوزتهم أزيد من 3000 قرص مخدر و2.5 كلغ من الشيرا للاشتباه في ارتباطهم بشبكة لترويج المخدرات    باها: الضغط يزداد في "خروج المغلوب"    جيد يقود الطاقم التحكيمي للديربي    منع جماهير اتحاد طنجة من حضور ديربي الشمال بتطوان    تجديد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء يقضي على آمال نظام الجزائر    العواصف تُلغي رحلات بحرية بين طنجة وطريفة    الدكتورة نعيمة الواجيدي تناقش أطروحة الدكتوراه للباحثة ثروية أسعدي    مكناس.. البواري يزور ورش تهيئة موقع الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    هجمات سيبرانية على مواقع مغربية ونفي رسمي لاختراق بيانات حساسة يثير تساؤلات حول الحماية والاستراتيجيات    في مناظرة «المعارضة السياسية والمشاركة في صنع القرار: أي دور لبناء التوازن السياسي في البلاد؟» بمؤسسة HEM    طنجة.. توقيف مدير سابق بقناة "ميدي 1 تيفي" على خلفية شكاوى بالنصب والاحتيال    تقرير: المغرب مُهدد بفوات قطار الذكاء الاصطناعي بسبب غياب النصوص التشريعية    منخفض جوي يقترب من المغرب: توقعات بتقلبات جوية وأمطار نهاية الأسبوع    حين تحدّث الملك فاهتزت الإمبراطورية    في قلب العاصفة: قراءة في ديناميكيات إقليمية متصاعدة وتداعياتها    الصحراء المغربية: دعم دولي وارتباك جزائري    اكتشاف حصري لبقايا مستعر أعظم جديد ي عرف باسم "سكايلا" بأكايمدن    أخبار الساحة    تعيين بدر القادوري مديرا رياضيا جديدا لفريق المغرب الرياضي الفاسي    السعودية توقف آلاف المخالفين وتشدد إجراءات الدخول تمهيدا للحج    المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان تطلق برنامج "نقلة" لتكوين المكونين في مجال الحق في بيئة سليمة    الدولار يتراجع 1,14 بالمائة أمام اليورو    أرقام مقلقة.. انقطاع أزيد من 2500 تلميذ عن الدراسة في "إعداديات الريادة" الجديدة    تأكيد الولايات المتحدة لمغربية الصحراء يثير تفاعلا واسعا في الإعلام الدولي    أحزاب المعارضة تطالب بجلسة برلمانية للتضامن مع فلسطين    بووانو يسائل وزير التشغيل والكفاءات عن حيثيات وأضرار الهجوم السيبراني على وزارته    اتهامات ب "الإهمال" في مستشفى الحسيمة بعد وفاة سيدة أثناء عملية جراحية    مجلس النواب يستعد لافتتاح الدورة الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025    بعد 30 سنة من العطاء.. الدوزي يشارك تجربته الفنية بجامعة هارفارد    أجواء سيئة تغلق الميناء في بوجدور    الجديدة جريمة قتل إثر شجار بين بائعين متجولين    المنتخب الوطني المغربي سيدات ينهزم أمام نظيره الكاميروني    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    فنانون مغاربة يطلقون نداء للتبرع بالكبد لإنقاذ حياة محمد الشوبي    الطرق السيارة بالمغرب تتعزز بخط جديد يربط مراكش بآسفي    الهزيمة القاسية تغضب أنشيلوتي    عوامل الركود وموانع الانعتاق بين الماضي والحاضر    من قال: أزمة السياسة "ليست مغربية"؟    لحسن السعدي يفتتح جناح "دار الصانع" في معرض "صالون ديل موبايل ميلانو 2025"    الصين تتوعد باتخاذ "تدابير حازمة وشديدة" ردا على رسوم ترامب الجمركية    تيرازاس: الأزياء في المشاهد السينمائية ليست ترفا.. وعمل المصممين معقد    معرض الطاهر بنجلون بالرباط.. عالمٌ جميلٌ "مسكّن" لآلام الواقع    حادث اصطدام عنيف بين ثلاث سيارات يُخلف مصابين باكزناية    «طيف» لبصيرو «مائدة» العوادي يتألقان في جائزة الشيخ زايد للكتاب    آيت الطالب يقارب "السيادة الصحية"    دراسة: السكري أثناء الحمل يزيد خطر إصابة الأطفال بالتوحد واضطرابات عصبية    تقليل الألم وزيادة الفعالية.. تقنية البلورات الدوائية تبشر بعصر جديد للعلاجات طويلة الأمد    إشادة واسعة بخالد آيت الطالب خلال الأيام الإفريقية وتكريمه تقديراً لإسهاماته في القطاع الصحي (صور)    دراسة: أدوية الاكتئاب تزيد مخاطر الوفاة بالنوبات القلبية    العيد: بين الألم والأمل دعوة للسلام والتسامح    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    طواسينُ الخير    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سيناريوهات الرحيل الوشيك
نشر في المساء يوم 11 - 02 - 2011

بعد مرور أسبوعين على انطلاق الثورة المصرية، يمكن استخلاص ثلاثة أمور رئيسية:
الأول، أن المطالبين بالتغيير ما زالوا متمسكين بمطالبهم، ويعدون أنفسهم لحرب طويلة.
الثاني، أن النظام وبعد أن التقط بعض أنفاسه بدأ يأكل أبناءه، الواحد تلو الآخر ويلقيهم إلى الثوار على أمل امتصاص جزء من نقمتهم.
الثالث، تكالب مجموعة من الانتهازيين لركوب حصان الثورة والتطوع دون تفويض للتفاوض باسمها.
الرئيس حسني مبارك الذي يطالب الثوار من الشباب بخلعه، كمقدمة لمحاكمته، ما زال يمسك بمعظم الخيوط ويدير الدولة بالطريقة نفسها التي كان يديرها بها قبل الثورة، ويتصرف كأنه سيعيش أبد الدهر. ومن الواضح أن ثقته بنفسه تتزايد مع كل جولة تفاوض مع المعارضة وممثليها.
اللواء عمر سليمان، رئيس جهاز المخابرات ما زال يؤدي الدور نفسه الذي أداه على مدى العشرين عاما الماضية، أي دور الواجهة للرئيس مبارك وحامل الملفات الصعبة، فالمفاوضات التي تجري حاليا بين ممثلي المعارضة، ولا نقول الثورة، تتم فعليا مع الرئيس مبارك أو بالأحرى مع قناع الرئيس مبارك، وتحت عنوان الإصلاحات السياسية بعد إجراء التعديلات الدستورية، وذريعة ضرورة وجود الرئيس في السلطة باعتباره الشخص الوحيد المخول بالتوقيع وبالتالي تنفيذ التعديلات المطلوبة.
لإضفاء شيء من المصداقية على نوايا النظام في الإصلاحات، أقدم الرئيس مبارك على تنفيذ «مجزرة» لتطهير الحزب الحاكم من كل رموزه السابقة المكروهة، بداية بعزل ابنه جمال من لجنة السياسات، وإبعاد «بطريرك» الحزب الوطني صفوت الشريف، وإحالة مجموعة من الوزراء ورجال الأعمال على المساءلة القانونية بتهم الفساد، من أمثال اللواء حبيب العادلي وزير الداخلية، وأحمد المغربي وزير الإسكان، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة، وأحمد عز ملك الحديد.. وغيرهم.
خطوة النائب العام بتجميد أموال ومنع سفر هؤلاء ظلت منقوصة وغير مقنعة في الوقت نفسه، لأنها لم تقترب من الرئيس مبارك نفسه أو نجليه علاء وجمال، في وقت قدرت فيه صحف غربية -بينها صحيفة «الغارديان» البريطانية و»دير شبيغل» الألمانية- ثروتهم بأكثر من أربعين مليار دولار كحد أدنى وسبعين مليار دولار كحد أعلى.
نحن الآن أمام سيناريوهين متصادمين: الأول سيناريو الثورة الذي يريد الإطاحة بالنظام ورأسه معا في أسرع وقت وأقصر مدة زمنية، لكي يتحقق التغيير ويبرز النظام الديمقراطي التعددي الجديد ومؤسساته. والثاني سيناريو النظام الذي يستخدم كل أساليب المناورة من أجل كسب الوقت والرهان على تعب الثورة والثائرين، وتعب الشعب المصري أيضا، ويتم التسليم في النهاية بالأمر الواقع، أي إجراء إعادة صياغة للنظام واستمراره في السلطة بوجوه أخرى، من الصف الثاني ربما، وهذا ما أطلق عليه توني بلير التغيير المنضبط أو المتحكم فيه.
الجيش المصري يراقب الموقف عن كثب وجنرالاته الكبار ينفذون أجندات خفية متفقا عليها مع قوى خارجية، على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية. ولا نعرف كم ستطول فترة المراقبة هذه، ومتى سيتم التدخل عمليا لإنهاء هذا الوضع المتوتر.
هناك من يتحدث عن احتمال تفجر صراعات داخل النظام، فالرجل هرم ومريض، وقد يقرر فجأة -تحت وطأة التهديد، وربما الابتزاز (من خلال كشف بعض الفضائح بعد الكشف عن الثروات)- المغادرة، ومن غير المستبعد أن يلجأ بعض المقربين منه، وبتعليمات خارجية، إلى استخدام سيناريو المشير عبد الحكيم عامر أو سيناريو ياسر عرفات.
الصراع سيتأجج في الأيام والأسابيع المقبلة حتما، وقد يتطور في اتجاهات خطيرة جدا، فالشباب الثائر لن يقبل بأن يتحول ميدان التحرير إلى «هايد بارك»، محاط بالدبابات، وتتقلص مساحته يوما بعد آخر. والنظام لا يمكن أن يتحمل الخسائر الاقتصادية بسبب الشلل الراهن في مناحي الحياة والاقتصاد. وهناك من يقدرها بثلاثمائة مليون دولار في اليوم. ومن المعتقد أن تهرب معظم الاستثمارات الخارجية يوم الأحد المقبل عند إعادة فتح البورصة مجددا، الأمر الذي قد يعني مضاعفة حجم الخسائر قبل إغلاقها والتي زادت عن ثمانين مليار جنيه مصري. وربما يفيد التذكير بأن هذا الجنيه انخفض إلى أدنى مستوى له منذ ستة أشهر فور افتتاح البنوك جزئيا يوم أمس الأول (يقصد السبت) وما زال في هبوط.
أكبر اختراق حققه النظام حتى الآن هو تفتيت وحدة الصف المعارض من خلال جر ممثليه إلى طاولة الحوار، فقد حصل على اعتراف أو شرعية لا يستحقها، خاصة من جماعة الإخوان المسلمين، وهي جماعة قد تؤدي «براغماتية» بعض قياداتها إلى شقها وتقسيمها إذا لم تتدارك خطأها وتخرج بسرعة من مصيدة الحوار هذه، وتَعُدْ إلى ميدان التحرير، وميادين المدن الأخرى، لتصعيد لهيب الثورة.
الرئيس مبارك يرفض التنحي ويصر على البقاء في الحكم حتى نهاية مدته الرئاسية في شتنبر المقبل، قد يدفع بالبلاد إلى العنف، فالشباب الثائر أكثر عنادا منه من حيث التمسك بمواقفه والإصرار على تنفيذ مطالبه كاملة، وأكثر استعدادا لتقديم التضحيات والدماء من أجل ألا يخرج مهزوما.
لجان الحكماء التي نمت، وترعرعت، في مصر في الأيام الأخيرة، ونصبت نفسها وسيطا بين الثوار والنظام دون أن يكلفها أو يطلب مساعدتها الثوار، وإنما تطوعت لإنقاذ نظام منهار. هذه اللجان تذكرنا بحكمة الرئيس مبارك نفسه، التي تجلت في أبشع صورها قبيل الغزو الأمريكي للعراق عندما طالب الرئيس صدام حسين بالتنحي من أجل إنقاذ العراق.
صدام حسين رفض التنحي، لأن من يطالبونه به كانوا من الغزاة الأجانب، الذين أرادوا احتلال بلاده وإذلال شعبه، ففضل الصمود، ومن ثم الانتقال من سدة الرئاسة إلى خندق المقاومة، وفضل الموت شهيدا وهو رافع الرأس أمام مقصلة المحتلين وأعوانهم.
من المفارقة أن من يطالبون الرئيس مبارك بالتنحي هم أبناء شعبه، ومن أجل مصلحة مصر، ومن يريدون بقاءه هم الأمريكان والإسرائيليون وبعض الأنظمة العربية التي تواطأت طوال السنوات الماضية على تحجيم مصر وتجويع شعبها، مثلما تواطأت لتدمير العراق وشعبه وإلغاء دوره وترميل مليون من نسائه وتيتيم أربعة ملايين طفل من أبنائه.
لم تبق في يدي الرئيس مبارك إلا ورقة واحدة لإنقاذ نفسه وأسرته، وليس نظامه، وهي التنحي والمغادرة فورا، بعد أن قدم كل ما في جعبته من تنازلات أخرى مثل التخلي عن التوريث والحزب ومافيا رجال الأعمال، ولم تجد أي تجاوب من الثوار الشباب.
في معركة عض الأصابع، لن يصرخ الشباب اليافع أولا وإنما النظام المريض الهرم الفاسد، فهذه هي سنة الحياة، وهذه هي دروس التاريخ.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.