تعد آلام الصداع النصفي من أكثر الآلام التي يعرفها الإنسان قسوة، حيث تلي أوجاع السرطان في ضراوتها ومقاومتها للمعروف من المسكنات الشائعة للألم. وتنبع الحيرة في علاجها من غياب معرفة السبب الحقيقي المسؤول عن حدوثها. تبدأ آلام الصداع النصفي عادة بأعراض تختلف حدتها من إنسان إلى آخر، منها الإحساس بالغثيان وازدياد عدد نبضات القلب وسرعة التنفس وومضات الضوء السريعة في العين وربما سماع أصوات كرنين الأجراس، وقد تبدأ النوبة فجأة فيداهم الإنسانَ ألم مباغت عادة في ناحية واحدة من الرأس. وفى حالات أقل، قد تحدث بالتبادل بين نصفي الرأس، لذا يطلق على هذا النوع الصداع النصفي أو «الشقيقة». ويعزو الأطباء هذه الظاهرة إلى انقباض الشرايين في أحد نصفي المخ لفترة يعقبها اتساع فيها، الأمر الذي ينتج عنه الضغط على خلايا المخ المجاورة وانتفاخها بما فيها من ماء «Brain Oedema»، وتلك التغيرات الفيزيولوجية هي السبب في تلك الآلام القاسية التي قد تعوق الإنسان عن النهوض من فراشه لأداء أبسط مهام حياته اليومية. كيف تبدأ تلك التغيرات ولماذا تبدأ؟ ظل هذا السؤال في حاجة إلى إجابة ما زال العلم يبحث عنها. كان رصد نوبات الألم ومراجعة الظروف التي يعيشها الإنسان من ضغوط نفسية أو مصاعب حياتية، أيا كان نوعها أو أسلوب الحياة أو طريقة خاصة في الطعام، محل دراسة كان من النتائج التي أعلنها العلم أن للطعام أثرا مباشرا في تحفيز نوبات الصداع النصفي، الأمر الذي يجعل تفادي هذه الأطعمة ضربا من الوقاية من تلك النوبات القاسية. وتضم القائمة التالية الأطعمة المحفزة على بداية نوبات الصداع النصفي: -الشوكولاطة بكل أنواعها، -من الفواكه: الحمضيات، مثل البرتقال، الليمون، الليمون الحلو، الجريب فرويت وكل الفواكه المجففة، مثل الزبيب والمشمش والقراصيا، الموز، البابايا، -من الخضراوات والحبوب: الفاصوليا، البسلة، العدس، الفلفل الأحمر الحار، الزيتون والبصل، -من منتجات الألبان: اللبن، القشدة، اللبن الرايب، أنواع الجبن القديمة من الشيدر، البارميزان، الإنتال، الروكفور، -من أنواع المكسرات: الفول السوداني، -من البذور: بذور السمسم، القرع العسلي، عباد الشمس، -الخميرة، في حالتها الطازجة، -ما يضاف لحفظ الطعام أو لإعطائه نكهة خاصة: مثل كل ما يضاف للطعامين الصيني والياباني، -بدائل السكر: الإسبارتم، نيوتراسويت، -من المشروبات: البيرة، كل أنواع النبيذ كافة، وكل الكحوليات عامة، من اللحوم والدواجن: كل الأعضاء في اللحوم والدجاج (الكبد، الكلاوي، القوانص، القلوب)، الأسماك المجففة والمملحة، مثل الفسيخ والرنجة والسمك البكلاة. كل أنواع السجق والبسطرمة وكل ما يحتوى على عنصر نترات الصوديوم لحفظه. قد يقي تفادي تلك الأطعمة في طعام الإنسان، بالفعل، من التعرض لتلك النوبات القاسية من الصداع النصفي، لكنْ تبقى هناك بعض المؤثرات الأخرى التي يجب أن يحرص الإنسان على محاولة الهرب منها، خاصة الضغوط العصبية المستمرة التي يغذيها القلق والرغبة في تدمير المشاكل وليس في حلها. ومن الأمور التي تفيد كثيرا في تفادي آلام الصداع النصفي أو على الأقل تخفيف حدتها تمارين التنفس العميق واستنشاق بعض من الأبخرة لزيوت معينة، مثل اللافندر واللوز واستخدام الكمادات الباردة على الرقبة أثناء الأزمة، إلى جانب الخلود إلى الراحة في فراش هادئ وغرفة جيدة التهوية، قليلة الإضاءة. ولم يُثبت، إلى الآن، أي علاج جدارته في القضاء على الصداع النصفي، ويظل أمره بيد المريض نفسه، الذي عليه دائما أن يبحث عن وسيلة شخصية يلجأ إليها للراحة من تلك الآلام، إذ إن الأدوية تظل ذات تأثيرات مختلفة على الإنسان. ويرى البعض أن تمارين الاسترخاء وممارسة التأمل رفاهية ليست من حق الإنسان البسيط، إنها في الواقع باب السلام النفسي الذي نعرفه اسما لم نحاول أبدا تحويله إلى فعل، رغم أنه فعل متعد ولازم في الوقت نفسه، في كل اللغات، وأولها العربية.