عاش مستشفى محمد الخامس بطنجة، نهاية الأسبوع الماضي، حالة استنفار قصوى بعدما حاول شخص الانتحار برمي نفسه من أعلى سطح المستشفى احتجاجا على عدم إسعاف والده بقسم المستعجلات. وتجمع العشرات من أهالي المرضى الموجودين داخل المستشفى إضافة إلى ممرضين وموظفين خارج المستشفى محاولين إقناع هذا الشخص التراجع عن عملية الانتحار التي كان يهدد بالقيام بها. وقالت مصادر مطلعة إن والد هذا الشخص كان يعاني صعوبات في التنفس، ولم يجد أي طبيب يعالج مرضه ويقدم له الإسعافات اللازمة حتى يستعيد تنفسه بشكل طبيعي، لذلك صعد إلى أعلى سطح المستشفى وهدد بالانتحار إذا لم يتم إسعاف والده في أقرب وقت. من جهتها، قالت مصادر طبية إن المريض كان يعاني من مرض في القلب، وإن مشكلة التنفس التي يعاني منها مرضى القلب من حين لآخر، تحتاج إلى طبيب مختص من أجل الكشف عنها، غير أنه في الوقت الذي دخل فيه المريض إلى المستشفى، لم يكن أي طبيب متخصص في أمراض القلب موجودا، وهو ما تسبب في هذا التوتر، وفق ما أكدته نفس المصادر. التي أضافت أن هذا الشخص هدد بالانتحار بعدما أخبر بأن طبيب القلب الذي سيعالج والده غير موجود، لذلك عليه الانتظار حتى يتم الاتصال به. غير أن مصادر أخرى أشارت إلى أن محاولة الانتحار هذه تكشف عن ظاهرة خطيرة يعرفها مستشفى محمد الخامس، وهي تسلل أطباء نحو عيادات خاصة لإجراء عمليات جراحية مقابل أجور مغرية، في الوقت الذي يبقى المرضى بدون أي عناية في مستشفى محمد الخامس. وكشفت محاولة الانتحار أيضا عن كون معظم الأطباء المتخصصين العاملين داخل مستشفى محمد الخامس هم متعاقدون مع مصحات خاصة، وبالتالي فإن الأولوية غالبا ما تعطى لهذه المصحات على حساب المركز الاستشفائي، وهو ما حذرت منه مصادر نقابية داخل المستشفى في مناسبات سابقة. ويتسبب هذا الوضع في مضاعفات صحية خطيرة يعاني منها، على الخصوص، مرضى القلب والرأس والدماغ. وحتى في حال وجود أطباء، فإنهم يتأخرون عن مرضاهم لساعات طويلة بسبب التزاماتهم في المصحات الخاصة. وكان مهاجر إفريقي، فقد حياته بعدما ألقى بنفسه من الطابق العلوي لمستشفى محمد الخامس قبل بضعة أشهر، بعدما لم يلق أية عناية بالمستشفى، في الوقت الذي كان يعاني صحيا وإنسانيا، نظرا لأنه وحيد ولا يتوفر على أي جهة يمكنها أن تقدم له الدعم. وكانت هيئات نقابية مكونة من أطباء وممرضين وموظفين، نظمت قبل بضعة أيام وقفة احتجاجية على تردي الأوضاع داخل المستشفى، سواء في ما يتعلق بوضعية الأطباء، أو فيما يتصل بأجهزة المستشفى المعطلة منذ أسابيع. واستنكر المحتجون «عدم تحرك إدارة المستشفى نحو إصلاح الأعطاب التي تصيب باستمرار جهاز «السكانير»، الشيء الذي يضطر معه المرضى الراغبون في إجراء الفحوصات بواسطة «السكانير» إلى اللجوء لمصحات خاصة، وهو ما يكلفهم مبالغ مالية باهظة. وتشير مصادر من داخل المستشفى إلى أن جهات معينة تقوم بإرشاء بعض الأطراف من أجل «إعطاب» جهاز السكانير، لتوجيه المرضى نحو المصحات الخاصة. وتقول مصادر نقابية إن الأوضاع تزداد تفاقما داخل المستشفى على كافة المستويات دون أن يتجه المسؤولون نحو حلها، وأن هناك تسيبا حقيقيا في جميع مرافق المستشفى، وأن مسؤولين داخله يعاملون المرضى بكثير من الاحتقار والازدراء، وأن كل مسؤول يتصرف وكأنه الحاكم الخاص للمستشفى.