أمتع هشام فوزي الإدريسي متتبّعي برنامجه الفني «في رياض الخالدات»، على أثير إذاعة «كازا إف إم»، وهو يخصص حلقة ليلة الثلاثاء، 25 يناير الجاري، للفنان المتميز صباح فخري، أحد «أيقونات» ما تبقى من الغناء العربي الأصيل، في زمن كثر فيه المدَّعُون و»أشباه الفنانين»، الذين ملؤوا الساحة «ضجيجاً منظَّما»، وسمّوه، قسراً، «غناء»، والغناء منه براء... حلقة تخلّلها بث مقاطعَ من أغاني «يمرّ عشبا»، «يا ذا القوام» و«سلطان»، إلى جانب رائعة «ابعثْ لي جوابْ»، التي أداها مقدم «الخالدات»، مصحوبةً بعزف رقيق ومتميز على آلة العود... وقال فوزي الإدريسي، متحدثا عن المحتفى به، إن صباح فخري (محمد صباح الدين أبو قوس) من مواليد ثاني ماي 1933 في مدينة حلَب، إحدى أهم قلاع الموسيقى الشرقية والعربية. وقد ظهرت أولى ملامح موهبة فخري منذ عقده الأول، وهو يؤدي الموشحات والقدودَ الحلبية، قبل أن يلج معهد حلب، حيث درس أبجديات الموسيقى، لينتقل، بعد ذلك، إلى معهد العاصمة دمشق، الذي تخرّج منه سنة 1948، بعد دراسة الموشحات والإيقاعات ورقص السماح والقصائد والأدوار والصولفيج والعزف على العود... ولم يأتِِ صباح فخري إلى عالم الموسيقى «بالصدفة»، فهو ابن مدينة حلَب، منبع الموسيقى العربية الأصيلة، وتتلمذ على أيدي موسيقيين من العيار الثقيل، أمثال علي الدرويش، الشيخ عمر البطش، مجدي العقيلي، نديم وإبراهيم الدرويش، محمد رجب وعزيز غنّام وغيرهم... ليتنقل، بعد ذلك، بين أهمّ مسارح العالَم، حيث قدَّم -بأناقته المعهودة وحركاته المحبوبة المتناغمة- روائع من التراث الحلبي فوق خشبات مسارح معظم دول العالم، بدءاً من موطنه سوريا، مرورا بالعراق، الكويت، قطر، مصر، السودان، تونس والجزائر.. وصولا إلى المغرب، حيث منحه رئيس جمعية «فاس -سايس»، سنة 2004، شهادةَ تقدير وشكر، مع العضوية الفخرية في مجلس إدارة مهرجان فاس للموسيقى العريقة، إكبارا لفنه واعترافاً بجهوده في سبيل الحفاظ على التراث الموسيقيّ الغنائيّ العربي. كما قدم له عمدة فاس مفتاح المدينة الرمزي، كأول فنان عربي وأجنبي يحظى بذلك الشرف... كما غنى فخري في العديد من الدول الغربية، من كندا إلى الولاياتالمتحدة، مرورا بأستراليا، الأرجنتين، البرازيل والشيلي، وصولا إلى فنزويلا، حيث سبق له أن واصل الغناء بلا توقف لِما يزيد على 10 ساعات متواصلة، ليدخل بذلك التاريخ، عبر كتاب «غينِس» للأرقام القياسية... وإلى جانب شهرته التي طبقت الآفاق في مجال الغناء، قدّم فخري عطاءات في أعمال سينمائية، تلفزيونية وإعلامية، كمسلسل «الوادي الكبير»، رفقة المطربة وردة الجزائرية، و«نغم الأمس» مع رفيق سبيعي وصباح جزائري، حيث سجل ما يفوق 160 لحناً، ما بين أغنية وقصيدة ودور وموشح وموال وقدّ، حفاظا على التراث الموسيقي العربي. كما قدم «أسماء الله الحسنى»، مع آل رشي ومنى واصف، والمسلسل الإذاعي «زرياب»... وكرد فعل مباشر منه على انحطاط الغناء العربي، أسس «معهد صباح فخري للموسيقى والغناء»، لتدريس الغناء والموسيقى «بطريقة جديدة تعتمد على «تربية» المطرب لمدة ثلاث سنوات، بغض النظر عن عمر المطرب -التلميذ أو درجته... والمعهد ملاذ لحماية التراث العربي الأصيل ولتطويره قصد مواجهة الصرَعات الغنائية الدخيلة»، يقول فخري عن دوافع تأسيسه معهدَه الخاص...