يبدو أن الشارع المصري مُصرّ على الإطاحة بنظام حسني مبارك، خصوصا وأن هذا الأخير لم يخرج بعد لمخاطبة الشعب ولو كمحاولة لتهدئة الوضع. وشهدت مصر، خلال اليومين الأخيرين، موجة اعتقالات واسعة شنتها السلطات المصرية، شملت ألف شخص على الأقل منذ انطلقت، يوم الثلاثاء الماضي، موجة الاحتجاجات المناهضة للرئيس حسني مبارك والتي يعتزم المعارضون مواصلتها حتى تتم الاستجابة لمطالبهم. وأفاد شهود عيان بأن متظاهرين أحرقوا مركزا للشرطة في مدينة السويس (شرق القاهرة) صباح أمس الخميس، كما جرح خمسة وخمسون شخصا على الأقل في اشتباكات اندلعت ليلة أول أمس واستمرت حتى الساعات الأولى من فجر أمس بين الشرطة ومتظاهرين في المحافظة. وقال شهود عيان إن المحتجين أضرموا النار في مبنى حكومي، وحاولوا إحراق مكتب محلي تابع للحزب الوطني الحاكم باستخدام قنابل يدوية. وانتشرت قوات الأمن بكثافة وسط القاهرة بعد يومين من التظاهرات غير المسبوقة ضد مبارك الذي يحكم مصر منذ ثلاثة عقود، وأسفرت هذه التظاهرات عن سقوط ستة قتلى ومئات الجرحى. وكانت حركة «6 أبريل» الشبابية التي تقف وراء هذه التجمعات دعت المصريين إلى مواصلة حركتهم الاحتجاجية يومي الخميس والجمعة . وحولت وزارة الداخلية بعض المحتجزين من الصحفيين والنشطاء والمتظاهرين على النيابات للتحقيق معهم على خلفية الاحتجاجات التي غطت البلاد في عيد الشرطة على مدار اليومين الماضيين في ما عرف إعلاميا ب«يوم الغضب»، وذلك بعد الإفراج عن 230 من المعتقلين في معسكرات قوات الأمن المركزي في «السلام» و«الجبل الأحمر». وأحالت أجهزة الأمن ملفات المعتقلين والمحتجزين على نيابات «زينهم» و«عابدين» وشمال وجنوب القاهرة، ومن المتوقع أن توجه إليهم تهم تنظيم مظاهرات واحتجاجات غير مشروعة، وتكدير السلم والأمن العام، وإثارة الشغب، وإتلاف الممتلكات العامة، وسط اهتمام حقوقي من قبل المحامين النشطاء التابعين لجمعيات ومنظمات المجتمع المدني المختلفة. كما أن النيابة العامة وجهت، يوم أمس الخميس، إلى أربعين محتجا تهم محاولة قلب نظام الحكم، وأنكر كل النشطاء في أقوالهم جميع التهم المنسوبة إليهم، وأكدوا أنهم خرجوا في مظاهرات سلمية في محاولة منهم للتعبير عن رأيهم في فساد النظام وبطلان مجلسي الشعب والشورى والتنديد بتعسف أجهزة الشرطة، وأضافوا أنه تم التعدي عليهم من جانب قوات الأمن، فيما أكد عدد من المحتجزين عدم صلتهم بالواقعة وأنه تم إلقاء القبض عليهم أثناء توجههم إلى أعمالهم دون أن تكون لهم أي علاقة بالمظاهرات. ومن المقرر أن تستمر النيابة في التحقيق مع بقية النشطاء المقبوض عليهم خلال المظاهرات. وكان النائب العام، المستشار عبد المجيد محمود، قد أمر بالتحقيق في حوادث القتل والاعتداءات التي خلفتها المظاهرات. وبالفعل، باشرت نيابات عدد من المحافظات، منها: القاهرةوالإسكندرية والغربية والدقهلية والسويس، التحقيق في توابع المظاهرات، وانتقلت إلى تشريح جثة مجند الأمن المركزي في القاهرة، والمصابين الثلاثة في السويس، بالإضافة إلى سماع أقوال المصابين في الإسكندرية والمحلة والمنصورة. وأجمعت القوى السياسية، متمثلة في «الجمعية الوطنية للتغيير» و«حركة كفاية» و«البرلمان الشعبي»، على الاستجابة لدعوات الشباب إلى التظاهر اليوم (الجمعة) في جميع محافظات مصر، على أن تنطلق المظاهرات من الكنائس والمساجد لتؤكد مطالب التغيير السلمي، والتنديد بالقمع بعد أداء صلاة الغائب والقداسات الجنائزية في الكنائس على أرواح الضحايا، بمن فيهم رجال الشرطة. وقال سيد الغضبان، المتحدث الإعلامي باسم «الجمعية الوطنية للتغيير»، عقب الاجتماع الذي عقد مساء أول أمس في مقر حزب الجبهة، إن القوى السياسية قررت تشكيل لجنة للتنسيق مع الشباب لمظاهرات غد، مشيرا إلى تشكيل لجنة أخرى للتعاون مع مراكز حقوقية، أبرزها «هشام مبارك»، لمتابعة أحوال المعتقلين على مدار الساعة وتشكيل هيئات للدفاع عنهم، مع ِإنشاء لجنة فرعية لمتابعة أحوالهم المعيشية. ومن جهتها، غيرت الولاياتالمتحدة موقفها الداعي إلى ضبط النفس، وحثت الرئيس المصري حسنى مبارك على القيام بإصلاحات سياسية استجابة للاحتجاجات الشعبية المطالبة بإنهاء حكمه.