في محاولة لامتصاص غضب الشارع التونسي، رضخت الحكومة المؤقتة أخيرا لمطالب الشعب بمحاسبة من سماهم ب«رموز الفساد» في عهد الرئيس المخلوع بن علي والمتسببين المباشرين -حسب الكثيرين- في تردي الحالة الاقتصادية والاجتماعية التي وصلت إليها البلاد. حيث أخضعت الحكومة -حسب البيان الذي أوردته وكالة الأنباء التونسية أول أمس الأحد، المستشار السابق عبد العزيز بن ضياء ورئيس مجلس المستشارين في الحكومة السابقة عبد الله القلال للإقامة الجبرية، في حين لا يزال البحث جاريا عن الناطق الرسمي باسم حكومة بن علي عبد الوهاب عبد الله. ووجّهت إلى هذه الأسماء، التي سبق لها أن تولت حقائب وزارية هامة في عهد الرئيس المخلوع، تهم بالفساد والتآمر على أمن الدولة. ولعل المطالبات كانت مركزة، بشكل كبير، على محاكمة رئيس مجلس المستشارين سابقا عبد القلال الذي صدرت ضده مذكرة توقيف من المحكمة السويسرية في جنيف بناء على دعوى قضائية تقدم بها مواطن تونسي يحمل الجنسية السويسرية تعرض للتعذيب في السجون التونسية إبان تولي القلال حقيبة وزارة الداخلية. وهكذا أصبح القلال من المطلوبين للعدالة السويسرية، بعد أن رفعت ضده قضيّة عدليّة في العاصمة السّويسريّة بتهمة التعذيب في تاريخ 1992. وذكر بيان صادر عن المنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومقرها جنيف، أن التهم الموجهة ضد القلال تقدم بها لاجئ تونسي مقيم في جنيف، يسمى عبد الناصر نايت ليمان، كان قد تعرض للتعذيب في السجون التونسية أثناء تولي القلال لمهام وزارة الداخلية، بتهمة الانتماء إلى حركة النهضة الإسلامية المحظورة. أما مستشار الرئيس سابقا عبد الوهاب عبد الله فقد شغل بدوره عدة مناصب وزارية، لعل أبرزها الخارجية والإعلام، واتهم بدوره من طرف الإعلاميين بالمسؤولية عن تردي حال الصحافة والصحافيين في تونس، بالإضافة إلى أنه كان العقل المدبر واللسان الناطق باسم بن علي. وأظهرت تقارير سابقة أن عبد الله كان قد طرح فكرة «مبادرة التوريث» عبر مناشدة الرئيس لولاية سادسة في سنة 2014، مما ساهم في رفع حالة الاحتقان الشعبي.