وصفت جماعات حقوق الإنسان الدولية نظام زين العابدين بن علي ب«الاستبدادى»، وانتقدت منظمات -منها العفو الدولية وبيت الحرية والحماية الدولية- المسؤولين التونسيين بعدم مراعاة المعايير الدولية للحقوق السياسية. وباعتبارها من النظم الاستبدادية، فقد صنفت تونس في مؤشر الديمقراطية ل«الإيكونومست» لسنة 2010 في الرتبة 144 من بين 167 بلدا شملتها الدراسة. وقد استطلعت «الشروق» آراء عدد من خبراء القانون الدولي حول إمكانية محاكمة «بن علي»، وهو ما اختلف حوله الخبراء، فمنهم من رأى أن ما قام به يعد «جريمة ضد الإنسانية» ولا بد من محاكمته دوليا، ومنهم من رأى في الأمر «شأنا تونسيا داخليا»، فيما رأى فريق ثالث أن ما قام به لا يرقى إلى مرتبة الجريمة. وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق للشؤون القانونية، السفير عبد الله الأشعل، إن «ما قام به بن علي يمكن أن يؤدي بالفعل إلى محاكمته بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، حيث مارس التعذيب ضد الشعب.. التعذيب من أبرز الجرائم ضد الإنسانية، وللنظام الجديد في تونس الحق في مطالبة السعودية بتسليمه لتتم محاكمته جنائيا على المستوى الدولي. وأوضح الأشعل أن «المختص في رفع هذه الدعوى هو الشخص الذي يقع عليه الضرر أو أحد أفراد أسرته، أما على المستوى الدولي فيمكن لأي مواطن في العالم أن يرفع هذه الدعوى ضد بن علي، ولا يشترط أن يكون هذا المواطن متمتعا بالجنسية التونسية. غير أن أستاذ القانون الدولي في جامعة القاهرة أحمد أبو الوفا رأى أنه «إذا ثبت على الرئيس التونسي ما يقال عنه من تهم وجرائم ارتكبها، فإنها تعد جرائم داخلية بحتة لا ترقى إلى مرتبة الجرائم الدولية، وفي هذه الحالة فإن الجهة التي ستقوم برفع الدعوى عليه هي الحكومة الجديدة أو أي شخص وقع عليه الضرر أو أحد أقاربه». أما عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، صالح الزغيدي، فقال إن «الفساد وإساءة استخدام الأموال العامة لا علاقة لهما بالجرائم الدولية، فالجرائم الدولية تتوافر عندما تكون جماعية أو تمس نوعا معينا من الأشخاص، مثل مجموعة من أفراد قبيلة، ولكن ليست مثل عملية قتل في ظروف مظاهرات مثلا». وقد سقط في احتجاجات تونس عشرات القتلى برصاص الشرطة. وأضاف الزغيدي أنه «خلال 23 عاما من حكم بن علي كانت هناك بالفعل محاكمات غير عادلة وعمليات تعذيب، ولكن -حسب المواثيق الدولية- لا يمكن محاكمته بناء على ذلك أمام المحاكم الدولية». ومضى قائلا: «نعم يجب محاكمة بن علي، ولكن قبل ذلك يجب محاكمة كل الحكام العرب بتهم ارتكاب جرائم دولية، ثم يأتي بن علي في آخر القائمة.. وإذا كان ضروريا أن تكون هناك محاكمة، فيمكن أن تكون قضية داخلية لصالح أشخاص تعرضوا للتعذيب». وهو ما اتفق معه بشأنه الخبير في شؤون المحكمة الجنائية الدولية علي جميل حرب بقوله إن «القول بارتكاب بن علي جرائم يمكن أن يحاكم عليها هو أمر مبالغ فيه، والتوصيف الأدق هو أنه كان متعسفا في استخدام سلطات الرئاسة»، خاتما بالإشارة إلى أن تونس ليست من الدول المصدقة على نظام المحكمة الجنائية الدولية.