كان ملعب العبدي بالجديدة فضاء كشفت فيه التونسيات عن طموح لا يقاوم، ورغبة جارفة في الفوز على المغربيات في عقر دارهن، بروح الانتفاضة التي ميزت المواطن التونسي في الأيام الأخيرة وهو ما تأتى لهن أداء ونتيجة. وعاشت لاعبات المنتخب التونسي حالة من الذعر والخوف ليلة الجمعة الماضية، خاصة بعد الإعلان عن فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي وتخليه مكرها عن السلطة، ولجوئه إلى السعودية، بعد أن تبين له استحالة وقف المد الثوري الذي يطالب برأسه، وتابع الوفد التونسي في مقر إقامته بالجديدة عبر الفضائيات الاحتجاجات التي شهدتها الشقيقة تونس، والوضع السياسي بعد نقل السلطات بشكل مؤقت إلى رئيس البرلمان التونسي فؤاد المبزع . ورغم الارتياح الذي ساد مقر إقامة المنتخب النسوي التونسي بعد نجاح الانتفاضة وإنهاء حكم زين العابدين بنعلي، فإن مشاعر القلق ظلت حاضرة في أوساط اللاعبات والمؤطرين. وصرحت لاعبات المنتخب التونسي ل»المساء» بأنهن قضين ليلة جد صعبة بعد علمهن بحالة الفوضى والتخريب التي شهدتها كثير من مدن تونس. وتابعت اللاعبات إلى ساعة متأخرة ما يجري عبر الفضائيات، وسيطر القلق بعد أن سادت أجواء من الفوضى أعقبتها حالات من النهب والانفلات غير المسبوقين، وقالت عميدة الفريق: «حاولنا الاتصال بذوينا والاطمئنان عليهم بعد أن تابعنا في التلفزيون ما يجري من أحداث مؤلمة، ليلة الإعلان عن سقوط حكم بنعلي بتونس وكان انشغالنا بما يجري في بلدنا أكثر من تركيزنا على مواجهة المغرب». وأكد عبد اللطيف بوقنطار، عضو لجنة كرة القدم النسوية، والمكلف بترتيبات إقامة المنتخب التونسي في المغرب، أن الوضعية كانت جد صعبة بالنسبة إلى كل عناصر المنتخب التونسي الذين لم يهدأ روعهم إلا بعد الاطمئنان على أهلهم وذويهم. من جهته صرح الناخب التونسي طارق براني ل»المساء» أنه كان متخوفا من انعكاسات الوضع السياسي في تونس على أداء لاعباته أمام المغربيات، لكنه حاول تدارك الأمر بعقد اجتماعين كانت الغاية منهما رفع معنويات التونسيات ودعم الروح الوطنية لديهن، لكسب نقاط المواجهة المهمة في مسار التأهل للألعاب الأولمبية 2012، واعتبر الفريق التونسي سفيرا للبلاد في ظرف حساس من تاريخ تونس، داعيا كل اللاعبات إلى التأكيد ميدانيا على شهامة الإنسان التونسي الذي امتلك عزيمة الإطاحة بنظام متجذر. ووصل خطاب الناخب الوطني إلى اللاعبات التونسيات، وظهرن في قمة التركيز متحليات بالروح الوطنية سواء خلال المقابلة أو بعدها مما خول لهن اللعب بشجاعة وإقدام عكست تفوقهن في مختلف مراحل المواجهة. وبمجرد الإعلان عن نهاية المقابلة بفوز التونسيات بنتيجة ثلاثة أهداف لصفر، انخرطت لاعبات المنتخب التونسي في ترديد أهازيج قومية تمجد تونس وتؤكد ارتباطهن ببلدهن، من خلال ترديد أبيات النشيد الوطني بشكل حماسي، في لحظة أثارت إعجاب كل الحاضرين بملعب العبدي بالجديدة، الذين صفقوا بحرارة وحيوا الإرادة القوية للتونسيات. يذكر أن الهاجس الأمني سيطر على نقاش اللاعبات التونسيات خاصة بعد إغلاق المطارات في وجه الملاحة الجوية، مما دفع الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إلى الموافقة على تمديد مقام الوفد التونسي إلى حين انفراج الأزمة، وعبرت مجموعة من اللاعبات التونسيات أن الهاجس الذي سيطر عليهن هو كيفية العودة أرض الوطن بعد الإعلان عن إغلاق المطارات، لكن سرعان ما أعلن صباح يوم المقابلة عن فتح المجال الجوي التونسي مما ترك ارتياحا في صفوف الوفد.