قالت مصادر من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي المعروفة اختصارا ب»الكنوبس»، إن المفاوضات حول الاتفاقات الوطنية بين مدبري التأمين الإجباري على المرض ومقدمي الخدمات الطبية من أطباء وأصحاب المصحات الخاصة، توجد في مأزق حقيقي قد يهدد التأمين الإجباري على المرض، في حين تلتزم وزارة الصحة الصمت بالرغم من أنها المعنية مباشرة بهذا الموضوع، وتتوفر لها أدوات وآليات للتدخل لحل الخلافات وتجاوز التعثرات، خاصة وأن التأمين الصحي عن المرض يهم ملايين المغاربة وأمنهم الصحي. وأوضحت المصادر ذاتها أن الخلاف نشأ عندما أعلن 293 طبيبا من القطاع الخاص عن انسحابهم من الاتفاقية الوطنية بسبب عدم التوصل إلى اتفاق بشأن الأسعار المرجعية بالنسبة إلى عدد من الخدمات الطبية، مما حذا بالوكالة الوطنية للتأمين الصحي إلى مراسلة الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مفادها إيقاف الموافقة على التحملات لفائدة المصحات التي يتولى إدارتها أطباء انسحبوا من الاتفاقية الوطنية. ووجه بناني الناصري، رئيس النقابة الوطنية لأطباء القطاع الحر، انتقادات شديدة اللهجة إلى مدير الوكالة الوطنية للتأمين الصحي، وحمله مسؤولية تعثر المفاوضات «لأنه خرق بنود الاتفاق الموقع في سنة 2006 بين مدبري التغطية الصحية ومقدمي الخدمات الطبية، عندما نشر بنود الاتفاقية مزورة» حسب تعبير بناني الناصري. وأضاف بناني الناصري أن هذا الأمر خلق شعورا بعدم الثقة لدى الأطباء، مشيرا إلى أن الأطباء الذين انسحبوا من الاتفاقية الوطنية هم أقلية، وأن مناقشة الموضوع من هذا المنظور هو «نقاش مغلوط». وقال في اتصال مع «المساء»، إن أغلبية الأطباء يتشبثون بالاتفاقية ووصف من انسحبوا بأنهم «يفضلون المزايدة». وقد بدأت المفاوضات بين مدبري التأمين الإجباري على المرض ومقدمي الخدمات الطبية في شهر يناير من العام الماضي، وكان من المفترض أن تنتهي في شهر يوليوز، غير أنها تعثرت بسبب الهوة الساحقة بين طرفي المفاوضات. فالأطباء، سواء العامون أو المختصون، يطالبون بالرفع من تعريفة استشارة الطبيب العام والمختص على التوالي من 80 و 150 درهما إلى 150 و 200 درهم ومن تعريفة تصفية الكلي من 850 درهما إلى 3500 درهم والإنعاش من 1500 درهم إلى 4500 درهم وشبكة العين من 500 درهم إلى 1000 درهم. وتتراوح الزيادة المقترحة ما بين 20 % و419 % حسب الحالات. بينما يرى مدبرو التأمين الإجباري على المرض أن من شأن تطبيق مثل هذه الزيادات أن يخل بالتوازنات المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والكنوبس. فهذا الأخير، على سبيل المثال، قد يعاني عجزا ماليا خلال سنة 2011، في حال ما إذا طبقت هذه الزيادات، وبأنه سيعرف العجز ابتداء من سنة 2012 بدون الرفع من قيمة أي تعريفة، وفق ما أشارت إليه دراسة اكتوارية أنجزت مؤخرا. وأظهرت الدراسات أن الكنوبس سيعرف عجزا بقيمة 387 مليون درهم في السنة الأولى من تنفيذ مقترحات منتجي العلاجات ليصل إلى مليار و253 مليون درهم سنة 2019، في حين خلصت دراسة قامت بها الوكالة الوطنية للتأمين الصحي بعد القيام ببعض التعديلات التعريفية إلى نفس الخلاصة وهي حصول عجز إضافي بقيمة 210 ملايين درهم سنة 2012.