يبدو أن العلاقة بين وزارة التربية والتكوين وأطر التوجيه والتخطيط التربوي بدأت تنحو نحو التأزم والتوتر. فخلال اجتماع المجلس الإداري لأكاديمية الدارالبيضاء، الذي انعقد يوم الخميس الماضي، نظم أطر التوجيه من خلال هيئاتهم النقابية الممثلة لهم (الجامعة الوطنية للتعليم والنقابة الوطنية للتعليم والجامعة الوطنية لموظفي التعليم)، وقفة احتجاجية أمام مقر الأكاديمية الواقع بالحي الحسني بالدارالبيضاء. واعتبر أطر التوجيه والتخطيط التربوي أن هذه الوقفة الاحتجاجية هي بداية ستليها وقفات أخرى أمام مقرات انعقاد المجالس الإدارية للأكاديميات، بعد ما أسموه «ست سنوات من حوارات الطرشان، جرب فيها مسؤولو الوزارة كل أساليب التعنت والتجاهل واللامبالاة والمماطلة وانتهاء بالتسويف في الاستجابة لبعض نقط الملف المطلبي». وتضمن بيان هؤلاء الأطر قائمة الأمور التي لا تروق لهم، من بينها «الاحتقان في صفوف المرشحين للترقي بسبب انعدام أو ضعف تغذية قاعدة احتساب الحصيص لدى المستشارين والمفتشين العاملين بقطاعي التعليم المدرسي والعالي، مما أفرز تأخرا شاسعا يصعب تداركه بالكوطا العادية للترقية». وتؤاخذ أطر التوجيه على الوزارة تخليها عن «مكتسب تغيير الإطار بعد الترقي إلى السلم 11، ليشمل الضرر على السواء فئتي المستشارين والمفتشين المقبلين على الترقية خارج السلم»، وكذا اسثتناء أطر التوجيه والتخطيط ذوي الأقدمية العامة المماثلة لأساتذة الإعدادي من التسوية المعتمدة في هذا الملف. ومن جهة أخرى، عبر المكتب الجهوي لنقابة مفتشي التعليم بالجهة الشرقية عن استياء هيئة التفتيش من رد فعل مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين للجهة الشرقية شكلا ومضمونا، خلال لقاء مستعجل عقده مع ممثلي الهيئة يوم الأربعاء 29 دجنبر الماضي، حيث أمعن في الإساءة إلى ممثلي الهيئة، وكان رده مهينا ومتجاوزا في الزمان والمكان، ومنافيا لمبادئ الحوار التي اتفق عليها الطرفان قبل الشروع في جلسات الحوار منذ توليه المسؤولية. وجاء هذا الاجتماع على إثر الخطوة الإنذارية التي قررها المكتب الجهوي لنقابة مفتشي التعليم بالجهة الشرقية بمبادرة من مدير الأكاديمية. وبناء على نتائج هذا اللقاء دعا المكتب مباشرة اللجنة الموسعة إلى الاجتماع يوم الجمعة 31 دجنبر الماضي، حيث قدم تقريرا مفصلا عن حيثيات الخطوة، وعن مستوى تنفيذها من طرف المفتشين في نيابات الجهة، وعن الأسلوب المتجاوز لرد إدارة الأكاديمية، وبعد التداول في الموضوع عقد المكتب الجهوي اجتماعا سجل نجاح الخطوة الإنذارية في عدد من النيابات الإقليمية بفضل الانخراط المسؤول للمفتشات والمفتشين. وشجب بيان الهيئة، الذي تم استصداره بالمناسبة، تدخل مدير الأكاديمية في انتقاد القرارات النضالية للنقابة، وهذا ما يتناقض وأبجديات تعامل إدارة من مستوى الأكاديمية مع العمل النقابي، وعدم تعامل إدارة الأكاديمية بشكل شمولي وعملي مع الملف المطلبي لهيئة التفتيش، واعتماد المعالجة الجزئية والانتقائية ذرا للرماد في العيون، وتهرب الإدارة من تصفية كل المشاكل الحقيقية التي لا زالت عالقة كملف التكوين المستمر، وهيكلة التفتيش في عدد من النيابات، وتعويضات المردودية لسنة 2010، وقضايا أخرى ذات صلة بالمنظومة التربوية. ونبّه البيان المكتب الجهوي الذي توصلت «المساء» بنسخة منه إدارة الأكاديمية إلى خطورة محاولات التطاول على قرارات النقابة بالتدخل في شؤونها، وباللجوء إلى أسلوب الترهيب والتهديد، وتداعيات قرارها المتسرع القائم أساسا على قراءة خاطئة للوضع الداخلي للنقابة جهويا، وسوء تقديرها للعواقب التي ستؤول إليها العلاقة بين النقابة وإدارة الأكاديمية والنيابات الإقليمية، اعتبارا لقدرة المفتشين على تجاوز الخلافات الصحية الداخلية، والالتفاف حول نقابتهم في اللحظات العصيبة. ودعت الهيئة التربوية كافة المفتشات والمفتشين إلى التجميد المؤقت للمرحلة الأولى من البرنامج النضالي، والمتمثلة في مقاطعة جميع التكوينات، وعدم تعبئة وتوقيع بطائق الترقية بالاختيار، والاستعداد لخوض المعركة الجهوية التي سيحدد الجمع العام خطواتها وأشكالها في القريب العاجل. وفي الأخير طلب المكتب الجهوي تقديم اعتذار من إدارة الأكاديمية على سوء معاملتها لأعضائه اعتبارا لصفتهم التمثيلية، مذكرا في الوقت ذاته بأن النقابة كانت دائما ولا تزال قوية وقادرة على تخطي كل الصعوبات التي تعترضها من حين لآخر.