تدفع غريزة الأمومة ببعض النساء إلى الإقبال على خوض كل التجارب الطبية الممكنة، بل وحتى المستحيلة. فقد يلجأ بعضهن إلى خدمة بنوك المني لإنعاش أرحامهن العقيمة، وذلك باستقبالهن لبويضات مخصبة. فيما يتحلى البعض الآخر بصبر أيوب بعد طرح ترشيحه على قوائم طويلة، مع انتظار لطفل قد يأتي وقد لا يأتي. على أي، تخوض العائلات المتبنية مشوارا سيزيفيا تواجه خلاله الأمزجة المتشنجة لإدارات وبيروقراطيات معقدة، من مصلحة الحالة المدنية إلى المصالح القنصلية مرورا بتغيير العائلة البيولوجية لرأيها ومواقفها. ولما نعلم بأن 70 مليونا من الأزواج في الدول المتقدمة يعانون من فقر في الإخصاب أو من العقم، نقف عند جسامة البؤس السيكولوجي لهؤلاء الأشخاص الأثرياء بفقرهم، هم الذين يملكون المال ويفتقدون الذرية! ويسجل التبني قمة أوجه في فترة أعياد نهاية السنة، حيث يكتسي رمزية خاصة تحيل في المتخيل العام على العمل الخيري، على الهبة والعطاء الرباني. هكذا وفي عز أعياد السنة المنصرمة ورداءة أحوال الطقس التي عرفتها فرنسا مؤخرا، جندت الدولة الفرنسية طائرتين لنقل أزيد من 300 طفل من هاييتي إلى فرنسا، لإلحاقهم بعائلات التبني. وقد أشارت بعض الصحف الفرنسية إلى أن هاييتي المدمرة والمطوقة بالطاعون، قدمت أحسن هدية نويل إلى فرنسا. يبقى أن ظاهرة التبني تختلف باختلاف المتبني، ذكرا أو أنثى، وباختلاف الوسط المهني والعائلي والثقافي الذي ينتمي إليه، إذ ثمة فرق، بل فرق شاسع، بين سيدة تستدين من البنك مبالغ خيالية لتغطية التكاليف الباهظة لتبني طفل، يعيش في أحضان عائلته الأصل في هانوي أو بومباي، ونجم سينمائي يحط بطائرته الخاصة في كاراتشي أو المالاوي محفوفا بجيش من الصحافيين يرشقونه بأضواء الكاميرات قبل أن يبسطوا في الغد صوره على أغلفة مجلات «البيبول». جعل مشاهير النجوم من تبني أطفال الدول الفقيرة موضة مشبعة بوقود لا ينضب، يستغله قراصنة الصور، الباباراتزي وصحافة الإثارة، ويجني ثماره في الأخير هؤلاء المشاهير. هكذا، وبعد معركة بفصول وتداعيات عديدة، نجحت المغنية الأمريكية مادونا في تبني طفل لم يتجاوز شهره الثالث عشر. فما كان من صحافة البيبول سوى أن سلطت الأضواء على مادونا والطفل دفيد لتغض الطرف عن تراجيديا الأم التي توفيت مباشرة بعد عملية الولادة! أما براد بيت وحرمه أنجيلينا جولي، فيستحقان عن جدارة السعفة الذهبية لتبني الأطفال. إذ بعد أن أصبحا، بالتبني، أبوين لثلاثة أطفال، سرى الحديث عن تبني أنجيلينا جولي لطفل رابع من أصل سوري، الشيء الذي رفضه براد بيت. إلى قائمة مشاهير البيبول يمكن إضافة مغني الروك الفرنسي جوني هاليداي، الذي تبنى فتاتين من الفيتنام. في المرة الأولى، احتضنت عائلته طفلة في شهرها الثالث، أما الطفلة الثانية فلم يكشف عن اسمها أو سنها. وقد تمت مراسيم التبني بالسفارة الفرنسية بهانوي خلال الأعياد الميلادية. إلى هذه القائمة انضاف مؤخرا، وبالتحديد يوم الخامس والعشرين من ديسمبر، وهو عيد ميلاد المسيح، نجم الأغنية البريطاني إلتون جون، الذي تبنى وخليله طفلا في اسم زاكاري جاكسون ليفون فورنيش جون، والذي لم يكن قد أكمل بعد أسبوعه الأول، وقد أنجبته والدته عن طريق الإخصاب الاصطناعي. ضمن قائمة طويلة، يبقى جورج كلوني الوحيد من بين نجوم هوليود الذي أعرب عن رفضه لإنجاب أو تبني أطفال، إذ صرح لرفيقته، الحسناء الإيطالية إيليزابيتا كاناليس، بأنه لا يريد أن يكون عبدا للإنجاب وأن الخنزير يبقى الحيوان الوحيد الذي ينعم بثقته! وجوابا عن قراره الحازم والحاسم وإشباعا لرغبة «أمومتها»، تقدمت إيليزابيتا كاناليس إلى مصلحة الحيوانات التابعة لمدينة لوس أنجلس فتبنت كلبا من نوع تشيواوا. وبما أن المغرب قيد التحول إلى قبلة لمشاهير البيبول، وبعد معاينتهم لوضع الأطفال والكلاب في الشوارع، لم يخف بعضهم رغبته في تبني طفل أو كلب أو الاثنين معا. وإن صح الخبر، فمن غير المستبعد أن يلقب الطفل بوعزة باسم مايكل فيما قد يطلق على كلبة بنكرير الضالة اسم سيسي! إيوا طفرناه!