رغم التبريرات التي ساقها عمدة مدينة سلا لقراره القاضي بسحب جميع التفويضات من أعضاء الأغلبية بهدف إعادة الهيكلة وتجنب التداخل في الاختصاصات، فإن جميع المؤشرات تؤكد بأن هذا القرار هو تمهيد لعزل العدالة والتنمية عن تسيير المدينة في إطار إعادة النظر في التحالفات، التي تحكم عددا من المجالس، خاصة بالدار البيضاء التي تلقى فيها حزب العدالة ضربة قوية مع التحاق وطاس عبد الرحيم النائب الثاني للعمدة بحزب الأصالة والمعاصرة، ثم مجلس مدينة الرباط الذي يعيش هدنة مؤقتة قد ينقضها تقرير سيرفع حول الاختلالات التي عرفها المجلس في عهد كل من عمر البحرواي وفتح الله ولعلو. سحب تفويضات الأغلبية بسلا يأتي بعد حوالي سنة ونصف من تشكيل المجلس، وهي العملية التي تحكمت فيها صراعات شرسة، ولم تخل من تدخلات لقيادات حزبية في آخر اللحظات من أجل ضبط بعض العناصر التي تمردت على توجيهات أحزابها، علما أن العدالة والتنمية كان من البداية غير مرغوب فيه ضمن المكتب المسير للمدينة، لكن وجوده فرضته حسابات سياسية سعت إلى تحقيق نوع من الاستقرار للأغلبية تحسبا للمعارضة الشرسة التي سيقودها العمدة السابق إدريس السنتيسي، وهو ما حدث بالفعل بعد أن تحولت الدورات التي عقدها مجلس مدينة سلا إلى مناسبة للتلويح بملفات متعددة نسبت إلى كل من العمدة نور الدين الأزرق من التجمع الوطني للأحرار، ونائبه جامع المعتصم عن حزب العدالة والتنمية، وهي الملفات التي انتهت في يد عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية التي استمعت مطولا إلى عدد من أعضاء المجلس. خطوة سحب التفويضات، التي أعلن عن توزيع جديد لها خلال أجل زمني لن يتجاوز شهرا، سبقتها تصريحات صادرة عن الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران تستشعر ما أسماه رغبة حزب الأصالة والمعاصرة بتفكيك التحالفات التي تربط العدالة والتنمية في عدد من المدن، ومن بينها مدينة سلا. كما أن هذه الخطوة تأتي أيضا بعد نجاح حزب الأصالة والمعاصرة في ضم أسماء قوية قدمت من حزب الاستقلال على مستوى مدينة سلا. مصادر تؤكد بأن عمدة مدينة سلا رضخ لتعليمات من قيادات حزبية لم تعد ترغب في وجود العدالة والتنمية داخل المكتب المسير. وأشارت نفس المصادر إلى أن مهلة شهر مجرد بالون اختبار لردود فعل أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين لن يستسيغوا سحب البساط من أقدامهم على بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية. كما أن هذا القرار في حالة تفعيله بشكل رسمي سينقلب على العمدة نور الدين الأزرق، الذي سيجد نفسه في مواجهة أعضاء حزب العدالة والتنمية الذين انقلبوا على العمدة السابق إدريس السنتيسي سنة واحدة قبل الانتخابات الجماعية، وتبرؤوا من نتائج تدبير المرحلة السابقة ليختاروا الصراع حول منصب العمودية قبل أن يتضح لهم أن هذا الحلم مستحيل وأن البديل هو الاصطفاف إلى جانب العمدة نور الدين الأزرق. كما أن التساؤل الذي سيبقى مطروحا في ظل هذه التطورات هو: هل سيلجأ حزب العدالة والتنمية إلى خندق المعارضة، أم سيكتفي بدعم الأغلبية؟ وإذا فضل اختيار هذا الطريق فماذا سيكون المقابل؟ .