حسم المكتب السياسي للحركة الشعبية، صباح أمس الجمعة، في قرار ابتعاد محجوبي أحرضان عن رئاسة الحركة، التي ظل يسيرها بقبضة من حديد منذ تأسيسها قبل أزيد من ربع قرن. وتوصل أعضاء المكتب السياسي، خلال اجتماع عقد صباح أمس بمقر الأمانة العامة للحركة، إلى صيغة من شأنها أن تضمن، حسب بعض المصادر، خروجا مشرفا لزعيمهم، الذي ظل يتردد في الحسم في مغادرة الحركة منذ شهور. وتتلخص أسس الصيغة، التي توصل إليها المكتب السياسي بتوافق مع الرئيس أحرضان، إلى إسناد مهمة الإشراف على مجلس الحكامة ل«الزايغ»، وهو المجلس الذي اشترط أحرضان إنشاءه من أجل الابتعاد عن رئاسة الحركة. ويوجد إلى جانب أحرضان في هذا المجلس ثمانية أعضاء خارج المكتب السياسي للحركة. وستخصص لهذا المجلس ميزانية سيتداول فيها المكتب السياسي لاحقا. إلى ذلك، قال محجوبي أحرضان إن قراره الابتعاد عن التسيير اليومي للحركة أمر محسوم. وأشار أحرضان، في تصريح ل«المساء»، إلى أن القرار الذي توصل إليه المكتب السياسي في اجتماعه الأخير هو قرار نهائي ولن يتراجع عنه، مؤكدا أنه سيبقى يتابع أمور الحركة من خلال مجلس الرئاسة الذي سيسهر عليه، تاركا تفاصيل التسيير اليومي للأمين العام. وأشار أحرضان إلى أنه ظل منذ مدة يفكر في هذا القرار لرغبته في التفرغ لأمور أخرى خاصة، والآن، اتضحت الرؤية وصار لازما أن يبتعد، ويضيف: «هذا القرار سيجعلنا نمضي بعيدا». واستنادا إلى بعض المصادر، صوت أغلبية أعضاء المكتب السياسي للحركة على قرار ابتعاد أحرضان عن الرئاسة، بمن فيهم نجله أوزين أحرضان الذي ضم صوته إلى باقي أعضاء المكتب خلال التصويت العلني، فيما رفضت النائبة البرلمانية فاطمة مستغفر التصويت، وتحفظ محمد بوطالب، الوزير السابق للطاقة، عن إبداء رأيه. وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن المكتب السياسي لم يتداول بعد في حجم الميزانية التي ستخصص لمجلس الرئاسة التي سيشرف عليه أحرضان، مؤجلين ذلك إلى وقت لاحق. ولم تخف مصادر «المساء» أن بعض العناصر المحسوبة على أحرضان رفضت فكرة ابتعاده، وهو ما جعل اجتماع أمس ينزلق إلى بعض المشادات، حيث اضطر أحرضان إلى التدخل لتهدئة الوضع، مؤكدا أن قرار الابتعاد يعود إليه، وأنه هو من اختار التنحي عن قيادة الحركة. وكان أحرضان قد عبر في تصريحات صحفية في يناير الماضي عن رغبته في التنحي عن قيادة الحركة، وأثارت هذه التصريحات جدلا واسعا داخل أوساط الحزب، خصوصا بين أتباع الرئيس الذين فاجأهم القرار، وضغطوا بقوة على زعيمهم من أجل التراجع، وهو ما حدث. وتبعا لذلك، أعربت مصادر من الحركة، عن تخوفها من أن يعدل أحرضان، ذو 84 عاما، عن قراره مرة أخرى، غير أنه أكد ل«المساء» أن قراره «حاسم هذه المرة». وأفاد بيان صادر عن المكتب السياسي بأنه سيتم إحداث لجنة دائمة بناء على النظام الأساسي للحركة الشعبية تحت اسم «مجلس الرئاسة»، وهي اللجنة، التي تتمتع، حسب بيان الحركة، الذي توصلت «المساء» بنسخة منه، بالاستقلالية في التسيير عن باقي أجهزة وهياكل الحركة، وتتكون من الرئيس وثمانية أعضاء يتم اختيارهم من المناضلين الحركيين غير الممثلين في الأجهزة والهياكل التسييرية للحركة. وستتولى اللجنة، حسب البيان ذاته، الحفاظ على الخط السياسي للحركة، وكذا احترام وصيانة القيم التي أسست من أجلها، بالإضافة إلى الاستشارة وإبداء الرأي في القضايا السياسية والوطنية المصيرية الكبرى. على صعيد آخر، كشف امحند العنصر، الأمين العام للحركة، خلال اجتماع المكتب السياسي عن استمرار المشاورات مع حركة لكل الديمقراطيين، التي يرأسها فؤاد عالي الهمة. وأكد بيان المكتب السياسي أن المكتب قرر استمرار هذه المشاورات قصد تحديد وتدقيق شروط التحالف المستقبلي. كما تمت إثارة موضوع المستشارين الذين التحقوا بفريق الهمة الذي أنشأ قبل أسبوعين بمجلس المستشارين. وفي هذا الإطار، دعا المكتب السياسي إلى تتبع موضوع الأشخاص الذين يمكن أن يكونوا وقعوا على لائحة الفريق الجديد وعرضه على المكتب السياسي من أجل اتخاذ الإجراءات اللازمة.