بعد جمود دام حوالي ثلاثة أشهر، عادت الروح من جديد إلى مسلسل الحوار الاجتماعي، بعدما توصلت المركزيات النقابية باتصالات هاتفية من طرف الوزير الأول، عباس الفاسي، يحثها فيها على استئناف الحوار ويطالبها بالعمل معا على إخراج هذا الحوار من الأزمة التي يتخبط فيها. وعلمت «المساء» أن الاستعدادات تجري على قدم وساق داخل المركزيات النقابية التي توصف بأنها «الأكثر تمثيلية» لتسليم مقترحاتها بشأن النقاط الواجب مناقشتها في الحوار الاجتماعي مع الوزارة الأولى ووزارة التشغيل، بعدما توصلت بمراسلة خاصة بذلك من طرف وزارة الاتحادي جمال أغماني، بعيد محادثات الوزير الأول الهاتفية مع مسؤولي النقابات. ولم تنس النقابات النقط العالقة في جلسات الحوار السابقة، وتأتي في مقدمتها قضية رفع أجور الموظفين التي أكدت حكومة الفاسي في مناسبات متعددة «أنه يصعب الالتزام بها، بسبب الظروف الصعبة التي يمر بها اقتصاد البلاد خلال هذه السنة»، إلى جانب الترقية الاستثنائية التي ما تزال حجر عثرة في طريق الحوار الذي كان مفترَضا أن تُستأنَف جلساته في شهر شتنبر الأخير. وأكدت مصادر نقابية ل»المساء» أن وزارة التشغيل طالبت المركزيات بتقديم مقترحاتها لجدول أعمال يهم القطاع الخاص، وهي مبادرة لقيت ترحيبا من طرف النقابات التي لم تنفِ أنه «ترحيب حذر، بالنظر إلى أن سوابق الحكومة في عدم احترام منهجية الحوار وتفاصيله تؤثر سلبا على مصداقية الحوار نفسه والعمل النقابي بشكل عام». ومن المفترَض أن يتم تحديد لقاء بين النقابات المعنية بالحوار الاجتماعي والوزارة الأولى بعد التوصل بمقترحات جميع المركزيات، لتحديد «أجندة» عمل يتم بعدها الحسم في تاريخ استئناف المسلسل من جديد، وفق جدول أعمال مضبوط. وحول تجميد الحوار خلال الشهور الماضية، أكد نقابيون في تصريحات متطابقة ل»المساء» أن «الحكومة لن تعدم المبررات لمحاولة الإقناع بأن الجمود كان لظروف قاهرة»، موضحين أن «أهمية الحوار الاجتماعي بالنسبة إلى الشغيلة والمواطنين بشكل عام كان يفترض ابتداء احترام منهجيته وتواريخ عقد الجلسات، بغض النظر عن العراقيل والخلافات الموجودة». وحسب النقابيين، فإن «تأجيل جلسات الحوار وتجميده حسب رغبات الحكومة، يؤثر سلبا على مصداقية المركزيات النقابية الملزَمة بالحفاظ على مصالح الشغيلة». وتأتي هذه التطورات بعد سلسلة اجتماعات عقدتها اللجنة التنسيقية للمركزيات النقابية الأربع، وهي (الفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد العام للشغل بالمغرب، الاتحاد العام للشغالين بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل) وتدارست خلالها قضية التصعيد ضد الحكومة، في حال لم تبادر إلى إخراج الحوار الاجتماعي من الباب المسدود، ومن بين الإجراءات التي تم الحديث عنها تنظيم مسيرة وطنية حاشدة. وتأمل لجنة التنسيق أن تنضم الكونفدرالية الديمقراطية للشغل إلى التنسيق، خاصة بعد الخطاب الإيجابي لمحمد نوبير الأموي، خلال آخر لقاء، والذي دعا فيه إلى توحيد الجهود بين النقابات لأجل حماية حقوق الشغيلة.