مواجهة الإسلاميين لا تكون بإمكانيات الدولة ما يحدث اليوم هو تكرار لما وقع سابقا.. والخطأ هو أنه في وقت الانفتاح السياسي حين ينبغي إعطاء إمكانيات لأحزاب مستقلة سياسيا عن الإدارة، فإنه عوض أن تقوم بالانفتاح على هؤلاء فهي تنشئ بديلا.. وهذا ليس صحيحا وليس سليما، ولن يكون أفضل مما كان عليه الأمر في بداية الستينات وأقصد هنا تجربة «الفديك».. وفي ما يخص قضية مواجهة الإسلاميين، فينبغي أن تكون في إطار ديمقراطي، في إطار الحريات، وفي إطار أن يمنح كل شخص حقه في التعبير، لذلك فإن فضح الصراع النظري والسياسي والاقتصادي هو ما سيبرز الأخطاء التي تصدر عن أي طرف، وأعتبر أن وضع «حركة لكل الديمقراطيين» كقطب سياسي منافس للإسلاميين غير صحيح وغير سليم، ويمكن أن أقول إن النتائج التي ستظهر في المستقبل في علاقة بهذه الحركة والإسلاميين لن تخرج عما عشناه مع الأحزاب الإدارية منذ الستينات وحتى وفاة المرحوم الحسن الثاني.. قرب هؤلاء من الملك ومن الإدارة والسلطة هي كلها أشياء غير معقولة.. ولأن منطق المواجهة هنا غير سليم لأنه لا يعبر عن مواجهة سياسية ولكن عن مواجهة تريد الإدارة والنظام أن إقامتها، ولأن الأحزاب التي عرفناها والتي تنصب نفسها كمواجه للإسلاميين فهي تمارس ذلك انطلاقا من إرادتها وقوتها ومبادئها وقناعاتها وليس بإمكانيات الدولة.. لهذا فأنا غير متحمس لهذا التوجه.. وأعتبر أنه ليس في مصلحة حتى المؤسسة الملكية نفسها، وأنا أعتبر «حركة لكل الديمقراطيين» نوعا من الأحزاب الإدارية التي عرفناها في السابق لكنها في شكل جديد. * الأمين العام للحزب الاشتراكي الموحد الهمة والإسلاميون قطب واحد أمام الدستور إذا كان تشكيل الهمة لقطب سياسي لمواجهة الإسلاميين في الانتخابات المقبلة، للدخول إلى المؤسسات أو لتشكيل الحكومة، فإنني أعتقد أننا كجماعة «العدل والإحسان» غير معنيين بذلك، لأنه لا مجال لينافسنا لا في الحكومة ولا في البرلمان، فنحن، من ناحية المبدأ، مقاطعون لهذه المؤسسات. من ناحية أخرى، إن تشكيل قطب لمواجهة الإسلاميين هو أمر مغلوط، لأن المفروض هو أن تكون المنافسة على شيء واضح ومعروف وهي المنافسة على الحكم، وعلى تدبير الشأن العام، في حين أن الواقع في المغرب والدستور في المغرب لا يسمحان بذلك إطلاقا، فالسلطات في المغرب كلها مركزة في يد الملك، والحكومة لا يمكنها إلا أن تطبق مشروع الملك وبرنامجه، بغض النظر عن إن كانت هذه الحكومة إسلامية أو غير إسلامية.. فالمنافسة هناك لا تكون إلا من أجل تطبيق برنامج الملك، لذلك فهذه الأقطاب وهذه التموقعات أعتقد أنها تلعب في مسرح مفتعل وفي مسرح غير واقعي، على اعتبار أننا نحاول أن نسقط ما يوجد في بلدان ديمقراطية على واقع غير ديمقراطي. نحن نعلم أيضا ألا الإسلاميين ولا غير الإسلاميين لا يمكن أن يشكلوا أغلبية مطلقة تسمح لهم بتطبيق برامجهم بغض النظر عن إن كانت لهم السلطة لتطبيق هذا البرنامج أو لم تكن لهم السلطة، نحن إذن نتحدث عن أقطاب وهي في الأصل غير موجودة. في النهاية أقول أنه لكي تتشكل هذه الحكومة المغربية لا بد أن تتشكل من كشكول من الأحزاب ومن توجهات مختلفة، سواء بالنسبة إلى الهمة أو بالنسبة إلى الإسلاميين، ومن ثم لا يمكن أن نتحدث عن قطب هنا وقطب هناك يستطيع أن ينفرد بالسلطة أو يطبق برنامجه، في ظل هذا الدستور وهذا الواقع الموجود الآن. *الناطق الرسمي باسم العدل والاحسان الهمة يمكن أن ينافس الإسلاميين يمكن أن نضع هذه المقاربة ونقول إن الهمة يشكل قطبا سياسيا منافسا للإسلاميين، لكن ليس هو فقط من يقوم بذلك في المشهد السياسي، هناك هيئات سياسية وأحزاب ومنظمات أخرى، التي تعتبر هي أيضا منافسة للإسلاميين، وما ينبغي توضيحه أيضا هو أن «حركة لكل الديمقراطيين» هي بالفعل هيئة منافسة للإسلاميين لكنها أيضا هيئة منافسة للأحزاب السياسية الأخرى، لذلك أقول إنه لا يمكن تصنيف هذه الحركة فقط من خلال تموقعها بالنسبة إلى الإسلاميين.. الأمر الثاني هو أن هذه الحركة وإلى اليوم ما زالت جمعية ولا يمكن لنا أن نقول إنها تنافس بصفة حزبية صرفة باقي الأطراف المشكلة للمشهد السياسي المغربي.. حركة الهمة اليوم يمكن أن نقول عنها إنها اتجاه مخضرم ما بين حزب الاستقلال والعدالة والتنمية، ومن خلال تصريحات أصحابها يتبدى أن لهم اتجاها عصريا في ما يخص الاقتصاد، واتجاها محافظا في ما يخص السياسة وتوجهاتهم السياسية. هذا على العموم ما يمكن قراءته من خلال تصريحات أعضاء الحركة وخرجاتهم الإعلامية وسيتغير كل شيء حين سيوضحون موقعهم في المشهد السياسي، واحتمالات النجاح في تشكيل قطب سياسي منافس للإسلاميين قائمة. الهمة سينافس الإسلاميين بوجوه أخرى نجاح أو فشل الهمة في تشكيل قطب سياسي منافس للإسلامييين ينبغي فهمه من نقطة انطلاقة الهمة ومن قوة الإسلاميين، أظن أن الهمة حسب ما يصرح به يريد من عمل حركته «إعادة القيمة للعمل السياسي وبعث الثقة في الممارسة السياسية من جديد، ومصداقية جديدة للنخبة السياسية» وهنا أقول: إن هو نجح في جلب الكثير من الناس إلى حركته من ذوي المصداقية في المجتمع يمكن أن يفعل شيئا، أما إذا استمر في نهج الطريق الذي يسير فيه الآن، من خلال استقطاب الانتهازيين الذين ينظرون إليه كرجل القصر الذي سيمنحهم امتيازات كبرى، فربما سيحصل نفس السيناريو، الذي عايشناه، عندما انطلقت تجربة «الفديك»، أما بخصوص الإسلاميين فهؤلاء تتجلى قوتهم في خطاب يقوم في جزء كبير منه على مفهوم العدالة الاجتماعية، وهذه نقطة مهمة ينبغي الانتباه إليها لأن المهم في المجتمعات العربية والذي يشتغل به الإسلاميون هو «العدالة الاجتماعية» و«الفقر» والتهميش وليس مفهوم الديمقراطية، والإسلاميون يخدمهم كثيرا هذا الخطاب، ثم إن الإسلاميين المغاربة اليوم ينبغي أن يتمسكوا باللغة المتشددة والخطاب الهجومي إن هم أرادوا أن يواجهوا الهمة، أما إذا أرادوا أن يظهروا أنفسهم كبقية الأحزاب الأخرى فسيفقدون الكثير من أنصارهم، وهو ما أصبح يحدث بالفعل، وأما بالنسبة إلى الهمة فإذا أراد أن يبعث الثقة في الناس فعليه أن يبحث عن أشخاص آخرين غير أولئك الذين يحيطون به الآن.. وإلا سيكون مصيره كمصير «الفديك» أو بقية الأحزاب الإدارية. *محلل اقتصادي