لم ينفع موقع منزل القتيلة خديجة أبو القاسم في حمايتها من مصير محتوم. إذ كان المنزل الذي يقع وسط حي أمليل بمدينة دمنات مسرحا لجريمة قتل بشعة في مساء التاسع من رمضان الموافق ل 16 نونبر من سنة 2002. القاتل اختار ذبح الضحية بسكين ولاذ بالفرار مخلفا وراءه سؤالا كبيرا بمدينة دمنات: من قتل خديجة أبو القاسم ؟ كل من عرف الضحية يؤكد أنها سيدة مطلقة كانت تعيش حياتها كأي امرأة موظفة تسعى إلى إسعاد نفسها وابنتها بالتبني. كانت في نهاية عقدها الرابع. ازدادت بمراكش في سنة 1955، وهي تشتغل موظفة بسيطة بمقر دائرة دمنات، وكان قدرها أن تعيش بنفس المدينة قبل أن تسلب منها الحياة ذبحا بنفس المدينة أيضا. لم تنفع بيانات واحتجاجات الهيئات الحقوقية بالمدينة، خاصة فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. كما لم تنفع الوقفات الاحتجاجية للسكان ومطالبتهم بالوصول للقاتل، وفشلت أجهزة الأمن والمحققون في مناسبتين، أولاهما بعد جريمة القتل مباشرة، حيث كان البحث يسير بخطى ثقيلة، والثانية كانت بعد تزايد احتجاجات السكان ومعارف القتيلة، والحديث الإعلامي عن الجريمة، حيث حلت بالمدينة فرقة من المباحث الجنائية المختصة في كشف الجرائم المعقدة، لكن كانت جريمة قتل الضحية خديجة أبو القاسم أشد تعقيدا مما سبق لنفس الفرقة التعامل معه، ف«قرائن الجريمة تم إتلافها عن قصد أو عن غير قصد بعد ارتكاب الجريمة»، ومجيء الفرقة المختصة كان متأخرا جدا أتيحت معه فرص ذهبية للقاتل بمحو آثار جريمته بهدوء. مرت ثمانية أعوام إلى اليوم على حادث مقتل خديجة أبو القاسم بمنزل يقع قرب مركز الدرك ووسط منازل موظفي الأمن بالمدينة وقرب مقر عملها دائرة دمنات. وقد طرحت حين حدوث الجريمة العديد من الأسئلة عن هوية القاتل وعن أهدافه، وإن كانت من بين أطماعه الفتاة اليافعة بنت الضحية بالتبني، لكن الأسئلة كلها كانت وما تزال تصطدم بواقع حقيقي يحجب كل الأجوبة: من قتل خديجة أبو القاسم؟ وكيف أخفى قرائن ومعالم الجريمة؟