نشرة إنذارية: امطار رعدية قوية مرتقبة بالحسيمة ومناطق اخرى    الشراكة المغربية البرازيلية.. 20 عامًا من التعاون الاستراتيجي والآفاق المستقبلية    الأطباء يشلون المستشفيات احتجاجاً على تجاهل الحكومة لمطالبهم            "غلوري" توقف المقاتل جمال بن صديق بسبب المنشطات        الكاف يحدد موعد انتخاباته الرئاسية    عامل إقليم الفقيه بن صالح محمد قرناشي يترأس الذكرى السادسة والعشرين لوفاة المغفور له الحسن الثاني بمسجد السلام حي نزهة 1.    زخات رعدية قوية مرتقبة اليوم الإثنين بعدد من مناطق المملكة    الشركة الجهوية متعددة الخدمات الدار البيضاء – سطات تطلق عملية واسعة النطاق لتنقية شبكة التطهير السائل بالجهة    رسميا..طلاق فرح الفاسي وعمر لطفي    "الفوارق في الثروة" تفوز بنوبل الاقتصاد    "البام" يعرض هجوم مستشاري "الأحرار" على عمدة طنجة في اجتماع الأغلبية    ترتيبات جديدة تنظم "إسعاف السفر"    حزب الله يستهدف ثكنة في وسط اسرائيل    دراسة: الذكاء الاصطناعي ساعد في اكتشاف آلاف الأنواع من الفيروسات    المعهد المغربي للتقييس يخلد اليوم العالمي للتقييس        سلطات مدريد تسلم المغرب الدفعة الثانية من داعمي البوليساريو    جنود جزائريون يفضلون قوارب الموت على خدمة دولة الجنرالات    جامعة كرة القدم تكرم لاعبين دوليين بالمنطقة الشرقية    قتلى وإصابات خلال قصف حزب الله لإسرائيل    السلاح النووي والصراع بين إسرائيل وإيران يدقان ناقوس الخطر في المنطقة    مصرع سيدتين في فيضانات بإقليم تازة    مراكش.. الأمطار تعري فساد المسؤولين والمنتخبين (فيديوهات وصور)    توقيف شخص مسلح قرب تجمع انتخابي لدونالد ترامب    رحيل المفكر اللبناني مصطفى حجازى صاحب كتاب "سيكولوجية الإنسان المهدور" عن عمر ناهز ال 88 عاما    قتلى وجرحى في غارات إسرائيلية على مركز توزيع أغذية في جباليا    تساقطات مطرية قوية تغرق مدينة مراكش    تعليق الدراسة في جميع المؤسسات التعليمية داخل المجال القروي بورزازات    من التصيد إلى الاحتيال .. هكذا تحمي نفسك في العالم الرقمي    دلالة ‬النداء ‬العاجل ‬من ‬جلالة ‬الملك ‬للشعب ‬من ‬أجل ‬التعبئة ‬و ‬اليقظة    منسوب واد إميضر يربك حركة المرور    أعراض داء السكري من النوع الأول وأهمية التشخيص المبكر    أوشام الزينة التقليدية لم تعد تغري النساء الأمازيغيات في المغرب    الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: الغطرسة الإسرائيلية ستنتهي بالدموع والدم.. التاريخ مليء بدول ثملة بالقوة انتهت بكارثة    انفوجرافيك | على مستوى افريقيا والشرق الأوسط.. المغرب يتبوأ المركز 06 في تصنيف العلامات التجارية العالمية    منتخب المغرب يجري حصة تدريبية    مغربيان يتألقان في ماراثون موسكو    الأميرة للا مريم تترأس حفلا دينيا إحياء للذكرى السادسة والعشرين لوفاة الملك الحسن الثاني    التطوانية بوعود تحصد لقب "قارئ العام للعالم العربي"    منير الجعواني يعود إلى البطولة الإحترافية    سعر صرف الدرهم يرتفع مقابل الأورو ويتراجع مقابل الدولار بحسب بنك المغرب    أول عملية مغربية لتجميد مبيض تحفظ خصوبة شابة تواجه سرطان الدماغ    الكاتب عبده حقي يدشن الدخول الثقافي بكتابين جديدين    مغربيتان تتوجان بجائزة أفضل قارئ عربي في مسابقة "إقرأ" بالسعودية    تقرير بريطاني.. المغرب يتصدر قائمة أفضل 5 دول في تحسين مناخ الأعمال    العيسى: إقرار "بناء الجسور" نقلة مهمّة    فيلم "صحاري سلم وسعى" يتوج بالبنين    منصة إماراتية للفرجة تعرض المسلسل المغربي "حياة خاصة"    "البيضة ام الدجاجة اولا؟" .. علماء يحسمون الحدل أخيرا!    الرباط.. إجراء أول عملية لتجميد المبيض بالمغرب    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل يتجه المغرب إلى مرحلة الجفاف الكبير؟!
نشر في المساء يوم 21 - 11 - 2010

أقصى ما يمكن أن يتصوره المواطن المغربي، في المستقبل القريب، اختفاء المياه من الحنفيات لأيام، أو أن يضطر إلى قطع كيلومترات عدة حتى يحصل على كمية صالحة ونقية منها، أو يضطر إلى دفع فاتورتها الشهرية أضعافا لما يدفعه من استهلاكه حاليا، أو يشربها ملوثة في بعض المناطق الصناعية،
بل أكثر من ذلك قد يمنع على المزارعين إنتاج نوع معين من الخضروات التي كانوا ينتجونها بوفرة والتي تحتاج إلى كمية معتبرة من المياه وتضطر الدولة إلى استيرادها لتسد حاجيات السوق الداخلي منها!
كل المؤشرات السابقة تلميحات إلى صورة سوداء. عدة معطيات تجعلها واقعة وحادثة، قد لا تكون بهذه الدقة وفي هذه التجليات الموصوفة، إلا أن كل المعطيات تؤكد الأزمة المائية القادمة!
حسب التقرير الأخير (2010) ل«المنتدى العربي للبيئة والتنمية»، فإن الدول العربية -ومن بينها المغرب، طبعا- ستواجه، بحلول عام 2015، ندرة حادة في المياه. ولم يستثن التقرير من وضعية الندرة الحادة هذه سوى دولتين هما: العراق الواقع تحت نيران الاحتلال، والسودان الذي ينتظره مستقبل غامض خلال الشهرين المقبلين. وحسب التقرير دائما، فإن الحصة السنوية للفرد ستنخفض إلى أقل من 500 متر مكعب، مع العلم بأن المعدل العالمي الذي يجب أن يحظى به الفرد يتجاوز 6000 متر مكعب، بل الأسوأ من ذلك أن ست دول عربية تنخفض فيها حصة الفرد حاليا إلى 100 متر مكعب!! إنها وضعية أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها كارثية وتنذر بمستقبل مائي ملؤه الصراع حول الينابيع!
بالعودة إلى الوضعية المائية التي تنتظر المغرب، نجد أن تقرير الخمسينية وضع لها تشخيصا مقتضبا منذ خمس سنوات، فهي، لاعتبارات المناخ الذي يتسم به البلد شبه الجاف، لا تتوفر إلا على موارد مائية طبيعية محدودة لا تتعدى 29 مليار متر مكعب سنويا، منها 70 في المائة من المياه السطحية، و30 في المائة من المياه الباطنية، والإمكانيات التقنية والاقتصادية لا تمكن البلد إلا من 19 مليار متر مكعب، أي ما يعادل 700 متر مكعب للفرد سنويا. وإذا كانت هذه الوضعية قد شخصت منذ خمس سنوات فلاعتبارات مناخية، أيضا نرجح أن يكون المعدل السنوي في حالة استقرار طوال الخمس سنوات الماضية، فخلالها شهد المغرب معدلا من التساقطات على إثرها سجلت نسب ملء في السدود لم تسجل قط في تاريخها، وإلى حدود يناير من السنة الماضية بلغت نسبة الملء الإجمالية 88 في المائة وبلغت في بعض السدود 100 في المائة.
صحيح أن سياسة السدود التي أطلقها المغرب منذ 1967 كان لها الأثر الأبرز في تجنيب البلد سنوات من الندرة المائية ربما تصل إلى 40 سنة، واستطاعت هذه السياسة الحكيمة أن تمنح فرصة كبيرة لهذا البلد لإيجاد بدائل أخرى تكون، إلى جانب السدود، المحدد الاستراتيجي لأشكال التعبئة في هذا القطاع. وهنا لا بد من تأكيد أن المغرب ربما لم يتمكن من استغلال الفرصة الثمينة التي وفرتها سياسة إنشاء السدود طوال السنوات الماضية بالشكل المطلوب ووضع السدود في ميزان المخلص الوحيد والدائم من كل المشاكل التي ستعترضنا في المستقبل.
ما يجب تأكيده هو أن المعدل السنوي، في ظل التعبئة القوية للمدخر المائي وفي ظل الحاجة الكبيرة، يؤكد أن المعبأ يقع دائما في خط الندرة إن لم نقل تحته، وبالتالي لا يمكن أن نتصور يوما ما، أمام هذه المعطيات، أن نرتفع عن معدل الندرة، سواء الذي صوره تقرير «المنتدى العربي للبيئة والتنمية» أو النسبة المشخصة في «تقرير الخمسينية» التي تعتبر نسبة واقعة أصلا في خط الندرة.
إن المحافظة على نسبة الفرد من المياه على ما هي عليه اليوم أمر صعب للغاية، فالمناخ المغربي يشهد اليوم تقلبات عميقة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد على التساقطات المطرية في السنوات القليلة المقبلة لرسم الاستراتيجية العامة للتعبئة، وبالتالي البحث عن البدائل يجب أن يكون جزء لا يتجزأ من سياسة الحفاظ على الأمن المائي للبلاد!
إن ما يصعب مهمة المغرب في البحث عن بدائل للتعبئة هو استمرار مجموعة من الظواهر الفتاكة والخطيرة كتصريف المياه العادمة والملوثة في الأنهر والمحيط والبحر والمسالك الطبيعية، ولم تشكل هذه السياسة العشوائية تهديدا لتنويع المصادر المستقبلية بل أضحت اليوم تستنزف من الناتج الداخلي الإجمالي مبالغ باهظة جدا، وتهدد الحياة الطبيعية والنظام الإيكولوجي!
ربما من جملة التدابير، التي يجب على المغرب اتباعها في هذا المجال للحفاظ على أمنه المائي وتجنب «الحرب» القادمة وحالة الجفاف العظيم التي ستضرب المنطقة العربية، التفكيرُ بجدية في كيفية القضاء على الأنماط التقليدية السائدة في استغلال مياه السقي في الفلاحة المغربية. فالسقي بالغمر، مثلا، يعتبر مستنزفا حقيقيا للموارد. ثم التفكير بجدية كذلك في تنويع المزروعات وعدم الاقتصار على ما يستهلك المياه منها!
غير أن الخطوة الكبيرة التي يجب أن ترافق سياسة واستراتيجية عامة تتجلى في نقطتين اثنتين: الأولى تكمن في وضع مخطط جدي لتحلية مياه البحر والمحيط والاستفادة من تجارب عدة دول خليجية في هذا الميدان، والنقطة الثانية تتعلق باستغلال تكنولوجيا الفضاء وما يسمى ب«معلومات طبوغرافيا الأرض»، وهي معلومات -حسب فاروق الباز، مدير «مركز أبحاث الفضاء» في جامعة بوسطن الأمريكية- مسموح باستخدامها في الدقة المحددة في 90 درجة، وهي تؤهل للتعرف على تضاريس الصحراء، ليس فقط في الوقت الحاضر ولكن حتى في المراحل الغابرة التي شهدت تساقطات مطرية مهمة تحويها بطون، فبواسطة هذه التقنية استطاع الباز أن ينجز مشروع حفر 500 بئر في جنوب غرب مصر وإنتاج مياه غزيرة تكفي لزراعة أكثر من 150 ألف فدان لمدة 100 سنة!
إذا كانت الأجيال السابقة قد منحت للأجيال الحالية أمنا مائيا جنبنا سنوات من الجفاف، فما الذي سنتركه نحن «كإرث مائي» -إن صح التعبير- للأجيال القادمة؟!


عبد المجيد أمياي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.