منذ الاستقلال، تم تنفيذ عقوبة الإعدام في 51 شخصا، ثلاثة فقط منهم أُدينوا بجرائم الحق العام (متشوق، الزيناني وثابت)، أما ال48 الباقون فكلهم أُعدموا رميا بالرصاص في قضايا ذات طابع سياسي. «تدشين» الإعدام بباشا ميدلت تم تنفيذ عقوبة الإعدام في 51 شخصا في تاريخ المغرب المستقل، حسب معطيات «المرصد المغربي للسجون». فقد انطلق ذلك رسميا -بعد محاكمة وليس المقصود التصفيات التي تمت بالجملة في صفوف المقاومة وغيرها- صبيحة 30 يناير 1961 بإعدام باشا ميدلت، موحى أورا، وهو الوحيد الذي نُفِّذ فيه الإعدام من ضمن الأربعة المحكوم عليهم في هذه القضية، في إطار تمرُّد عامل تافيلالت عدي وبيهي، وهم إضافة لهذا الأخير: موحى أورا، سعيد اليوسي وحدو أوميمون. استفاد الأخيران من عفو الملك الحسن الثاني يوم 9 أكتوبر 1961 (التمرد وقع في عهد محمد الخامس ما بين 18 و22 يناير 1957 خلال زيارته إيطاليا وتكفل ولي عهده مولاي الحسن بالقبض على المتمردين) أما عدي وبيهي فقد توفي قبل ذلك (30 يناير 1961) في مستشفى ابن سينا. بعد سنة تقريبا من هذا الإعدام الأول، كان السجن المركزي في القنيطرة على موعد يوم 24 يناير 1962 مع إعدام أربعة مقاومين، في إطار «ملف الفواخري». يتعلق هذا الملف بمجموعة محمد بن حمو العياشي، الشهير ب«الفواخري» والتي اتُّهمت بالتخطيط لاغتيال ولي العهد -آنذاك- مولاي الحسن، شهورا قليلة قبل اعتلائه العرش في مارس 1961. وقد توبع الفواخري ورفاقه العشرة بتهم «حيازة السلاح والإخلال بأمن الدولة والقتل العمد»، وصدرت الأحكام بالمؤبد في غشت 1961 على أربعة أشخاص وبالإعدام على الستة الباقين، وهم: الفواخري، عبد الله بن لحسن الزناكي (قاوم الاستعمار إلى جانب محمد الزرقطوني)، المولات إدريس، أحمد بن محمد تاجا، الجابوني وعمر بناصر، ليُنفذ فيهم الحكم، باستثناء الاثنين الأخيرين. إعدام مراهق من الإعدامات المنفذة في منتصف الستينيات إعدام المراهق عبد الرحيم إينوس، الذي لم يكن عمره يتجاوز 17 سنة. فقد أطلق هذا الطفل النار على الضابط لحسن الغول، الذي صفى عددا من المقاومين. وقد صرح عبد الرحيم إينوس أمام هيأة المحكمة العسكرية بأنه قضى على «حياة مجرم اغتال الكثير من أبناء الشعب المغربي البرَرة»... واعتبر ما قام به «واجبا وطنيا»، لأنه تربى على رفض الظلم والاستغلال والخيانة في ظل الاستعمار الفرنسي، «فكيف يقبله في عهد الاستقلال، وهو صادر عن مغاربة ضد مغاربة؟»... وكان حكم المحكمة العسكرية هو الإعدام رميا بالرصاص في حق عبد الرحيم إينوس وفي حق رفيقه لحسن باشوش. إعدام الانقلابيين محكمة عسكرية أخرى وأحكام إضافية بالإعدام، لكنها صدرت هذه المرة بسرعة البرق. ثلاثة أيام فقط هي التي تفصل بين اليوم الذي جرت فيه المحاولة الانقلابية على الملك الراحل الحسن الثاني في قصره في الصخيرات وبين تنفيذ حكم الإعدام في حق العسكريين الذين أُدينوا بقيادة الهجوم (إلى جانب الجنرال محمد المذبوح والليوتنان كولونيل امحمد اعبابو، اللذين قتلا يوم الانقلاب إثر خلاف بين الانقلابيين) الذي تم غداة احتفال الملك الراحل بعيد ميلاده سنة 1971 (10 يوليوز). ففي يوم 13 يوليوز 1971، تم النقل المباشر لإعدام 13 عسكريا، من بينهم 10 من كبار الجيش الملكي (4 جنرالات، 5 كولونيلات وكوماندان واحد) أُدينوا في محكمة عسكرية أُنشئت قبل يوم واحد وأشرف عليها وزير الداخلية آنذاك، الجنرال محمد أوفقير. أوقف المتهمون في ساحة الرماية «المزل» في ضواحي مدينة الرباط (غير بعيد عن قصر الصخيرات) وتم تجريدهم من درجاتهم العسكرية من طرف جنود عاديين ثم رُبِطوا إلى أعمدة وأُطلقت عليهم النار. تم ذلك بحضور الوزير أوفقير والوزير الأول أحمد العراقي وممثلي عائلات بعض ضحايا الانقلاب. وتتحدث بعض الروايات عن تتبع الراحل الحسن الثاني عملية الإعدام من بعيد، متواريا عن الأنظار، بواسطة منظار. وقد رفض بعض العسكريين أن تُعصَّب عيونهم، ولم يكف آخرون عن تكرار عبارة «عاش الملك»، منتظرين معجزة «العفو الملكي» لتنقذهم من الموت في آخر لحظة... سنة 1973 ورقم قياسي لم تمض إلا سنة واحدة على الانقلاب الأول وتنفيذ حكم الإعدام في حق المتورطين فيه في وقت قياسي وبإشراف من وزير الداخلية آنذاك، الجنرال محمد أوفقير، حتى بادر الأخير إلى تجريب «حظه» في محاولة انقلابية عسكرية، عُرفت ب»عملية البُراق» أو انقلاب طائرة «بوينغ 727» الملكية. ففي يوم 16 غشت 1972، استهدف وزير الداخلية والدفاع أوفقير والليوتنان كولونيل محمد أمقران والكومندان الوافي كويرة حياة الملك الحسن الثاني وهو في طائرته العائدة من الديار الفرنسية، بقصفها بواسطة طائرات حربية. هذه المرة، تريَّث الجنرال محمد الدليمي، رجل المرحلة الجديد، في تشكيل المحكمة العسكرية. هكذا بدأت المحاكمة يوم 17 أكتوبر 1972، تحت رئاسة عبد النبي بوعشرين (الذي ترأس أيضا محاكمة انقلابيي الصخيرات)، بمساعدة السكيرج والدليمي. المشكلة أن الأخير كان مع الملك في الطائرة، وبالتالي يمكن اعتباره ضحية /مجنيا عليه تحول إلى قاض وهو ما يُخلّ بمبادئ المحاكمة العادلة طبعا. وفي يوم 13 يناير 1973، أي بعد 3 أشهر من المحاكمة، أُعدم 11 طيارا (أمقران، كويرة، عبد القادر زياد، حميد بوخالف، عبد العالي المهدي، أحمد بلقاسم، العربي بينوا، الطاهر بحراوي، عبد الرحمان كمون، الحاج العرَبي، اليزيد ميداوي) في شاطئ «الشليحات» قرب القنيطرة. أما أوفقير فقد وُجْد جثة هامدة يوم 17 غشت 1972 (في اليوم الموالي للمحاولة الانقلابية). في نفس السنة (1973)، تم تنفيذ أحكام إعدام في حق المتورطين في أحداث مولاي بوعزة. ففي 25 يونيو 1973، قُدِّم للمحكمة العسكرية في القنيطرة 149 معتقلا من «الاتحاديين»، على إثر الأحداث التي وقعت يوم عيد العرش -وقتها- (3 مارس) في مولاي بوعزة، قرب خنيفرة، بتهمة تهديد أمن الدولة، وصدر حكم الإعدام في حق 15 منهم. تم تنفيذ هذه العقوبة القصوى يوم فاتح نونبر، يومين بعد عيد الأضحى، وهكذا تم إعدام 15 شخصا رميا بالرصاص وهم: عمر دهكون، مصطفى أجدايني، محمد بن الحاج الحسين، موحا نايت بري، لحسن آيت عمي، عبد الإله بن محمد، مصطفى يوس، محمد حسن الإدريسي، مبارك بارو، لحسن آيت زايد، حديدو أوموح، عبد الله أمحزون، دحمان سعيد نايت غريس، لحسن تاغجيجت، محمد بن الحسين، المدعو «هوشي مينه»... وفي 27 غشت 1974، نُفِّذ حكم الإعدام في حق مجموعة أخرى ضمت كلا من إدريس الملياني، محمد المهتدي، بوجمعة جناح، محمد الحجيوي، بوجمعة ميري، سعيد أوخيا وموحا أوحمو.