بمناسبة أحد الأعياد الاجتماعية، أنفقت السيدة روزلين وزوجها آلاف الدولارات لاقتناء جوارب وقمصان ومعاطف وأحذية ولعب لبيردي (6 سنوات) وميسي (3 سنوات) اللذين جاءا للعيش معهما بعد طلاق ابنتهما الوحيدة. لأول وهلة، تبدو هذه العائلة نموذجية لولا أن بيردي وميسي كلبان كانا في حوزة الابنة المطلقة. بعد أن يعود الزوج من عمله، يأخذ الكلبين في نزهة حول المنزل ثم يصطحبهما إلى المطاعم التي يرتادها مع زوجته، حيث تخصص لهما وجبات دسمة، قبل أن يعود بهما إلى المنزل ويقتسم فراشه معهما. في ظل الوحدة القاتلة التي يعانون منها، لا يجد الكثير من الأزواج، الذين يرفض أبناؤهم الإنجاب لقناعات شخصية، وسيلة لكسر الوحدة سوى تربية حيوانات أبنائهم الأليفة. وفي وقت تراجع فيه معدل الإنجاب في الولاياتالمتحدة من 14.3 مولودا/1000 نسمة سنة 2007 إلى 13.5 مولودا/1000 نسمة -وهو أقل معدل مسجل خلال قرن من الزمن- يعمد بعض من تقدمت به السن إما إلى الاستمرار في العمل أو الانخراط في أنشطة خيرية أو الركون إلى العزلة أو الاعتناء بالحيوانات الأليفة، حيث بلغ عدد الأسر التي تملك، على الأقل، حيوانا أليفا واحدا 71.4 مليونا، أي 62 في المائة من ساكنة البلد. ورغم أن القطط تتربع على عرش الحيوانات الأليفة من حيث العدد، فإنها لا تحظى بنفس المكانة التي تحظى بها الكلاب في قلوب الأمريكيين، لأن الأخيرة -في نظرهم- تمنحهم حبا دائما غير مشروط وبلا حدود، وهو ما يحتاجونه في هذا العالم المجنون. وعادة ما يجد الآباء التواقون إلى احتضان أحفادهم أنفسهم يذللون كلابا أو قططا تكون محط اهتمامهم ومصدر فخرهم الوحيد. وعلى علاقة بهذه الظاهرة، ازدهرت تجارة الملابس واللعب والأدوية والمأكولات الخاصة بالحيوانات الأليفة، وأصبح من المعتاد أن ترى أناسا يتجولون في الشارع وهم يرتدون بزهو قمصانا كتب عليها «أنا أحب حفيدي الكلب». كما وفرت كبريات المطاعم الأمريكية وجبات خاصة بهذه الحيوانات. والمضحك المبكي في هذا الصدد هو قصة تلك المرأة التي كانت تساعد ابنتها، التي كانت تتابع دراستها الجامعية في الأعمال المنزلية وتتعهد في نفس الوقت كلبها وتصطحبه معها في زياراتها العائلية. واليوم، ترقد المرأة في إحدى دور الرعاية الصحية بعد أن أصيبت بداء الخرف. وقد نسيت ابنتها، لكنها لم تنس الكلب !