يوم الأربعاء القريب القادم (يقصد اليوم) سيبدأ في أمريكا عصر «ما بعد الانتخابات» والرئيس باراك أوباما سيتفرغ من جديد للشرق الأوسط ومشاكله المضنية. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يترقب نتائج التصويت للكونغرس كي يقدر قوة أوباما ومدى رغبته وقدرته على التدخل بين إسرائيل والفلسطينيين. حتى ذلك الحين لن يحصل شيء. لقد رد نتنياهو طلب أوباما تمديد تجميد الاستيطان بشهرين، لإعطاء الرئيس هدوءا سياسيا حول انتخابات منتصف الولاية. وشرح نتنياهو أن عليه أن يظهر «المصداقية والصمود»، والإغراءات التي عرضها عليه أوباما مقابل التمديد لم تزحزحه عن موقفه. يمكن تخمين أن نتنياهو لم يرغب في أن يساعد أوباما عشية الانتخابات، فيغضب خصوم الجمهوريين للرئيس. نتنياهو يحتاج إلى دعمهم كي يحبط الضغوط الممارسة من قبل البيت الأبيض. هذا التأييد سيكون حيويا من الآن فصاعدا بسبب «تغيير المنهاج» للمسيرة السياسية، من المفاوضات إلى التدويل. نتنياهو لا يزال يصر في المحادثات المغلقة على أنه يمكن تحقيق تسوية دائمة مع الفلسطينيين في غضون سنة. وحسب نهجه، فإنه الوزير الأكثر تفاؤلا بين أعضاء السباعية. ستة زملائه مفعمون بالشكوك في احتمالية التسوية. أما نتنياهو فسيطلب فرصة أخرى لاستئناف المحادثات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، التي كانت قد انهارت فور بدئها. ولكن الخطاب السياسي انتقل إلى مكان آخر: الفلسطينيون يهددون بالتوجه إلى مجلس الأمن، كي يعترف بدولة فلسطينية في حدود 67. إذا ما اتخذ مثل هذا القرار، فإنها ستجعل كل وجود إسرائيلي خلف الخط الأخضر كتجاوز إجرامي للحدود. مستوطنو التلال من يتسهار، الجنود في الاستحكامات، المصلون في المبنى وسكان الحي اليهودي في البلدة القديمة، بل حتى الطلاب الذين يسكنون في غربي القدس ويقطعون الخط الأخضر في طريقهم إلى الجامعة في جبل المشارف. معنى القرار سيكون أن الفلسطينيين يحق لهم طرد الغازي الإسرائيلي من أراضيهم والانطلاق إلى حرب تحرر وطنية برعاية الأممالمتحدة. وستحشر إسرائيل في الزاوية. إذا عارضت القرار وانطلقت إلى الحرب كي تحبطه، فإنها ستعلق في وضع القيادة الفلسطينية في عام 1947، التي رفضت مشروع التقسيم. وإذا بدت إسرائيل كمن ترفض قرار التقسيم الجديد، فستنبذها الأسرة الدولية وتعزلها. وربما أيضا تبعث بالقوات لفرض إخلاء الجيش الإسرائيلي وتفكيك المستوطنات. يتمتع الموقف الفلسطيني بدعم واسع في العالم. وفقط قوة واحدة يمكنها أن توقف هذا السيناريو المخيف: فيتو أمريكي في مجلس الأمن. وسيركز نتنياهو سياسته في الأشهر القادمة على وعد الفيتو، وسيجند لهذا الغرض كل مؤيديه في أمريكا. أوباما يعرف أن نتنياهو في حالة ضغط. وكان اقترح عليه «مظلة فيتو» على مدى سنة إذا ما مدد التجميد لشهرين. وماذا سيحصل في نهاية السنة؟ هل أوباما يريد فقط لنتنياهو أن يتصبب عرقا، أم غنه يلوح بالامتناع عن الفيتو كعصا ثقيلة فوق رأسه كي يفرض عليه تسوية؟ يوجد سبيل آخر. بدلا من الفزع يمكن قلب الطاولة على الفلسطينيين. تريدون الذهاب إلى مجلس الأمن؟ تفضلوا، إذهبوا. بدلا من إدارة معركة صد دبلوماسية لمنع القرار، يمكن لنتنياهو أن يدخل في مفاوضات مع أوباما على طبيعته ومضمونه، وأن يصممه في الصيغة الأقل صعوبة لإسرائيل.. أن يدخل فيه، مثلا، مطلب الاعتراف بدولة يهودية ورفض حق العودة، انتشار الجيش الإسرائيلي في غور الأردن وإدراج الكتل الاستيطانية في إسرائيل. إذا وافق الفلسطينيون، سيحقق نتنياهو التسوية التاريخية التي وعد بها، وإذا قالوا على طريقتهم «لا»، فسيخف الضغط الدولي على إسرائيل. الانتقال من المفاوضات إلى التدويل سيسهل على رئيس الوزراء الوضع في الداخل أيضا. الموافقة على قرار الأممالمتحدة لا يحتاج إلى إذن الكنيست، استفتاء شعبي أو انتخابات ويعطل المشاكل الائتلافية لنتنياهو. وبالطبع ثمة لهذا ثمن: إسرائيل سيتعين عليها أن تنسحب من الضفة الغربية، أن تخلي وتعوض نحو مائة ألف مستوطن، وأن توافق على تقسيم القدس. ولكن هذه ستكون أيضا النتيجة المعقولة لكل تسوية تتحقق بالمفاوضات. وبالتالي، لعله من الأفضل لإسرائيل أن تسير مع أوباما والأسرة الدولية وأن تظهر كمحبة للسلام وليس كرافضة وطامعة في الاستيطان. ألوف بن عن ال»هآرتس»