بعيون ذابلة وجسم بالكاد يقوى على الحركة بعدما أنهكته نوائب الزمن المتتالية، وبإيمان بقضاء الله وقدره يحكي أحمد المرابط بن حمادي مرارة الحياة التي يعيشها بعدما دمر الزلزال بيته الذي كان يتقاسمه مع أفراد العائلة قبل أن يقرر الرحيل إلى كوخ بناه بالقصب فوق بقعة أرضية وهبتها له إحدى المحسنات التي أشفقت عليه، ولسان حاله يقول إن «الدنيا لازالت بخير وأن أهل الإحسان لازالوا بيننا وإن كانوا لا يحدثون ضجيجا في زمن فيه السواد الأعظم من أثرياء هذا الوطن لا يبالون بجمع الحسنات بقدر ما يهمهم مراكمة الثروات». وقبل هذا وبعده «فالله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر المحسنات والمحسنين». أحمد فلاح بسيط تجاوز سنه الخمسين بقليل، عاطل حاليا بعدما تسلل جيش من الأمراض إلى جسده فأقعده عن العمل والبحث عن لقمة العيش التي يسد بها رمقه ورمق عائلته المكونة من خمسة أبناء، أكبرهم يبلغ من العمر 17 سنة فيما لا يتجاوز عمر صغيرته الثمان سنوات، ولولا ما تبقى من محسنين بيننا لكان حاله أشد سوءا. ويحكي في لقائه مع «المساء» وبعبرات امتزجت فيها الحسرة باستسلام حزين، أنه ومباشرة بعد زلزال 2004، الذي ضرب المنطقة وأتى على الأخضر واليابس وأخذ ما شاء من أرواح ودمر ما دمر من منازل وبيوت إسمنتية وأخرى طينية كان منها البيت العائلي الذي كان يقطنه أحمد رفقة أفراد عائلته الكبيرة، مما أرغمه على نصب خيمة تقيه وتخفف عنه قساوة أمطار الشتاء وحرارة الصيف، إلى أن تآكلت بفعل قوة الطبيعة، ورغم استفادة الكثيرين بدواره بآيت هيشم التابع لجماعة آيت يوسف وعلي بإقليم الحسيمة، من مساعدات الدولة لإعادة إعمار ما دمره الزلزال ظل، مثل حالات إنسانية كثيرة – مشابهة لحالته - في خيمته ينتظر الفرج الذي قد يأتي أولا يأتي، وظل المسؤولون يتقاذفونه وكل واحد ينفي مسؤوليته عن عدم تسجيله في لوائح المستفيدين من المساعدات التي خصصتها الدولة للمنكوبين – على قلتها- فالرئيس السابق لجماعة آيت يوسف وعلي التي تبعد ببعض الكيلمترات عن الحسيمةالمدينة، كان يحيله على القائد بصفته ممثلا للسلطات المحلية ومسؤولا عن العملية، وهذا الأخير ينفي أي دخل له في تسجيل أسماء المستفيدين تاركا الكرة في ملعب المنتخبين من رئيس الجماعة وباقي الأعضاء والمستشارين، ويؤكد أحمد أنه «بين الفريقين ضاع حقه» مطالبا المسؤولين بالتدخل من أجل مساعدته على بناء منزل يقي عائلته تقلبات الفصول «خاصة وأننا على أبواب فصل الشتاء بقسوته وأمطاره ورياحه العاصفة» يقول أحمد في لقائه بالجريدة الذي كان يتوخى من ورائه إيصال صوته للمحسنين والمسؤولين على حد سواء.