هيئة رئاسة الأغلبية: الحكومة تنخرط بقوة في تنزيل ورش "الدولة الاجتماعية"    سيارات كهربائية من "بورش" و"أودي" مهددة بالاحتراق    تراجع الإنتاج وفقدان الثقة يقلصان حضور "كليمانتين المغرب" في أسواق روسيا    إسرائيل تضرب سوريا ب4 صواريخ    رافاييل نادال يعتزل التنس بعد مسيرة "إعجازية"    البرتغالي سابينتو يتولى تدريب الرجاء    لاعب التنس رافاييل نادال يعلن الاعتزال    مزاد يبيع سترة مضادة للرصاص بأكثر من مليون دولار    الكورية هان كانغ تحصد "نوبل الأدب"    التهاب الجيوب الأنفية .. الأسباب الرئيسية والحلول المتاحة    إعصار 'ميلتون' يضرب جزء من فلوريدا مع انقطاع الكهرباء عن 2.5 مليون منزل    الأمم المتحدة: إبراز دينامية التنمية في الصحراء المغربية    الأسود يواصلون استعداداتهم لمباراتي افريقيا الوسطى بوجدة..    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: "الله يلعن بو العالم"…    "يونيسف": واحدة من كل 8 نساء في العالم تعرضت للاعتداء الجنسي قبل بلوغها 18 عاما    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    بطالة وعنف وهشاشة.. نساء "الجماعة" يسجلن استمرار تهميش المرأة المغربية ويطالبن بالإنصاف    أسعار النفط ترتفع جراء وصول الإعصار "ميلتون" إلى ولاية فلوريدا        "قسمة ونصيب" يراكم الانتقادات والتشكيك في مصداقيته    وقفة تضامنية في الرباط مع الشعبين الفلسطيني واللبناني    العثور على اللاعب الدولي اليوناني بالدوك متوفيا في منزله        الاتحاد الافريقي لكرة القدم يرشح 6 ملاعب مغربية لاستضافة كأس أمم أفريقيا 2025        الأغلبية الحكومة تدين "آلة الحرب الإسرائيلية" في غزة ولبنان وترفض قرار محكمة العدل الأوروبية    توقيف ثلاثة أشخاص بسلا والقنيطرة يشتبه تورطهم في حيازة وترويج المخدرات    وفاة سجين بآت ملول.. مندوبية التامك توضح: منحه الممرض أدوية وتوفي في الطريق إلى المستشفى        كيوسك الخميس | مؤسسة علمية مغربية تطور اختبارا جديدا لتشخيص جدري القردة    السعودية تستهدف جذب 19 مليون سائح في ساحل البحر الأحمر بحلول 2030        عزيز أخنوش يوقع على المستوى المادي للممارسة السياسية        أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    إطلاق طلب إبداء الاهتمام لدعم مواكبة الشركات الناشئة    انقطاع أدوية السل يفاقم معاناة المرضى والتوقف عن العلاج واقع يهدد بالأسوإ    المغرب يواصل تحقيق أرقام قياسية في القطاع السياحي باستقبال 13.1 مليون سائح في 2024    هلال: إفريقيا يتعين أن تضطلع بدور رائد في الحكامة العالمية للمحيطات هلال    بعد نيله الباكالوريا.. ناصر الزفزافي يتجه نحو دراسة القانون من داخل السجن    الغلوسي يهاجم وهبي: "ترفض التشريع لصالح المحامين ولم تجد أي حرج في تمرير مادة تشرع للصوص المال العام"    تغيير موعد و مكان مباراة الوداد الرياضي وشباب المسيرة    إسرائيل تستهدف قيادييْن في حزب الله    جهة مراكش تحقق أداء سياحيا قياسيا    السعودية تفشل في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة    منحة مغربية لتحرير شهادات 40 خريجا من كلية الملك الحسن الثاني في غزة    في أفق افتتاح الدورة البرلمانية!    اللغة العالية والثقافة الأدبيّة: سلاحُ الكاتب وعنوانُ التّحف الأدبيّة    3 أمريكيين يفوزون بجائزة نوبل للكيمياء    عزيز حطاب ل"رسالة24″: السينما المغربية تفرض وجودها بقوة على الساحة الدولية    ماذا يحدث للجسم البشري أثناء التعرض إلى "نوبة الهلع"؟    تأهبا لتفشي جدري القردة.. المغرب يتزود بدواء "تيبوكس"    حمضي: داء السل يتسبب في تسع وفيات يوميا بالمغرب    برنامج "مدارات": حلقة جديدة.. صفحات من سيرة المؤرخ والعالم محمد الصغير الإفراني    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    القاضية مليكة العمري.. هل أخطأت عنوان العدالة..؟    "خزائن الأرض"    اَلْمُحَايِدُونَ..!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عندما تعجز وزارة الخارجية الفرنسية عن التدبير المالي لسفاراتها في الخارج
وزارة كوشنير لا تحصل على موارد بشرية ومالية كافية للإشراف على ثاني أكبر شبكة دبلوماسية في العالم
نشر في المساء يوم 21 - 10 - 2010

قلة من الفرنسيين كانوا يعلمون طبيعة السفراء الذين يمثلونهم في الخارج، وكثير منهم كانوا يجهلون أن أبناء الأسر ذات الأصول الأرستقراطية والأسر الناشطة في مجالات
المال والأعمال والأبناك أوفر حظا من غيرهم، في أن يصبحوا سفراء، قبل أن يسحب خريجو المدرسة الوطنية للإدارة البساطَ من تحت أرجلهم، بل إن برلمانيين فرنسيين صوتوا، في أكثر من مناسبة، لصالح تقليص ميزانية وزارة الشؤون الخارجية والأوربية، دونما أخذ بعين الاعتبار التبعات الخطيرة لهذا الإجراء على أداء وفعالية ثاني أكبر شبكة دبلوماسية في العالم، بعد شبكة الولايات المتحد الأمريكية، وكأنهم لا يعلمون أن الالتزامات المالية لفرنسا تجاه عدة منظمات دولية تمتص نسبة كبيرة من الميزانية الهزيلة لوزارة كوشنير. لم يهتمَّ فرانك رونو، في هذا التحقيق الذي اعتمد فيه بالأساس على أرقام وإحصائيات الخارجية نفسها، بتقديم حلول جاهزة للمشاكل التي تضعف فرنسا دوليا، بقدر ما انكبت على تشريح الوضع الراهن وطرح إشكالياته، التي يتوجب القطع معها عاجلا، وإلا فقدت باريس كثيرا من بريقها الدبلوماسي وجزءا غير يسير مما تبقى لها من تأثير في صنع القرار الدولي.
يقول نيكولا تينزير، في كتابه «يوم تختفي فرنسا من العالم»: «إننا نفتقر إلى استرتاتيجية لإبراز مؤهلاتنا على الصعيد الدولي، لأننا لا نتوفر، ومنذ زمن بعيد، على استراتيجية دولية واضحة المعالم على المدى القصير. إننا لا نكتفي، في أحايين كثيرة، بالتركيز على أمجاد الماضي، بشكل مبالَغ فيه، بل إننا نعطي الانطباع بأننا على يقين بأن الأوضاع الحالية وظاهر الأفعال يمكنهما أن يعوضا الإدارة الرشيدة والإشراف الجيد»...
لا تخفي هذه القولة الشهيرة لتينزير أن ثمة حقيقة كونية، مسلَّماً بها، لا غبار عليها ومطلب لا بديل لفرنسا عن تحقيقه: يجب أن تكون الشبكة الدبلوماسية الفرنسية في مستوى فرنسا، باعتبارها دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن في هيآة الأمم المتحدة. لا يمكن لصوتها إلا أن يكون كونيا، يشمل جميع القضايا في أقاصي الأرض، مُعبِّرا عن رغبة أكيدة ومطلب جاد في عالم متعدد الأقطاب.
تتوفر فرنسا على أكبر شبكة دبلوماسية في الاتحاد الأوربي، متبوعة بألمانيا، وهي ثاني شبكة عالميا، بعد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تتوفر باريس على سفارات في 160 بلدا، وهو رقم قريب جدا من عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، البالغ 192 دولة. وإلى جانب هذه السفارات، تعتمد باريس كذلك 98 قنصلية موزعة، بشكل غير متكافئ، بطبيعة الحالة، على مختلف القارات. من الناحية الكمية، لا جدال في أن فرنسا متفوقة على مجموعة من الدول العظمى، كالمملكة المتحدة، الصين، اليابان وإيطاليا. غير أن هذه الشبكة، التي يُفترَض فيها أن تكون مبعث فخر فرنسا وأداتها للقيام بدور فعال في حل القضايا الدولية في عالم يزداد «تعوْلُماً» يوما بعد آخر، صارت في الوقت الراهن مصدر مخاوف الجمهورية الخامسة.
تتكون هذه الشبكة، كذلك، من 17 تمثيلية دائمة، ضمنها تمثيليتا فرنسا الدائمتان لدى منظمة الأمم المتحدة في مدينة نيويورك الأمريكية، ولدى الاتحاد الأوربي في العاصمة البلجيكية بروكسيل، بالإضافة إلى أربع تمثيليات دائمة لدى بعض المنظمات الدولية، المنظمة البحرية الدولية، الكائن مقرها الرئيسي في لندن، ومنظمة الوحدة الإفريقية، التي صارت تحمل اسم «الاتحاد الإفريقي»، في العاصمة الإثيوبية أديس أبيبا.
وتجدر الإشارة، كذلك، إلى «وجود 23 سفارة فرنسية تضطلع بمهام محدَّدة ذات علاقة ببعض القضايا البارزة على الصعيد الدولي»، على حد قول وزير الخارجية الفرنسي، برنار كوشنير، أمام أعضاء الجمعية الوطنية، لحظة مناقشة قانون مالية سنة 2010.
وفي هذا السياق، تم تعيين المحامي المتخصص في الشرعية الدولية والنائب في البرلمان الأوربي، سابقا، فرنسوا زيمراي، سفيرا لحقوق الإنسان، في فبراير 2008، بالإضافة إلى تعيين بيرس لالوند، القيادي السابق لحركات الدفاع عن البيئة والدعوة إلى حمايتها، سفيرا مكلفا بالمفاوضات حول التغيرات المناخية، منذ شتنبر 2007.
يمكن للمؤسسة التشريعية الفرنسية أن تستدعي السفراء المكلفين بمهام محددة، إذا كانت هناك أزمات ذات علاقة بطبيعة المهام المنوطة بهم، غير أن هذا الاستدعاء نادرا ما يتجاوز الاستشارة إلى المحاسبة.
وجدير بالذكر أن تعيين هذه النوعية من السفراء يأتي، أحيانا، لتدبير أمور طارئة، مثل ما حدث حينما هوت طائرة فرنسية تربط مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية ومطار شارل ديغول في العاصمة الفرنسية، في فاتح يونيو 2009، في مياه المحيط الأطلسي، حيث عَيّن الوزير الأول فرنسوا فيون، لحظتَها، وعلى عجل، سفيرا للسلطات الفرنسية لدى عائلات المفقودين، واختِير لهذه المهمة دبلوماسي ذو تكوين قضائي صرف، هو بيير جون فاندورن، الذي كان يشغل، حينئذ، منصب المفتش العام المساعد لوزارة كوشنير، مع ضرورة الإشارة إلى أن فاندورن قد اختير لخبرته في تدبير مثل هذه الكوارث، حيث سبق له أن أشرف على تدبير الكارثة التي نتجت عن سقوط طائرة كولومبية، كانت تقل 152 مواطنا فرنسيا، في الأجواء الفنزويلية في غشت 2005، وكان في تلك السنة سفيرا لباريس في كاراكاس، عاصمة فنزويلا.
لم يسبق لفرنسا أن توفرت على مثل هذه الشبكة الدبلوماسية، التي من شأنها، إذا أُحسِن تدبيرها، إسماع الصوت الفرنسي، بوضوح وبقوة، في كل أقطار العالم. بينما كان لويس الرابع عشر، على سبيل المثال، يتوفر على 11 سفارة دائمة فقط وعلى ثلاث سفارات مكلفة بمهام خاصة وعلى خمسة وزراء مقيمين أو مفوضين. وغداة الحرب العالمية الثانية، باتت فرنسا شبكة دبلوماسية مكونة من 53 سفارة، وسرعان ما انتقل هذا العدد إلى 99 سفارة، بعد التوقيع والمصادقة، في أبريل 1996، على اتفاقية فيينا، المنظِّمة للعلاقات الدبلوماسية بين الدول.
وفي سنة 1983، أي بعد سنتين من انتخاب فرنسوا ميتران رئيسا للجمهورية الفرنسيةّ، تم رفع عدد سفارات باريس في الخارج إلى 134، واستمر هذا الرقم في الارتفاع إلى أن وصل إلى 160 سفارة في الوقت الراهن.
ويُفسَّر هذا النمو الشديد لعدد سفارات فرنسا بانهيار الاتحاد السوفياتي، الذي أفضى إلى تأسيس دول عديدة في أوربا الشرقية، بالإضافة إلى تفكك الجمهورية اليوغسلافية، التي تأسست على أنقاضها قرابة 20 دولة. وقد كان التوفر على تمثيليات دبلوماسية في عواصم هذه الدول أمرا بالغ الأهمية بالنسبة إلى بلد من حجم فرنسا.
تتمثل المفارقة الكبرى في تدبير السياسة الخارجية الفرنسية، بالأساس، في إسناد مهمة متابعة عمل ثاني أكبر شبكة دبلوماسية في العالم والأولى في أوربا إلى وزارة متواضعة، وزارة الشؤون الخارجية والأوربية.
ورغم أن هذه الوزارة تحظى بمكانة متميزة في البروتوكول الرسمي الفرنسي، حيث يأتي الوزير المكلف بحقيبة الشؤون الخارجية والأوربية، برنار كوشنير في المرتبة الثالثة من حيث الأهمية، بعد وزيري الدولة جون لوي بورلو وميشال أليو ماري، فإن الموارد البشرية الموضوعة رهن إشارة وزارة كوشنير والميزانية التي تُرصَد لها تبقى هزيلة وتجعلها عاجزة عن إدارة شبكة سفارات فرنسا في الخارج.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.