هل تعاني من الإرهاق أو العجز الجنسي؟ هل فقدت حاسة الشهية؟ لا داعي إلى زيارة الطبيب أو تقديم وصفة إلى الصيدلي. الحل في الأنترنيت. تكفي بضع نقرات وتجوال بين المواقع المتخصصة في بيع الأدوية على الشبكة العنكبوتية لتعثر على حل، بل على حلول «شافية» لوعكاتك الجنسية أو الجسدية، وذلك من دون وصفة رسمية، إذ تصلك الأدوية في آجال قصيرة عبر البريد. المشكل هو أن غالبية هذه الأدوية مزيف ومغشوش، ويشكل استعمالها خطرا على صحة المريض أو المستهلك. وفي هذا الاتجاه، وجهت وزيرة الصحة الفرنسية، روزلين باشلو، تحذيرا إلى كل الذين يلجؤون إلى هذا «الاستشفاء» السريع، نظرا إلى المخاطر التي يتسبب فيها. جاءت تحذيرات الوزيرة على خلفية الحملة التي شنها هذا الأسبوع جهاز الأنتربول في 45 بلدا، وذلك في إطار عملية منسقة تم بموجبها تفكيك شبكة عالمية متخصصة في ترويج الأدوية المغشوشة، كما تم حجز مليون من الأقراص التي تباع من دون رقيب، والتي بلغت قيمتها 2,6 مليون دولار. كما قامت مصالح محاربة المواد المغشوشة بإغلاق 290 موقعا على الأنترنيت. وقد اتسعت رقعة هذه الأدوية لتشمل مواد وأدوية جديدة، صينية الصنع في أغلبها. في فرنسا، عثر المحققون على أدوية تستعمل في «محاربة الاضطرابات الجنسية» وأدوية تستعمل ضد الاكتئاب وأخرى ضد داء السكري، بل وعثر حتى على عدسات عيون مغشوشة. ويلجأ المستهلكون إلى الأنترنيت حفاظا على السرية وتجنبا لعيادة الطبيب. لم يجزم المحققون في مصدر هذه الأدوية، حتى وإن رجحت مصادر كثيرة بلدانا، مثل الصين والهند والبرازيل، كمختبرات متخصصة في الغش وتزوير الأدوية. لكن المؤكد هو أن بعضها، مما تم سحبه من السوق وانتهت مدة صلاحيته، ما لبث أن أعيد طرحه من جديد من طرف بعض مختبرات التحليل السرية. هذا مع العلم بأن بعض الأدوية تتشكل من مواد سامة. وتجدر الإشارة إلى أن فرنسا تبقى أحد البلدان التي يخضع فيها ترويج المنتوجات الطبية لمراقبة صارمة، حتى وإن عرفت منذ 2001 وقوع أربعين حادثة خطيرة لها علاقة باستهلاك هذه الأدوية. لكن الأجهزة الصحية، وعلى رأسها وزارة الصحة، تتخوف من انتشار التجارة الإلكترونية للأدوية المغشوشة، خصوصا وأن فرنسا ستسمح قريبا ببيع الأدوية على شبكة الأنترنيت من دون وصفات طبية، تطبيقا لتوصية أوربية. على المستوى الدولي، فإن هذه التجارة تحولت إلى طاعون حقيقي، إذ تزايد عدد استهلاك الأدوية الطبية المغشوشة بنسبة 300 في المائة ما بين 2007 و2008، وذلك حسب إحصائيات قدمتها المنظمة العالمية للجمارك، إذ تدرّ على منتجيها ومروجيها أرباحا تقدر ب50 مليار أورو سنويا. وفي هذا الصدد، أشار البروفسور مارك جانتيليني، الوكيل العام ل«مؤسسة شيراك»، إلى أن هذا الاتجار القذر يتسبب في وفاة الملايين من الأشخاص في العالم الثالث». لكن آفة الأدوية المغشوشة لا تمس فقط الدول الفقيرة أو المتخلفة، بل تشمل أيضا دولا تتربع على رأس قائمة التصنيع، مثل الولاياتالمتحدة، إذ حسب تقرير نشره Food and Drug Administration، فإن ترويج الأدوية المغشوشة فوق التراب الأمريكي تضاعف بنسبة عشر مرات في ظرف خمس سنوات، دون الحديث عن انفجار ظاهرة الترويج عبر الأنترنيت، وبخاصة لأقراص الفياغرا.