نأت مصادر رسمية في المغرب بنفسها بعيدا عن أجواء انعقاد ملتقى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي يرتدي طابعا اقتصاديا، وقالت في تصريح ل»المساء» إن انخراط المغرب في الحوار الذي يروم بناء سلام اقتصادي يبقى رهين تعزيز المبادرات السياسية ذات الصلة بخطوات إقرار سلام عادل ومنصف، وفق مرجعية دولتي إسرائيل وفلسطين، سيما أن المغرب يعتبر عضوا فاعلا في لجنة المتابعة العربية المعنية، كما أنه يدعم العودة إلى المفاوضات، في ظل وقف الاستيطان والتعبير عن إرادة حقيقية في البحث عن السلام. وكانت الطبعة الأولى لمؤتمر الشرق الأوسط وشمال إفريقيا قد انعقدت في الدارالبيضاء في بداية تسعينيات القرن الماضي، وشارك الوزير الأول الإسرائيلي إسحاق رابين في أعمالها. غير أن الملك الراحل الحسن الثاني انتقد، صراحة، مواقفه، ودعا الإسرائيليين إلى التفكير مليا في عدم إهدار الفرص المتاحة أمام بناء سلام عادل، ورفض، في غضون ذلك، الاجتماع مع الوزير الأول الإسرائيلي نتنياهو قائلا: «إن المجيء إلى المغرب قصد السياحة ليس التزاما سياسيا». وبادر الملك محمد السادس إلى إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 2000، فيما اقتصرت زيارات مسؤولين إسرائيليين إلى المغرب على شخصيات تتحدر من أصول مغربية، لكن السلطة الفلسطينية سبق لها أن طلبت من الرباط القيام بوساطات لدى الجانب الإسرائيلي، مما أدى إلى فتح حوار محدود في هذا الاتجاه، سرعان ما انهارت معالمه بتزامن مع استمرار التعنت الإسرائيلي. يذكر أن الملك محمد السادس خاطب وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولين باول، لدى زيارته المغرب، بكلمته الشهيرة التي قال فيها إنه كان عليه أن يذهب إلى القدس للوقوف على معاناة الفلسطينيين أولا. وتقول المصادر إن اللجنة المنظمة لمؤتمر شمال إفريقيا والشرق الأوسط هي من يتولى توجيه الدعوات للمشاركة والحضور. وقد عبر صحفيون إسرائيليون عن رغبتهم في الحضور إلى مراكش، لكن دون أن يكتسي ذلك طابعا رسميا، حيث إن المغرب لا تربطه أي علاقة بالكيان الإسرائيلي. وكانت آخر زيارة قام بها شمعون بيريز إلى المغرب تمت في صيف 1986، حيث اجتمع مع الملك الراحل الحسن الثاني في إيفران، وكان من تداعيات ذلك اللقاء فسخ معاهدة الاتحاد العربي الإفريقي، المبرمة بين المغرب وليبيا، بينما شارك الوزير الأول الإسرائيلي، إيهود باراك، في تشييع جنازة الملك الراحل واجتمع مع الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في لقاء شكل محور لقطات تلفزيونية مصورة. وقد شكل رفض الملك محمد السادس استقبال شمعون بيريز وعقد لقاء معه في العاصمة الرباط صدمة لدى جهاز الرئاسة الإسرائيلية الذي عد الأمر إشارة واضحة لاستنكار الملك للسياسات الإسرائيلية مما حذا به إلى إلغاء زيارة الرئيس الإسرائيلي المقررة إلى المغرب ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي. وذكرت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية نقلا عن مكتب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز أن هذا الأخير ألغى زيارته التي كانت مقررة للمغرب نهاية الشهر الحالي للمشاركة في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي، بعد أن رفض الملك عقد لقاء خاص معه. وقالت الصحيفة الإسرائيلية اليسارية نقلا عن مكتب الرئاسة الإسرائيلية في وقت متأخر من مساء الأحد أن شمعون بيريز طلب مقابلة الملك محمد السادس على هامش زيارته للمنتدى الاقتصادي العالمي – التي واظب على حضوره على مدى السنوات الأخيرة- غير أن رد الملك كان واضحا حيث قال أن مسألة «هذه المقابلة أمر مستحيل في هذه الفترة بالتحديد» على حد تعبير الصحيفة. وجاء تصريح الرئاسة الإسرائيلية ليفند تقريرا صحفيا نشرته صحيفة «المعاريف» وتناقلته وكالة الأنباء الكويتية (كونا) وعدة صحف عربية بأن الملك محمد السادس قد وجه دعوة رسمية للرئيس الإسرائيلي لزيارة الرباط واللقاء بعد حوالي 10 أيام. وأنه كان من المفترض أن يطلب من الملك العمل على تليين الموقف العربي بخصوص قضية تجميد الاستيطان، حسب زعم الصحيفة.