من مميزات هذه الدورة الجديدة من المهرجان الوطني للمسرح أنها أعادت تسليط الضوء على وجوه نسائية من المسرح المغربي، ميزتها أنها قطعت شوطا في ممارسة المهنة، كما أنها راكمت على مستوى التجربة الميدانية مما يؤهلها اليوم أن تواصل عملية الاستخلاف البطيئة أحيانا في المسرح المغربي، ربما لأن المسرح يعتبر فنا غير منتج، وغير مدر للمال. خلال أكثر من عشر سنوات هاجرت الكثير من نساء المسرح إلى السينما والتلفزيون، لم يمنحن لأنفسهن الفرصة كي يوطدن ما بدأنه من عمل على الخشبة، كان من الممكن اليوم أن يقدم فنانات كبيرات ومكتملات، ولذلك تظل الحسرة بادية في تفاصيل التجارب، حين الحديث عن العودة إلى الخشبة، ومعانقة أبي الفنون، تلك العودة التي قد لا تتحقق في الظروف المحلوم بها، لأن من لم يخض مياه المسرح من البداية إلى النهاية لن يعرف داءه ودواءه. هناك اليوم حصيلة مهمة من نساء المسرح الشابات، وهي حصيلة طيبة، وتشجع على انخراط شابات أخريات، حتى وإن كانت الحصيلة المادية دون إغراء التلفزيون الذي يلتهم كل شيء، مثل بياض الصحف الورقية الأهوج والجشع. وميزة المسرح المغربي، الذي يغذيه المعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، أنه يقدم دفعات جديدة من الخريجين كل سنة، في مختلف مهن المسرح، من ممثلات ومخرجات ومتخصصات في الديكور والسينوغرافيا والملابس، كفاءات مكونة وتحتاج إلى الفرصة الحقيقية للعمل وإثبات الذات. في هذه الدورة من المهرجان، فرز للعديد من الأسماء النسائية، يمكن الحديث عن مجموعة تواصل عملها خلال عشرية كاملة أو تلك التي التحقت بخشبات المسارح، دون مفاضلة طبعا، من قبيل دنيا بوتازوت التي برزت في مسرح تانسيفت بأدائها المميز في دور الخادمة النبيهة والمرأة التقليدية العارفة بمداخل الرجال. كما يمكن الحديث عن أسماء السروي من مسرح نون، لكن سهام حراكة من مسرح ومضات الأكاديري استطاعت أن تقدم لنا ممثلة مكتملة الملامح قادرة على تحدي دورها، وفي مسرح تياترو كوم قدمت لنا مسرحية «طيطوشة» ممثلتين لهما تجارب سابقة هما هند شهبون وفاطمة الزهراء بنفايدة، ممثلتين محترفتين، غير أن مسرح أفروديت كما مسرح الشامات، ما يزالان يعملان بقوة كبيرة من أجل إفساح مجال كبير زمني وكمي في عروضهما المسرحية لكل من هاجر كريكع وفاطمة عاطف، وهما فنانتان على خط التألق، لا تعوزهما الإمكانيات، وتجعلان من فن المسرح هوية واختيارا، وتبدلان جهدا مضاعفا من أجل التجويد والمضي قدما في الطريق الشيق والمتعب لمسرح مغربي شاب وجديد. إنه فرح حقيقي، أننا نستطيع أن نحصي أكثر من اسم نسائي وان يستعيد المسرح أخريات من إغراء الشاشات، ففي بلدان أخرى ليس من السهل تماما الحصول على ممثلة مسرحية جيدة، في تلك المجتمعات العقيمة حد الندرة.