يعيش سكان مدينة سلا، منذ أزيد من أسبوع، تحت تأثير حالة من الرعب والهلع دفعت عددا منهم إلى ملازمة منزالهم في ساعة مبكرة، بعد أن تناسلت عدة إشاعات عن وجود عصابات خطيرة لا تترد في قتل من تصادفه، ولجوء السلطة ومصالح الأمن إلى الإعلان عن حظر للتجول باستعمال مكبرات صوت، وكذا بواسطة «براحة» قاموا بالتجول في الأحياء ليطلبوا من أصحاب المحلات التجارية إغلاق أبوابهم في حدود الساعة التاسعة ليلا. الأمر لم يقف عند هذا الحد بل إن حمى الإشاعات، التي تتعلق بالعثور على أشلاء بشرية في أنحاء متفرقة من المدينة، وقيام شخص بإعداد وجبة باستعمال لحم بشري، وكذا العثور على عدد من الجثث المشوهة، هذه الحمى انتشرت على نطاق واسع في صفوف الساكنة وساهمت في خلق حالة خطيرة من عدم الاستقرار، قبل أن يصل الأمر إلى تناقل رواية مفادها أن مصالح الأمن والسلطة أعلنت، بشكل رسمي، حظر تجول بالمدينة بعدما تأكد وجود عصابة تقوم باختطاف الفتيات، بعد رشهن بمادة مخدرة، ونقلهن إلى مكان مجهول لسرقة أعضائهن، إضافة إلى عصابة أخرى، مكونة من أزيد من عشرين شخصا، تقوم بابتزاز أصحاب المحلات وتعريض من يرفض الخضوع لابتزازها للتشويه باستعمال الأسلحة البيضاء. حجم هذه الإشاعة، التي تحولت إلى يقين عند البعض، خلق حالة من الخوف خاصة في صفوف النساء بعد أن تم إضفاء نوع من الإثارة على الروايات، ولاسيما بعد أن تم نشر بعضها في مواقع إلكترونية، يعود إلى جرائم وقعت قبل سنتين بالمدينة، من أجل تأكيدها. وهو ما يعيد إلى الأذهان حكاية قيام أربعة شبان باستخراج جثة فتاة حديثة الدفن، والتناوب على اغتصابها، والتي تأكد أنها مجرد حكاية خيالية. مسؤول أمني أكد ل«المساء» أن ما يروج في مدينة سلا هو استنساخ للإشاعات التي تم تداولها بمدينة الدارالبيضاء قبل أسبوعين، وأن الحديث عن وجود عصابة لسرقة الأعضاء لا أساس له من الصحة. وأضاف ذات المسؤول أن الأمر يتعلق بإشاعات تم الترتيب لها بعناية وترويجها على نطاق واسع بالمدينة، بعد أن شهدت الأيام الماضية ارتفاعا ملحوظا في نسبة اعتراض السبيل، مما دفع مصالح الشرطة القضائية إلى تكثيف الحملات التمشيطية. كما نفى مسؤول بالسلطة اللجوء إلى «البراحة»، واعتبر أن التسليم بهذا الكلام يعني أن المغرب عاد إلى زمن السيبة. حالة الهلع، التي تسببت فيها هذه الإشاعات، تأتي في الوقت الذي ارتفع فيه عدد من الأصوات لمطالبة وزارة الداخلية بإعادة النظر في الهيكلة الإدارية لمدينة سلا من الناحية الأمنية، وجعلها ولاية مستقلة عن ولاية أمن الرباط عوض الإبقاء على الوضع الحالي الذي يجعل مدينة مليونية مثل سلا مجرد منطقة أمنية تعيش على الفتات، سواء على مستوى عدد العناصر البشرية أو الوسائل اللوجستيكية الضرورية للعمل، خاصة بعد أن عجز مجلس مدينة سلا عن الوفاء بالتزام قام بالمصادقة عليه منذ أزيد من سنة، وهو المتعلق بتزويد المنطقة الأمنية بخمسين دراجة نارية لتعزيز عمل الدوريات الأمنية في النقط السوداء.