فوضى عارمة تعرفها أرصفة مدينة مراكش، واحتلال لشوارع المدينة من قبل التجار والباعة المتجولين وغير المتجولين. ساحة جامع الفنا، السمارين ودوار إزيكي، حي المسيرة، المحاميد،... أحياء ومناطق كثيرة تعيش احتلالا من نوع آخر، ففي غفلة من السلطات المعنية تارة، وغض الطرف المسؤولين تارة أخرى، يتم احتلال الملك العمومي بدون وجه حق. وفي هذا الصدد وجه سكان سوق راس البلان أوسوق بو الرباح بمنطقة سيدي يوسف بنعلي بالمدينة الحمراء شكاية يشتكون فيها احتلال الباعة المتجولين للملك العمومي، وأوضحت الرسالة أنه تم إنشاء سوق نموذجي به عدد من البراريك لاحتوائهم، غير أن ما حدث هو أن كثيرا من هؤلاء المستفيدين سارعوا إلى بيع حوانيتهم أو كرائها أو اتخذوها مستودعات لسلعهم، وعادوا من جديد لاحتلال الشارع العام عُنوة، مانعين مرور الحافلات العمومية. ويصاحب حركة البيع والشراء بحي سوق رأس البلان أو سوق بوالرباح صخب وضوضاء وسب وشجار ونهيق الحمير وأزبال ملقاة من الثامنة صباحا إلى حدود العاشرة ليلا وروائح الروث والسمك...، وهي الحالة التي يشهدها السكان على مدار السنة، مما يزعجهم ويقلق راحتهم ويفرض عليهم إغلاق النوافذ خصوصا في الفصل الحار، دون وجه حق أو قانون. ويظهر مشكل احتلال الملك العمومي بشكل كبير في ساحة جامع الفنا الشهيرة، حيث يكثر الباعة وتتزايد حركة الرواج التجاري بالمدينة الحمراء. العديد من البزارات والمحلات التجارية تتجاوز حدود محلاتها لتستغل المكان المخصص للمارة، مما يعقد حركة المرور بالمنطقة التي تعرف حركة منقطعة النظير على طول السنة. المقاهي تحتل الصدارة وتتصدر المقاهي لائحة المحلات، التي تحتل الملك العمومي بشكل كبير، من خلال وضع أربابها الكراسي والطاولات أمام المساحات المقابلة لها، والتابعة أصلا للملك العمومي، حتى غدا هذا الأمر «موضة»، وخلق تنافسا بين أرباب المقاهي حول من سيتمكن من استغلال أكبر حيز ممكن. وعبر عدد من المواطنين عن استيائهم العميق من الفوضى، في ظل استفحال ظاهرة احتلال الملك العمومي من طرف بعض الأشخاص. ويقول بعض المتضررين إن ذلك «يحدث بتواطؤ مع السلطات المحلية، التي تغض الطرف عن محتلي الملك العمومي». هذا الأمر شكل نقطة نقاش طويل داخل المجلس الجماعي لمراكش، سواء السابق أو الحالي، لكن القاسم المشترك بين المجلسين هو أن هذا الملف يعتبر من بين «الملفات المعقدة من حيث طريقة تدبيرها واتخاذ إجراءات قوية وصارمة في هذا المجال»، يقول مستشار جماعي على علاقة بالملف في حديث مع «المساء». قصور عمل الشرطة الإدارية تعقيد تنفيذ الإجراءات اللازمة في هذا الصدد تكمن حسب المستشار نفسه في «قصور عمل الشرطة الإدارية التي يجب أن تفعل في مثل هذه العمليات والتدخلات»، التي غالبا ما يجد مستشارو المجلس صعوبة في تنفيذ القانون المنظم لهذا المجال. السبب في نظر مصدر «المساء» لا يتوقف عند هذا المستوى بل يتجاوز ذلك إلى ما أسماه المستشار الذي فضل عدم ذكر اسمه ب «تواطؤ» بعض رجال السلطة مع مستغلي الملك العام، بحيث يتم تقديم إتاوات ورشاوى لبعض رجال السلطة من أجل التغاضي عن استغلال بعض الباعة مجالات تعيق السير وتخلق الفوضى في حركية السير والجولان بالمدينة. وأوضح مصدر «المساء» أن بعض حافلات النقل الحضري تجد صعوبة في الوصول إلى بعض الأماكن واختراق بعض الأحياء بسبب احتلال الملك العام من قبل بعض الباعة خصوصا في الأحياء البعيدة عن وسط المدينة، كحي المسيرة ومنطقة المحاميد ودوار إزيكي... هل سيبقى الوضع على ما هو عليه ويتحكم الباعة في المجلس الجماعي والشرطة الإدارية التي قيل إنها «عاجزة»؟، هذا السؤال يجيب عنه مستشار آخر بالقول «لا، سنشكل لجنة خلال الفترات القادمة من أجل اتخاذ تدابير تجعلنا نعول على المجلس بشكل كبير».