«لقد تعبت من الدفاع عنك أمام العالم.. تعبت.. تعبت.. وفي نفس الوقت لم تقم بشيء لصالحنا ولا بشيء يمكنني أن أستعمله في دفاعي المستميت عنك»!.هذه الجملة اليائسة كانت لسيدة أمريكية سوداء في نهاية عقدها الخامس أو بداية عقدها السادس، وجهتها إلى رئيس الولاياتالمتحدة باراك أوباما خلال جلسة عامة لتلقي الأسئلة من المواطنين الأسبوع الماضي. هذه السيدة الأمريكية عبرت، مباشرة على شاشات التلفزيون، عن شعور الغبن والإحباط الذي ينتاب الأمريكيين من أصول إفريقية الذين ساندوا ترشيح أوباما لرئاسة البلاد واحتفلوا بفوزه قبل سنة ونصف بالأنخاب والرقص و.. الدموع. هؤلاء الأمريكان، الذين عقدوا آمالا عريضة على أول رئيس من لون بشرتهم واعتقدوا أن أحوالهم ستتغير بمجرد جلوسه على كرسي الرئاسة في البيت الأبيض، شعروا بمرارة كبيرة بعد مرور أشهر عديدة على تسلمه مقاليد السلطة دون أن ينجح في تحسين أحوالهم ووضعيتهم. فنسبة كبيرة من السود في أمريكا مازالت تعاني من الفقر والتهميش والتمييز، وهي التي كانت تعتقد أن أوباما سيحل مشاكلها وينقلها من وضعيتها المأساوية إلى وضعية أفضل. هذه الآمال المنكسرة للأمريكيين من أصول إفريقية بدت واضحة في البرامج الفكاهية التي يقدمها فنانون سُود، أمثال «ديف شابيل» و«كريس روك». هذان الفنانان اللامعان قدما عددا من ال«سكيتشات» الهزلية، سخرا فيها من وردية الأحلام التي راودت الأمريكيين من أصول إفريقية في عهد أوباما والتي تتجلى في الحصول على مبالغ مالية ضخمة من البيت الأبيض كتعويض عن عقود العبودية التي عاناها أجدادهم الأفارقة في أمريكا. وتُظهر «السكيتشات»، التي تعرضها قناة «كوميدي سنتر»، الأمريكان السود كأثرياء جدد يتجولون في سيارات مكشوفة باهظة الثمن ويتجملون بمجوهرات من الماس الغالي ويرتدون ملابس موقعة من طرف أشهر مصممي الأزياء، بالإضافة إلى اقتنائهم بيوتا وقصورا فارهة، لكنهم احتفظوا في الوقت نفسه بغرامهم الكبير بالتهام قطع الدجاج المقلي وأقراص البيرغر من محلات «ماكدونالدز» التي تعد في أمريكا علامة على الفقر والعوز! الأمريكيون من أصول إفريقية باتوا يتندرون بأن أول رئيس أمريكي أسود للبلاد تجاهلهم تماما كان يفعل الرؤساء البيض الذين تعاقبوا على حكم الإمبراطورية الأمريكية، ولم يقم بأي مبادرة حسن نية تجاههم سوى مطالبتهم المتكررة هذه الأيام بضرورة التوجه إلى صناديق الاقتراع والمشاركة في انتخابات تجديد مجلس النواب وثلث مجلس الشيوخ بالكونغرس في شهر نوفمبر القادم حتى يحافظ الديمقراطيون على تفوقهم العددي في مجلسي النواب والشيوخ، وحتى لا يفوز اليمين المتطرف في أمريكا بمفاتيح البيت التشريعي الذي يرسم سياسات البلاد الداخلية والخارجية... لكن الأمريكان السود ضاقوا ذرعا بتسول أوباما لأصواتهم من دون أن يقدم إليهم شيئا وباتوا يهددونه: «إما تْهلا فينا وإما ما كايْن تصويت».