كشف مجاني لمرضى بالقصر الكبير    المغرب يحتفي بحفظة الحديث النبوي    "فندق السلام" يلقي الرعب في قلوب متتبعي المهرجان الوطني للفيلم بطنجة            الفلسطينيون يعانون لقطاف الزيتون بين الحرب في غزة والاعتداءات في الضفة    طنجة .. لقاء أدبي يحتفي برواية "الكتاب يخونون أيضا" لعبد الواحد استيتو وخلود الراشدي    إسبانيا.. العثور على الصحافي والمعارض الجزائري هشام عبود في وضعية حرجة    اعتماد قنصلية متنقلة لفائدة الجالية المغربية المقيمة بإسبانيا    اتحاد طنجة يفوز على أولمبيك آسفي    3 دروس مهمة مستخلصة من إحاطة دي ميستورا حول الصحراء    ستخلق 60 الف منصب شغل.. المصادقة على 618 مشروعا استثماريا بجهة الشمال    اعتقال ليبي "خطط لشن هجوم مسلح" على سفارة إسرائيل بألمانيا    مقتل كولونيل إسرائيلي في شمال غزة وحزب الله يقصف ثلاث قواعد عسكرية قرب صفد وطبريا وحيفا    هدف ثمين للواحدي بالدوري البلجيكي    مسؤول بيطري: شبل الأطلس الجديد 'أزغار' اندمج بسهولة مع مجموعته من الأسود    تدهور الحالة الصحية للممثل محمد الشوبي ونقله إلى المستشفى العسكري    مشروع قانون مالية 2025 يطرح إجراءات جديدة تسعى إلى "تبسيط المساطر الجمركية ومكافحة الغش"    معتقل الحراك محمد جلول يعلن دخوله في اضراب عن الطعام        دراسة: آثار التدخين تبقى في العظام مدى الحياة    آلاف الإسبان يشاركون في تظاهرة ضد حكومة سانشيز.. ومحكمة ترفض دعوى رئيس الوزراء ضد قاض في ملف زوجته    المغرب يستثمر في تطوير البنية التحتية الرياضية استعدادًا لكأس إفريقيا والمونديال    من يلتقط عصا السن وا ر؟    التدابير الجبائية في مشروع مالية 2025    "صحة غزة": ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 42 ألفا و603 منذ أكتوبر 2023    توقيف ممرضة متقاعدة بتهمة الإجهاض غير القانوني والتزوير والاتجار بالبشر    الشوبي يتعرض لوعكة صحية مفاجئة وينقل إلى مصحة خاصة بطنجة    مهنية الصحة يعبرون عن قلقهم من مشروع قانون المالية 2025 ويدعون للحفاظ على حقوقهم المكتسبة    حزب الاستقلال بكتامة يجمّد عضوية أمين مكتب الفرع بسبب تجاوزات تنظيمية    تقرير أممي يكشف استمرار التحديات المرتبطة بالفقر في المغرب    نقابيو "سامير" يعتصمون أمام الشركة للمطالبة بإنقاذها من التلاشي وباسترجاع حقوق العمال والمتقاعدين    "إنتر ميامي" يشارك في مونديال الأندية    إنتر ميامي بقيادة ميسي يلتحق بركب المتأهلين إلى كأس العالم للأندية بنظامه الجديد        هيئة سعودية تحقق في الإساءة للمقاومة    المغرب يرفع ميزانية دفاعه إلى 133 مليار درهم في 2025 لتعزيز القدرات العسكرية ودعم الصناعة الدفاعية    تأكيد دور مجلس الأمن في السلم الدولي    موسم أصيلة: توقيع إصدار الكاتب الصحافي محمد برادة "شغف وإرادة.. رهان في الإعلام والثقافة والسياسة"    معهد الموسيقى بتمارة يفتتح موسمه الدراسي الحالي باستضافة موسيقيين روس    تنظيم الدورة الثانية للمهرجان الوطني البريجة للمونودراما بالجديدة    مكتسبات مهمة يعمل عليها مشروع قانون المالية لسنة 2025    دي ميستورا يلوح بخيار التقسيم الذي يخدم أجندة جنرالات قصر المرادية    حماة المستهلك يطالبون الحكومة بالإسراع في تنفيذ قرار استيراد اللحوم لحل الأزمة    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد        النظام الجزائري تحت شبهات اختطاف معارض بارز في ظروف غامضة    ارتفاع فرص فوز ترامب على هاريس.. ما تأثير ذلك على صناديق الاقتراع؟    جبور تهتم بالتوحد في "أنين صامت"    المغرب يسجل حالة وفاة ب"كوفيد- 19"        علماء يطورون تقنية جديدة لتجنب الجلطات الدموية وتصلب الشرايين    دراسة تظهر وجود علاقة بين فصيلة الدم وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    الملك محمد السادس: المغرب ينتقل من رد الفعل إلى أخذ المبادرة والتحلي بالحزم والاستباقية في ملف الصحراء    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد أسدرم تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    الزاوية الكركرية تواصل مبادراتها الإنسانية تجاه سكان غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا وراء الأسلوب الجزائري «الجديد» في التعامل مع نزاع الصحراء؟
نشر في المساء يوم 10 - 10 - 2010

لم يتغير موقف الجزائر من قضية الصحراء لأن المؤسسة العسكرية لازالت تدير قواعد اللعبة السياسية، كما أن موقف الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لم يتغير على امتداد خمس وثلاثين سنة. فخلال الشهور القليلة الماضية، كشف الموقع الأمريكي «ويكيليكس» عن وثيقة من الأرشيف الأمريكي تعود إلى سنة 1975، وهي عبارة عن توثيق لمضمون اللقاء الذي جمع في باريس في 17 دجنبر من سنة 1975 بين وزير الخارجية الأمريكي «هنري كيسنجر» ووزير الخارجية الجزائري آنذاك «عبد العزيز بوتفليقة» في مقر السفارة الأمريكية بباريس. وتكمن أهمية هذه الوثيقة في أنها تكشف بوضوح عن خلفيات الجزائر كطرف أساسي ومباشر في نزاع الصحراء منذ بداياته الأولى.
وعلى امتداد خمس وثلاثين سنة، استمرت السلطات الجزائرية في النظر إلى قضية الصحراء من خلال آلية التقسيم أو الاستفتاء، وهي تعلم جيدا بأن الاستفتاء غير قابل للتطبيق ولا يتوفر سوى على نسبة ضئيلة من النجاح في تجارب عمل الأمم المتحدة، وبالتالي فهي تطرح فرضية التقسيم وراء الترويج للاستفتاء، وفرضية التقسيم هي المسألة التي تجعل الجزائر تحتجز رهائن بشكل جماعي داخل المخيمات وتخلق أوهام التمثيلية عن طريق قيادات البوليساريو.
إن هذا الموقف (التقسيم وراء الدعاية للاستفتاء)، المعبر عنه بشكل علني من طرف الجزائر، ظل ثابتا، لكن الذي يلاحظ هو أنه وإن لم يتغير الموقف الجزائري خلال الخمس وثلاثين سنة الماضية، فإنه بالمقابل تغير أسلوب الجزائر في التعامل مع نزاع الصحراء في الشهور القليلة الماضية، إذ يبدو أن المؤسسة العسكرية بحثت عن وصفات قدمتها مراكز دراسات واستشارات دولية، فالسلوكيات الأخيرة لا تحمل «بصمة» المؤسسة العسكرية في الجزائر أو جبهة البوليساريو، وإنما «وصفات» اشترتها الجزائر وتطبقها حاليا، تتضمن فكرة تسعى إلى تغيير صورة نزاع الصحراء باستعمال مقولة «حق الشعوب وحقوق الإنسان»، مقابل أسلوب عسكري ثان تشتغل عليه الجزائر في منطقة الساحل وتوظفه للمقايضة به حول المواقف من قضية الصحراء مع فرنسا وإسبانيا بالخصوص، والأسلوبان معا («وصفة» المكاتب الدولية و«الوصفة» المحلية للمؤسسة العسكرية الجزائرية) يحملان مجموعة من المخاطر يجب الانتباه إليها وهي:
النوع الأول من المخاطر، يتمثل في أن الجزائر بدأت في استعمال الدعاية والحملات الممنهجة حول قضية حقوق الإنسان، فقد انتقلت من دبلوماسية الضغط على الدول للاعتراف بالبوليساريو، إلى تسخير حالات معزولة لا تمت بأي صلة إلى مفهوم والتزامات المدافعين عن حقوق الإنسان (حالة أميناتو حيدر ومجموعة التامك)، إلى احتضان ملتقيات دولية (ندوة الجزائر في 25 و26 شتنبر2010 حول حق الشعوب والمقاومة التي حضرها، حسب الصحف الجزائرية، حوالي 300 شخص منهم 120 من الخارج). والخطورة هنا لا تكمن في مضمون هذه الملتقيات، وإنما في استعمالها لتعبئة وشحن انفصاليي الداخل من خلال دعوتهم إلى الحضور إلى هذا النوع من الملتقيات الذي يبدو أن الجزائر قد تلجأ إليه بكثرة. وهذا ما يفسر ظاهرة جديدة غير عادية في خطابات الجزائر والبوليساريو في الشهور الأخيرة، تشدد على فكرة تبادل الزيارات.
النوع الثاني من المخاطر، يتمثل في أن الجزائر تدفع قيادات البوليساريو إلى توجيه خطاب إلى الحكومة الإسبانية في محاولة لبناء نوع من المسؤولية المزعومة، أضف إلى ذلك الاشتغال على تمويل بعض التنظيمات الإسبانية التي تبدو مدربة، لأنها اعتادت توظيف قضية الصحراء مثل «الأصل التجاري».
النوع الثالث وهو من أكبر المخاطر التي يجب الانتباه إليها، حيث إن مؤشري اجتماع «تمنراست» في الجزائر في الشهر الماضي وإصرار السلطات الجزائرية على جمع الدول الثلاث (مالي والنيجر وموريتانيا) وإبعاد المغرب وليبيا وتونس، يبينان أولا أن الجزائر تتجه إلى توسيع هامش من المقايضات حول قضية الصحراء مع إسبانيا وفرنسا بتوظيف ملف تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، فظاهرة اكتفاء تنظيم القاعدة في الشهور الأخيرة باختطاف رعايا هاتين الدولتين فقط، يثير بعض التساؤلات حول توظيف ورقة الاختطافات التي تزايدت وتيرتها بالنسبة إلى الرعايا الفرنسيين منذ الرسالة التقييمية الأخيرة للمبعوث الأممي التي دعا فيها القوى الكبرى المؤثرة في المنطقة إلى الضغط على أطراف النزاع، والأمر يتعلق هنا بفرنسا وإسبانيا. ثانيا، مسألة الضغط على دول مالي والنيجر وموريتانيا، وهي دول ضعيفة، ودفعها إلى المواجهة المسلحة مع تنظيم القاعدة من خلال رسم مسالك أمنية وقصف كل ما هو خارج عن هذه المسالك، بما فيه المهربون وبعض المكونات القبلية التي تقول الجزائر إنها تحتضن زعماء القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.
النوع الرابع من المخاطر وهو تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي نفسه، فالجزائر تحاصر تنظيم «عبد الملك درودكال» وتدعو موريتانيا ومالي والنيجر إلى محاربة شبكة «مختار بلمختار» (المدعو أحيانا بالسيد «مالبورو» لاشتغاله في تهريب السجائر) وشبكة «أبو زيد»، المنتميين إلى تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، واللتين تقول بعض التقارير إنهما ابتعدتا عن الاستناد إلى قاعدة دينية وتحولتا إلى شبكتين تستند كل واحدة منهما إلى قاعدة أمنية واقتصادية (التهريب، طلب الفدية). وهذا التحول هو ما يثير التساؤل حول أسباب وأبعاد دفع شبكات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي نحو دول الساحل وحول ظاهرة الاختطافات الأخيرة؟
إن توظيف ورقة شبكات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي من طرف الجزائر، يفسر بحثها عن توسيع هامش المفاوضات حول قضية الصحراء مع القوى الأوربية (فرنسا وإسبانيا أساسا)، وهو ما يشرح أيضا الإصرار الجزائري على احتضان الاجتماعات الأمنية لدول الساحل وعزل المغرب، لكن الإشكال هو أن سلوك المؤسسة العسكرية الجزائرية ولعبها بكل الأوراق الممكنة، بما فيها ورقة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، يدفع الجزائر إلى التحول تدريجيا إلى «باكستان شمال إفريقيا» في علاقتها بتنظيم القاعدة وحركة طالبان، ويفتح بالمقابل سيناريو تحويل دول موريتانيا ومالي والنيجر إلى «أفغانستانات صغيرة» في منطقة الساحل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.