قبل أشهر قليلة، فكّكت السلطات الأمنية شبكة متخصصة في سرقة الدراجات النارية التي توجد في حوزة أبناء الأغنياء في فاس، وهي الشبكة التي اتُّهمت بتنفيذ اعتداءات أخرى خارج وداخل المدينة، وأثارت الإطاحة بها متابعة كبيرة لدى سكان المدينة، وخصوصا قاطني فاس العتيقة والتي ينحدر منها الشاب الذي يتهم بتزعُّمها، والذي لا يتجاوز عمره 26 سنة. وقد تمكنت السلطات الأمنية ذاتها، يوم 22 غشت الماضي، من تفكيك شبكة أخرى مشابهة تخصصت، بدورها، في سرقة الدراجات النارية، سواء كانت في ملكية أبناء الأغنياء الذين يخرجون بها في مساءات أيام عطلهم إلى «طريق موزار»، للتباهي، تارة، وللتسابق تارة أخرى، أو للفقراء من الذين يستعملونها من أجل تسهيل مأمورية التنقل أو من أجل تسهيل أمور العمل. فقد تحركت فرق أمنية ميدانية إلى مختلف الطرقات التي سُجِّلت فيها عمليات سرقة دراجات نارية، تحت تهديد أصحابها بالسلاح الأبيض، وأسفرت هذه المراقبة عن اعتقال «عبد الكريم»، وهو من مواليد 1989 في فاس، أعزب وعاطل ومعروف لدى رجال الأمن بسوابقه القضائية ذات الارتباط بملفات السرقة والاعتداء. وإلى جانب هذا الشاب، أسفر التحرك الأمني عن اعتقال شاب آخر قيل إنه ضُبِط في حالة تلبُّس بمحاولة سرقة دراجة نارية كان يمتطيها أحد أبناء أغنياء المدينة، ويتجول على متنها في الطريق المؤدية نحو مدينة صفرو. وقد تمكن شريكه في تنفيذ المحاولة من الفرار على متن دراجة نارية من الحجم الكبير، في اتجاه مجهول. وقد اعترف هذا الشاب أثناء التحقيق معه من قِبَل فرقة مكافحة العصابات، التابعة لمصلحة الشرطة القضائية في ولاية أمن فاس بأنه كون شبكة تضم أربعة أشخاص، تخصصت في السرقة واعتراض سبيل المارة وسرقة الدراجات النارية، تحت طائلة التهديد واستعمال السلاح الأبيض. ويبلغ المتهمون بالانتماء إلى هذه الشبكة من العمر ما بين 19 و21 سنة، وكلهم يحملون ألقابا غريبة، منها «ولد الكزار» و«ولد السبنيولي» و«ولد الحوات»... ولجأت فرقة مكافحة العصابات، من أجل الإيقاع بباقي أفراد هذه المجموعة، إلى نصب كمين لهم. وأسفرت النتائج عن إيقاف جل هؤلاء المتهمين الذين اعترفوا في المحاضر المنجَزة لهم بالتُّهم الموجهة لهم. واعترفوا باقترافهم 8 عمليات سرقة قاموا بتنفيذها بالقرب من سوق تجاري ممتاز في المدينة، واستهدفت إحدى هذه العمليات سرقة حقيبة يدوية لمواطنة كانت تحتوي على مبلغ مالي وهاتف نقال وأغراض شخصية أخرى. كما نفذوا بعض عملياتهم في طريق إموزار، وهو المخرج الذي يربط مدينة فاس بمدينة إفران، على مقربة من كلية العلوم والتقنيات سايس وأحد المسابح التابعة للخواص. ومن عملياتهم في هذه المحطة اعتراض سبيل فتاة بنفس الطريقة وسلبها مبلغا ماليا كان بحوزتها، إلى جانب هاتفين محمولين. وشملت أعمال هذه المجموعة حي الفرح في المدينة، وهو من الأحياء الراقية. وقد استغلت الليل لاعتراض سبيل أحد الضحايا كان على متن دراجة نارية من نوع «ياماها»، حيث سلبت منه دراجته تحت التهديد باستعمال السلاح الأبيض. ولم تكتفِ المجموعة بتنفيذ هذه الاعتداءات في مدينة فاس. فقد انتقلت إلى مدينة مكناس، حيث فاجأت عناصرُها مواطنا كان على متن دراجته النارية من نوع «سوروكس»، بالقرب من المطعم الأمريكي «ماكدونالدز» وتم انتزاعها منه، تحت التهديد بالسلاح الأبيض. واستقدمت هذه الدراجة إلى مدينة فاس، حيث قطعت المسافة الرابطة بين المدينتين وعلى متنها أعضاء من المجموعة. واعترف المتهمون، على خلفية هذا الملف، بتنفيذ سرقة في أحد المسابح الخاصة في الجماعة القروية «عين الشقف» في ضواحي فاس. ويستفاد من هذا الاعتراف أن المجموعة سلبت إحدى الضحايا دراجته النارية من نوع «سيلس إكس»، تحت التهديد بالسلاح دائما، قبل أن يلوذ أفراد المجموعة بالفرار على متنها. وفي «حي السلام»، في مركز المدينة، قامت المجموعة باعتراض سبيل أحد المواطنين، والذي كان يمتطي دراجة نارية من نوع «سكوتر» وقاموا بسلبها منه، تحت التهديد باستعمال السلاح الأبيض. ومن عمليات هذه الشبكة كذلك، وبينما كانت عناصرها تتجول، ليلا، في طريق صفرو، بحثا عن الضحايا فاجؤوا شخصا كان برفقة فتاة داخل سيارته، بعدما لم تتح لهم إمكانية سرقة أي دراجة نارية. واستعملت المجموعة حيلة «أسبقية المرور»، وهم على متن دراجة نارية من الدراجات المسروقة. وتحت التهديد بالسلاح، سلبوا صاحب السيارة جهاز حاسوب وهاتفا نقالا. وبالرغم من تعدد السرقات التي اعترف بها أفراد المجموعة، فإن المحققين أوردوا أنهم لم يعثروا سوى على 3 دراجات نارية في المكان الذي يتخذه هؤلاء فضاء لإقامتهم. وتمت إعادتها إلى مالكيها. وأفضت التحقيقات في الملف إلى جر بعض المتَّهمين بشراء المسروق أو التدخل لبيعه، فيما وُجِّهت تُهم تتعلق بتكوين عصابة إجرامية والسرقة المتعددة والسرقات بالخطف، المقرونة باستعمال ناقلة ذات محرك، والمساهمة لجل أفراد المجموعة، التي أحيل أفرادها، في حالة اعتقال، على غرفة الجنايات في محكمة الاستئناف للبت في قضيتهم.