في تطور لافت لتبعات تصريحات الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، استغرب فيها عدم الإعلان لحد الآن عمن كان وراء أحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، وصف قياديون سياسيون تلك التصريحات ب«الطائشة» وب«المزايدات» و«السوسة التي تهد عن قصد البنيان». ووصف نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، تصريحات بنكيران خلال المؤتمر الثاني لجمعية مستشاريه الجماعيين، ب«الطائشة» وب«المزايدات»، وقال في تصريح ل«المساء»: «أعتقد أن بعض المواضيع لا يمكن أن نستخف بها، وأن تطالها بعض التصريحات الطائشة، فموضوع الإرهاب هو موضوع الأمة، لذلك على الجميع أن يلتف حول الدولة المغربية في كفاحها ضد أشكال الإرهاب»، مضيفا: «بحكم معايشتي لأحداث 16 ماي الإرهابية بشكل مباشر من موقعي كوزير للاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، أؤكد أنه كانت تتوفر لدينا كافة المعلومات التي تفيد بأن أصحاب تلك الأعمال المشينة تمت مطاردتهم واعتقالهم وتمت محاكمتهم، وهذا الأمر طوي. وبالنظر إلى التهديدات التي يشكلها خطر الإرهاب، أرى أنه من الواجب علينا جميعا أن نلتف وأن نقف وقفة رجل واحد لأن ملف الإرهاب ملف لا يحتاج إلى مثل هذا التشكيك والمزايدات». من جهته، اعتبر صلاح الوديع، الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة، تصريحات الأمين العام لحزب المصباح، بأنها «نوع من الاستخفاف والاستهتار بقضايا حساسة وجوهرية لبلادنا التي تدفعنا إلى طرح عشرات علامات الاستفهام حولها»، وقال في اتصال مع «المساء» إن «العودة بشكل مثير إلى قضية عرف القاصي والداني معطياتها، وقال القضاء كلمته بخصوصها، يروم التشكيك، وهو أمر خطير لا يضر بالملف وإنما بمسيرة المغرب ككل، وهنا تكمن خطورة الأمر»، مشيرا إلى أنه كان أولى بقيادة العدالة والتنمية أن تنشغل بالإجابة عن أسئلة من قبيل ما دور حزبها في البناء الديمقراطي والسياقات التي تعيشها بلادنا عوض اللجوء إلى التشكيك. الناطق الرسمي باسم حزب الأصالة والمعاصرة اعتبر أن «تصريحات بنكيران لا تستحق إلا الاستهجان، لأنها تبعث على الشك والريبة، وهي مثل السوسة التي تهد عن قصد البنيان»، وقال إن «مثل هذه التصريحات لن تخضع أحدا، كما أنها ليست الطريقة المثلى التي يستطيع حزب سياسي أن يثبت بواسطتها أقدامه في المواقع التي يمني بها النفس، ولا أتصور أنه بمقدوره من خلال مثل هذه التصريحات أن يسترد موقعا سياسيا مفقودا». وكانت كلمة بنكيران قد أثارت غضب وزارة الداخلية، التي أصدرت بلاغا شديد اللهجة، اتهمت فيه الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بالتشويش على الجهود التي تبذل في مواجهة الإرهاب، واستصغار ذكاء المغاربة وعدم احترام مشاعرهم الوطنية، خاصة مشاعر أسر شهداء وضحايا هذا العمل الإرهابي، مطالبة مسؤوليه بأن «يتحملوا مسؤولياتهم كاملة أمام الرأي العام الوطني، وأن يختاروا موقعهم علانية وبكل وضوح عوض الترويج للشكوك، وأن ينخرطوا كليا في الإجماع الوطني الذي يدين الإرهاب بكل أشكاله، وكيفما كان موقع وصفة مرتكبيه». وفيما اعتبر محمد اليازغي، وزير الدولة، أن الرأي الذي عبرت عنه وزارة الداخلية في بلاغها، عقب التصريحات التي أدلى بها بنكيران، يعبر كذلك عن رأي أحزاب الأغلبية التي تقود الحكومة الحالية، قال خالد الناصري، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم حكومة عباس الفاسي:«لسنا بحاجة إلى هذه التشكيكات لأنها منافية لواقع الحال، وكان من الضروري أن يتم الإفصاح عن الجهة التي قد تكون مسؤولة عما حصل، كما تم التلميح لذلك في تصريحات قياديي العدالة والتنمية»، مضيفا خلال الندوة الصحافية، التي عقدها مساء أول أمس الخميس عقب انتهاء أشغال المجلس الحكومي:«كحكومة نعتبر أننا عبرنا عن رأينا وأن الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والرأي العام والصحافة قد حسمت حسما نهائيا في الموضوع، ولا أعتقد أنه من الجد أن يثار الموضوع بعد مرور سبع سنوات». وردا على سؤال ل«المساء» حول ما إن كانت التهديدات المبطنة، التي تضمنها بلاغ وزارة الداخلية ضد قيادة الحزب الإسلامي، إيذانا بدخول علاقة الحزب بوزارة الداخلية مرحلة التشنج مجددا، اكتفى الناطق الرسمي باسم الحكومة بالقول: «اجتهدت للبحث عن هذه التهديدات، لكني لم أتمكن من إيجادها»، مشيرا إلى أن وزارة الداخلية أصدرت بلاغها وفق الاختصاصات المخولة لها قانونيا. إلى ذلك، قلل لحسن الداودي، نائب الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، من شأن الانتقادات الموجهة إلى حزبه من قبل قياديي أحزاب في الأغلبية أخرى في المعارضة، معتبرا أنها صادرة عن أناس لم يطلعوا على الكلمة التي ألقاها بنكيران خلال مؤتمر جمعية مستشاري العدالة والتنمية السبت الماضي بالرباط، وأنهم يعزفون عن خطأ نفس السمفونية التي عزفها وزير الداخلية في بلاغه. وأطلق الدوادي النار على وزارة الداخلية قائلا في اتصال مع الجريدة:«بالرغم من وجود مسؤولين تقنيين على درجة عالية من الكفاءة داخل وزارة الداخلية، فإنها، مع كامل الأسف، تعاني على المستوى السياسي. وأعتقد أنه كان عليهم أن يستشيرونا قبل نشر بلاغهم»، مشيرا إلى أن «أحداث مثل أحداث إسني الإرهابية لم يعرف من يقف وراءها إلا مؤخرا، لذا كان على منتقدي الحزب أن يفهموا سياق تصريحات بنكيران قبل أن ينتقدوا الحزب». وقال تعليقا على الانتقادات الموجهة إلى حزبه من قبل الأصالة والمعاصرة:«تلك الانتقادات فارغة ولا قيمة لها. وعلى كل حال، فإن المواطن المغربي يدرك أشد ما يمكن الإدراك الدور التخريبي ل«البام»، ويدرك من يخرب الديمقراطية ومن يبنيها».