في القضايا الكبرى للوطن... تتضح المواقف. ولأننا لم نعد نعيش زمن البرافدا، فمن الطبيعي أن تكون المواقف مختلفة، بل هذا الاختلاف يجب أن يخلق نقاشا هادئا ومسؤولا من أجل بلوغ الأهداف المتوخاة، ومنها مثلا الحفاظ على المال العام. لكن لا يمكن باسم هذا الاختلاف أن نختزل قضايا مصيرية لبلد فقير كالمغرب في تقاطبات أو نزاعات ثنائية. مناسبة هذا الحديث هي بعض ردات الفعل بخصوص موضوع تفويت أراضي الدولة لمجموعة الضحى دون مناقصات وبأسعار بخسة. أنا هنا لا أتحدث عن مواقف الإعلام، فكل منبر يتناول قضايا الوطن من الزاوية التي يتبناها انطلاقا من قناعاته وهنا كذلك يبقى الحكم للقارئ الذي هو جزء من الرأي العام. لكن أن يقول بعض السياسيين إنه «ليس من الحكمة تسخير مؤسسة البرلمان لخدمة لوبيات عقارية» فهذه محاولة فاشلة للهروب إلى الأمام وأن يصرح وزير في الحكومة بأن الدولة ليست رهينة مافيات فهذا أمر خطير. ما همنا نحن أن يكون موضوع تفويت أراضي الدولة لمجموعة الضحى بالطرق التي تحدثنا عنها مجرد صراع الحيتان كما قال البعض؟ ولنكن مباشرين أكثر، هل المواجهة المباشرة بين الشعبي والضحى تشفع لبعض البرلمانيين والحكومة لكي يتنصلوا من مسؤوليتهم أمام ناخبيهم؟ ماذا سيقول هؤلاء المنتخبون لناخبيهم في الحملة المقبلة وهم يواجهون بمسؤولية سكوتهم عن إهدار المال العام؟ ولنكن واضحين... ليس هناك أي تحامل على مجموعة الضحى كما يتوهم البعض. ملف الضحى فرض نفسه على الساحة على اعتبار ضخامة الأموال التي «ضيعتها الدولة»... هذا لا يعني أننا وآخرين سنسكت عن استفادة مجموعات الشعبي والجامعي وفاديسا والعمران وكلوني وآخرين من امتيازات غير مستحقة، إذا ثبت ذلك... فكل الملفات قابلة للنقاش. أما البرلمانيون الذين قالوا إنهم سيدعمون مقترح تكوين لجنة تقصي شريطة أن تحقق بشكل عام ولا تقتصر على الضحى، وكأن هناك من اشترط على اللجنة أن تقتصر على الضحى... فهم في الواقع مساكين. هناك نية مبيتة من طرف البعض لتحويل الضحى إلى ضحية في هذا الموضوع وهناك من يريد إعطاء الانطباع بأن نجاح الضحى يجلب عليها حسد المنافسين. إن الأمر يا سادة أكبر من ذلك بكثير. الأمر يتعلق بأموال تعادل مجموع الاعتمادات المرصودة لصندوق المقاصة الذي دوخ الحكومة. لذلك نقول إن بين أيدينا الآن بعض ملفات الضحى وقد عالجناها وهناك ملفات أخرى تعد بمفاجآت سيقف الرأي العام على حجمها وسنرى كيف ستكون ردة فعل من ائتمنهم الشعب على تدبير أمواله... ولن يقف الأمر عند الضحى، سنعالج ملفات كل المتورطين في إهدار المال العام وكل من يتوفر على ملفات كيفما كان المتورطون فيها فعليه أن يشرك كل الصحافة (بدون استثناء) فيها حتى يتم فضح الجميع... لا يهم اليوم أن يتعلق الأمر بعمر أو بزيد... فالوطن فوق الجميع، واهم من يعتقد أن له حصانة بأي شكل من الأشكال، كل الأسماء سواسية أمام الرأي العام... وليأتي كل واحد ببرهانه.