خلقت مهاجمة ثلاثة أعضاء في المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية، من طرف نشرة «اتحادي»، حالة استنفار داخل المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بعد أن أطلقت النار على كل من عبد الهادي خيرات، وإدريس لشكر، وعبد الحميد الجماهري، وحسن طارق، أعضاء المكتب السياسي. في هذا الحوار مع نوفل بلمير، أحد مؤسسي النشرة، وعضو المجلس الوطني لحزب الاتحاد الاشتراكي، نسلط الضوء على الأسباب الحقيقية لإصدار نشرة «اتحادي» الموضوعة في قفص الاتهام من قبل قيادة الاتحاد، وكذا على أزمة التنظيم الشبابي والصراع الدائر بين أعضاء المكتب السياسي. - بداية، ما الذي جعل نشرة إلكترونية لثلاثة شبان من شبيبة أكبر حزب يساري تثير كل هذا الجدل؟ في بداية تأسيس نشرة «اتحادي»، لم نتصور أن المجريات ستتطور بهذا الشكل، بأنها سوف تخلق ضجة داخل القيادة الحزبية، لأن الهدف من وراء بلورتها بالنسبة لنا كان يتمثل في ثلاث نقاط. أولا، ارتأينا عبر هذه المجلة المطالبة بعقد المؤتمر الثامن للشبيبة الاتحادية، وثانيا، أردنا خلق نقاش سياسي داخلي، وثالثا، حاولنا التواصل مع شريحة واسعة من الشباب المغربي باستعمال وسائل التكنولوجيا الحديثة من معلوميات وأنترنيت. إلا أنه مع الأسف، فإن هذه المبادرة لم ترق لبعض أعضاء المكتب السياسي، ليتم التعامل معها بصرامة وبردة فعل أعتبرها متسرعة، خاصة أننا ننتمي لحزب حداثي ديمقراطي يدافع عن حرية التعبير والرأي والحريات بشكل عام. المبادرة فريدة في نوعها وهي أول تجربة في مجال الإعلام الحزبي الإلكتروني الشبابي بالمغرب. الارتباك يُصلّح والاختلال يمكن وضعه على الطريق الصحيح. - كيف تنظرون إلى القرارات المتخذة ضدكم والتي وصلت إلى حد طرد عبد المجيد مومر وإحالتك بمعية علي الغنبوري على لجنة تحكيم؟ دعني في البداية أقول إن إحالتي بمعية الأخ علي الغنبوري على لجنة التحكيم كلام أشاعه بعض الصحافيين فقط، إذ إن بلاغ المكتب السياسي لم يشر إلى ذلك. كما أن اتهام الأخ الغنبوري باستعمال معطيات وزارة التشغيل مجانب للحقيقة، حيث استعملنا سجلنا الخاص للبريد الإلكتروني، أما فيما يخص الأخ عبد المجيد مومر فبلاغ المكتب السياسي واضح كذلك ولم تستعمل كلمة الطرد، بل قرر المكتب ترسيم عبد المجيد خارج الحزب بناء على رسالة استقالة كان قد قدمها في مرحلة سابقة. هي مرحلة غضب واستياء على الطريقة التي دبرت بها لائحة التزكيات خلال انتخابات 2009 في منطقته. كان عبد المجيد آنذاك قلقا، إلا أنه بعد فترة تم استدعاؤه من طرف الكاتب العام للشبيبة للالتحاق ومزاولة نشاطه داخل المكتب الوطني، وبالتالي هذه الحالة لها اعتباراتها ولها حيثياتها، ولذلك وجب التعامل معها بشكل شمولي وليس بشكل محدود واختزالي. - لكن، ألا تعتقدون أن العقوبات الصادرة في حقكم تناسب ما تضمنته النشرة من مس بقياديين ومخالفة لثقافة الحزب؟ هنا من الضروري توضيح بعض الأمور، فبقدر ما استفادت البلاد من تجربة التناوب التوافقي التي دشنت في 1998، حيث تم إنقاذ البلاد من السكتة القلبية وتم توسيع مجال الحريات العامة وفتحت أوراش كبرى، بقدر ما عانى الاتحاد الاشتراكي من تغيير في طبيعة ممارسته السياسية، حيث تم تكريس ثقافة تدبيرية على حساب ثقافة سياسية، فضعف النقاش المرجعي وتقلص حجم المطالب التي تخص الإصلاحات السياسية والدستورية، هذا التحول هو ما أفقد الحزب شيئا من نفوذه داخل المجتمع، وجعل مجموعة من المناضلين يبتعدون عن نشاطهم الحزبي، كما أثر بشكل سلبي على كياننا الداخلي، ونحن، من موقعنا كشباب، نختلف مع هذه الثقافة الجديدة، ومع أساليب العمل السياسي التي أنتجتها داخل الاتحاد، لكننا لا نخالف قرارات الحزب ومرجعياته، وعبر نشرة «اتحادي» انتقدنا طبيعة الممارسة الحالية ولم ننتقد أشخاصا بعينهم، كانت هذه هي رسالتنا لكنها، مع الأسف، لم تستوعب وفهمت في الاتجاه الخطأ، أما قياديو الاتحاد فنحن نقدرهم ولهم منا كل الاحترام. - هل تتوقعون أن يتراجع المكتب السياسي عن القرارات المتخذة في حقكم؟ من بين الأهداف التي وضعتها لجنة تقييم انتخابات 2007، ومن بين المساعي التي رسمها مؤتمرنا الثامن للحزب هي توحيد الصفوف ولم شمل جل الاتحاديين حتى يتم تدارك أخطاء الماضي، وبالتالي فإن ثقافة أرض الله واسعة يجب أن تنتهي داخل الاتحاد الاشتراكي. عبد المجيد مومر ابن الحزب ضحى بالغالي والنفيس من أجله، كتب مجموعة من الشعارات التي يرددها جميع الشباب الاتحادي في المحطات الحزبية، وبالتالي علينا محاولة إعادة المياه إلى مجاريها حتى تعود الأيام إلى سالف عهدها. - هل جرت اتصالات في الأيام الماضية بينكم وبين قيادة الحزب، خاصة الكاتب الأول، من أجل حل المشكل الذي أثارته الانتقادات التي تضمنتها نشرة «اتحادي»؟ لم تكن هناك اتصالات مباشرة مع الأخ عبد الواحد الراضي، لكن بالمقابل، اتصل بنا مجموعة من المناضلات والمناضلين، وتم توضيح كل هذه الملابسات بغية تهدئة الأوضاع حتى تتم معالجة ما يمكن معالجته. - في تحد للمكتب السياسي صدر العدد الأول ل«اتحادي» والذي تضمن هجوما لاذعا على قيادي اتحادي، وإعادة نشر مقالات في العدد صفر كانت قد أثارت حفيظة كل من إدريس لشكر وحسن طارق وعبد الهادي خيرات وعبد الحميد الجماهري. ما السبب الذي دعا إلى التصعيد؟ مجلة «اتحادي» في عددها الأخير لم أشارك بمعية علي الغنبوري في صياغتها، إذ أشرف على العدد عبد المجيد مومر لوحده، ويجب مراعاة موقعه اليوم، فهو يعتبر أنه تم الاستغناء عنه، لذلك لا يجب أن نعمل على التهويل في هذه المرحلة، بل علينا إيجاد حل لهذا الإشكال، وأجمل ما في الأمر هو محاولة توضيح سوء الفهم الذي حصل، لأنه تربطنا علاقات جيدة مع كل المناضلين ونحترم المكتب السياسي لحزبنا. نحن اليوم في حاجة إلى التهدئة وليس إلى التأجيج. وأنا من جهتي سأعمل في هذا الاتجاه، سأتحدث مع عبد المجيد من أجل تلطيف الأجواء. - وهل يمكن القول بأنها نقطة اللاعودة في صراعكم مع أعضاء في المكتب السياسي؟ لا أظن أن الأمر كذلك، فنحن أبناء هذا الحزب: تربينا في أحضانه وتشبعنا بأفكاره وتقلدنا مسؤوليات محلية ووطنية في أجهزته، ولا أظن أن الحزب اليوم في حاجة إلى صراعات تحدُّ من عطائه وتواجده، بل الجميع يطمح إلى إرجاع الاتحاد لمواقعه حتى يعود إلى الواجهة، ولم لا الحصول على المرتبة الأولى في الاستحقاقات المقبلة. هناك فرق بين الاختلاف والخلاف، فقد نختلف في الوسائل والطرق، لكننا لا نخالف التوجه العام لحزبنا. - من المستفيد من التخلص من الشبيبة؟ خصوم الاتحاد وأعداء المشروع الحداثي التقدمي في المغرب. - من تتهمون بالوقوف وراء ما تعرفه الشبيبة من أزمة؟ الجميع مسؤول عن هذه الأزمة، فالمكتب السياسي السابق أقحم الشبيبة الاتحادية في حروب تزكيات 2007، وبالتالي أجج الصراع في المراحل الأولى التي تلت المؤتمر السابع للشبيبة المنعقد في يناير 2007، ولم تعط بعد ذلك الفرصة للمنظمة للتعبير عن موقفها تجاه المشاركة الحكومية الحالية. موقف كان يميل بشكل كبير إلى المطالبة بالعودة إلى المعارضة، وهذه الأسباب هي ما دفع الأخ علي الغنبوري إلى تقديم استقالته من الكتابة العامة في وقت لاحق. من جهة أخرى، يتعين التحلي بالموضوعية وأن نعترف بأن المكتب الوطني للشبيبة الاتحادية مسؤول عن هذه الأزمة كذلك لأنه لم يتمكن من تفادي الحسابات الضيقة والصراعات المفتعلة. - يرى البعض أن احتدام الصراع بين أعضاء للمكتب السياسي قبيل انعقاد المؤتمر الوطني للحزب و«حرب» التحضير للاستحقاقات المقبلة تم إسقاطهما على التنظيم الشبيبي للحزب. مع الأسف أصبحت الشبيبة الاتحادية هي ذلك المقياس الذي يجس الصراع داخل الحزب. لذلك، وكما قلت، هي مسؤولية الجميع وأرى أنه من المفروض أن ينكب الجميع، اليوم، بشكل إيجابي على التحضير لمؤتمر ثامن للشبيبة الاتحادية. - في نظرك أين تكمن أزمة الشبيبة الاتحادية؟ الأزمة تكمن في سؤالين، الأول هو علاقة الحزب بالشبيبة، والثاني يتعلق بالبنية التنظيمية. هناك من يعتقد أن الشبيبة عليها أن تكون أداة في يد الحزب وآخرون يرون أنها قوة اقتراحية بالأساس، وشخصيا أرى أن على الشبيبة أن تكون أداة وقوة اقتراحية في نفس الوقت داخل الحزب من أجل مساعدته والدفاع عن مشروعه ومن أجل إبداء الآراء السياسية للشباب الاتحادي. أما فيما يخص التنظيم، فعلينا إبداع صيغة تنظيمية أكثر مرونة تتجلى في تقليص عدد أعضاء المكتب الوطني والعودة إلى نظام اللجنة المركزية واعتماد مقاربة جهوية تتماشى واختيار البلاد الحالي. هذه هي الأسئلة التي يجب الإجابة عنها في المؤتمر المقبل لتجاوز الأزمة. - تميزت علاقة أعضاء في المكتب الوطني للشبيبة بالجفاء مع الكاتب العام للشبيبة. ما الذي تؤاخذونه على نجل محمد اليازغي؟ أؤاخذ عليه طريقة تسييره للمنظمة، فالمكتب الوطني الحالي تجاوز مدة صلاحية ولايته منذ عامين، إذ إن المقرر التنظيمي للمؤتمر السابع حدد مدة انتدابنا في عامين، وبالتالي فنحن خارج الشرعية منذ 2009، وبالرغم من أن ملتقى القنيطرة في 2009 ومراكش 2010 رفعا توصيات تطالب بعقد المؤتمر، فمع الأسف لم يبد الأخ الكاتب العام أي نية مؤسساتية عبر اجتماعات المكتب الوطني لتحديد موعد المؤتمر، مع العلم أن التعاقد الذي كان يوم انتخابه كان هو الشروع في التحضير للمؤتمر. هذا من ناحية، أما من ناحية ثانية فهناك بعض القرارات التي تأخذ بشكل انفرادي، وهذا ما حصل في ملف الاتحاد العالمي للشباب الاشتراكي (اليوزي) وقضية الصحراء المغربية، إذ تم اختيار الوفد المشارك من خارج جهاز المكتب الوطني بطريقة انفرادية من طرف الأخ علي اليازغي وعند عودته تحدث عن إنجازاته ونجاحاته، لكن عندما ظهر بيان «اليوزي» المعاكس للطرح المغربي تم تحميل المسؤولية من طرف وسائل الإعلام إلى الشبيبة الاتحادية، في حين أن المسؤولية يتحملها الأخ علي اليازغي لوحده.