فيما لا يزال الغموض يكتنف ترشيحات المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية لعضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، توقعت مصادر نقابية أن يقود قياديون نقابيون في الأسابيع المقبلة انتفاضة داخلية ضد المحجوب بن الصديق، الزعيم الذي يقود الاتحاد المغربي للشغل منذ نحو 55 سنة، احتجاجا على طريقة اختياره الأسماء التي تضمنتها اللائحة التي توصل بها، مؤخرا، كل من عباس الفاسي، الوزير الأول، وعبد الواحد الراضي، رئيس مجلس النواب، ومحمد الشيخ بيد الله، رئيس مجلس المستشارين، بخصوص مرشحي النقابة لعضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وحسب نفس المصادر، فإنه من المتوقع أن تثير لائحة الاتحاد المغربي للشغل ردود فعل قوية واحتجاجات داخلية، بالنظر إلى عدم تداول المجلس الوطني للنقابة إلى حد الساعة في أمر مرشحي النقابة المرشحين لعضوية المجلس الاقتصادي والاجتماعي، على نقيض ما كان عليه الأمر في نقابات أخرى عادت إلى أجهزتها التنظيمية ووضعت معايير للحسم في مرشحيها، مشيرة إلى أن المحجوب بن الصديق انفرد بوضع اللائحة، وأن «الزبونية والمحسوبية وتقريب الأتباع والمقربين منه من جهة، والتعتيم والضبابية من جهة أخرى»، هي التي حكمت اختيارات قيادة النقابة. وأبدت المصادر استغرابها من اتخاذ الحكومة موقف المتفرج ومباركة ضرب الديمقراطية الداخلية، وقالت ل«المساء»: «في الوقت الذي نتحدث فيه عن عهد جديد وعن الديمقراطية لا يعقل أن تضرب نقابة تستفيد من دعم المال العام بعرض الحائط الديمقراطية ولا تتم محاسبتها من قبل الحكومة». ووفقا للمصادر، فإن لائحة مرشحي النقابة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي تضمنت أسماء قياديين مقربين من زعيم الاتحاد المغربي للشغل، من بينهم الكتاب العامون لقطاعات المطارات والموانئ، و«ريضال»، والجامعة الوطنية للماء الصالح للشرب، مشيرة إلى أن الأيام المقبلة ستكون مصيرية في تحديد الشكل الذي سيتخذه احتجاج القياديين الغاضبين من المسار الذي اتخذته لائحة مرشحي النقابة. وتتوفر نقابة المحجوب بن الصديق، حسب المرسوم التطبيقي الخاص بالمادتين 11 و12 من القانون التنظيمي رقم 09.60، المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، داخل التركيبة على ثمانية مقاعد، اثنان من القطاع العام وستة من القطاع الخاص، من أصل 24 مقعدا مخصصا للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية. فيما تتوفر الكنفدرالية الديمقراطية للشغل على ستة مقاعد (ثلاثة من القطاع الخاص وثلاثة من القطاع العام) والفدرالية الديمقراطية للشغل على أربعة مقاعد (3 من القطاع العام وواحد من القطاع الخاص) والاتحاد العام للشغالين بالمغرب على أربعة مقاعد (ثلاثة من القطاع الخاص وواحد من القطاع العام) والاتحاد الوطني للشغل على معقدين. إلى ذلك، انتقد علي لطفي، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للشغل، قبول المركزيات النقابية بأن يتولى الوزير الأول ورئيسا مجلسي النواب والمستشارين اختيار مرشحيها الذين اقترحتهم عوض عنها، معتبرا ذلك القبول دليلا على أن المركزيات النقابية أصبحت قاصرة وعاجزة عن اختيار من يمثلها. من جهة أخرى، أوضح لطفي أن نقابته تنتظر رد المجلس الأعلى للقضاء على الطعن الذي تقدمت به بخصوص المرسوم التطبيقي للمجلس، مشيرا إلى أن المنظمة ستسمر في مواجهة ما سماه التعامل الحكومي مع القوانين المتسمة بتجاوز الدستور والقانون. وكانت المنظمة قد وضعت مقالا أمام الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى للقضاء يرمي إلى الطعن في المرسوم التطبيقي للمجلس، واعتبرت أنه «يتعارض مع النص القانوني الوحيد المحدد للنقابات الأكثر تمثيلا في صيغته الحالية ومع أحكام مدونة الشغل (المادة 425)، والقانون التنظيمي للمجلس الذي يتخذ من هذه المادة إحدى حيثياته بطريقة غير مباشرة. وقال في تصريح ل«المساء»: «منذ نحو 30 سنة ونحن ننتظر تفعيل النص الدستوري المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وبعد التوجيهات الملكية للحكومة بالإسراع بإخراج المجلس إلى حيز الوجود، سنفاجأ بعملية ترقيعية للقانون وللمرسوم التطبيقي»، مشيرا في هذا الصدد إلى أنه أمام الفراغ القانوني الخاص بتعريف النقابات الأكثر تمثيلية في كل القطاعات، والمأزق الذي نشأ عن عدم تحديد القانون التنظيمي للمرجعية الخاصة بتحديدها، لم يكن من سبيل أمام الحكومة سوى اجتهاد أن توزع مقاعد المجلس الاقتصادي على النقابات الخمس في القطاعين العام والخاص. وحسب المسؤول النقابي، فإن الحكومة حاولت الخروج من الورطة التي وجدت نفسها فيها من خلال التلويح بمنح المنظمة الديمقراطية للشغل مقعدا في تركيبة المجلس، وهو «ما رفضناه لأننا لا نستجدي الحكومة وما بغينش الفابور وإنما تطبيق القانون» يقول لطفي.