نظم العاملون في مستشفى الأطفال، التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا في الرباط، صباح أول أمس، وقفة حاشدة للتنديد بالتردي الخطير الذي آلت إليه الأوضاع داخل المستشفى ومطالبة الجهات المسؤولة بالتدخل، بشكل عاجل، لتقويم الوضع. وقد عرفت هذه الوقفة التي شارك فيه الأطباء والممرضون وأيضا الأساتذة ورؤساء الأقسام ترديدَ مجموعة من الشعارات التي تُندِّد بسياسة الحكومة في مجال الصحة وتتهم المسؤولين بسحق الفقراء ومطاردتهم عوض علاجهم، بعد أن أصبحت عدد من المستشفيات العمومية عبارة عن بنايات فارغة لا تتوفر فيها أدنى وسائل العمل، كما هو الشأن بالنسبة إلى مستشفى الأطفال، حيث ما يزال الغموض يسود صفقة شراء المُعِدّات، رغم مرور أزيدَ من 9 أشهر، ما يجعل عددا من العاملين في وضع حرج، وهم يطلبون من المريض شراء «الإبرة والخيط» وغيرهما.. بالإضافة إلى ما يعرفه المستشفى من خصاص كبير على مستوى عدد الممرضين، وكذا الخصاص المسجَّل بالنسبة إلى بعض المستلزمات الضرورية المرتبطة بسلامة وحياة المرضى و المواد الطبية الأساسية. كما احتج المشاركون على مجموعة من القرارات الإدارية، ومنها مركزة التحاليل، وهي القرارات التي تم اتخاذها دون تشاور مع الأطباء وساهمت، بشكل كبير، في تحويل المستشفى إلى ساحة احتجاج يومية لمواطنين مسحوقين يَفِدون من مدن نائية، بعد أن أنهكهم المرض، ليجدوا أنفسَهم في مواجهة مستشفيات عمومية أصبحت تتبنى منطق المصحات الخاصة!.. وكان الأطباء العاملون في المستشفى قد هدَّدوا -في وقت سابق- باستقالة جماعية، بعد أن وصل المستشفى إلى مستوى غير مسبوق من التدهور. إلى ذلك، أكد مصدر مُطّلع أن الهاجس المادي أصبح يطغى بصورة رهيبة على تفكير الإدارة التي غيَّبت الجانب الإنساني في عمل المستشفى، من أجل التقليل بكافة الوسائل من حجم المصاريف، حتى لو كان ذلك على حساب حياة وسلامة المرضى، وهو ما يظهر بشكل فاضح في القرار الذي اتخذته الإدارة بحرمان مرضى الطلاسيميا، ممن يتجاوز سنهم 15 سنة، من الاستفادة من العلاج. وأضاف المصدر ذاتُه أن هذا القرار هو بمثابة حكم بالإعدام على هؤلاء، علما بأن هذه الفئة من المفترَض أن تستفيد من العلاج من الولادة إلى الوفاة. ومعلوم أن مرض الطلاسيميا مرض جيني خطير ينتُج عن عدم قدرة الدم على صناعة كريات حمراء سليمة ويتطلب مصاريف باهظة للعلاج، إضافة إلى المعاناة النفسية، حيث يتعين على المريض أن يخضع لعملية نقل الدم مرة أو مرتين في الشهر مدى الحياة، إلى جانب تناول مجموعة من الأدوية لإزالة الحديد من الدم، علما بأن ثمن بعض الأدوية يصل إلى حدود 5000 درهم.. وفي حالة عدم الالتزام بالعلاج فإن الوفاة تكون محتومة، بعد شهور، مع الإصابة بعدد من الأعراض الخطيرة، منها ضعف النمو وتشوهات الوجه والعظام وتضخُّم الكبد والطحال.