تحولت وقفة احتجاجية لسكان «كاريان الشانطي الجديد» المقصيين من برنامج إعادة هيكلة الأحياء الصفيحية في المحمدية، كانوا قد نظّموها صباح الأحد المنصرم في شارع المقاومة، إلى مسيرة غضب، شاركت فيها كل الفئات العمرية للأسر المتضررة. ورفع المتضررون الأعلام الوطنية وصور الملك محمد السادس ولافتة يطلبون من خلالها الخلاص من أزمة السكن غير اللائق. وحضر الوقفةَ أعضاء من المكتب المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، الذين يدعمون السكان في نضالاتهم منذ سنوات. وأكد المتضررون، في تصريحات متفرقة ل«المساء»، أنهم طرقوا كل الأبواب من اأجل إنصافهم دون جدوى وأن بعضهم تم إقصاؤهم من الاستفادة من بقعة أرضية، رغم أهليتهم، فيما مازال آخرون ممن دفعوا قيمة الأرض ينتظرون منذ سنوات الإفراج عن بقعهم الأرضية دون جدوى. كما أشاروا إلى معاناتهم داخل منازلهم الصفيحية التي تدهورت والتي مُنعوا من إصلاحها أو ترميمها. وذكَّر المتضررون ببعض «المحظوظين» اللذين استفادوا، دون وجه حق، من بقع أرضية، (طلبة وعزاب وأصحاب مدارس ودكاكين...). واتهموا ممثلي السلطات المحلية ومندوبية الإسكان والتعمير والتنمية المجالية بالتلاعب في البرنامج الذي كان من المنتظَر أن ينتهي خلال سنة 2008، مشيرين إلى أن العديد من الأُسَر من خارج المدينة وداخلها استفادوا من بقع أرضية بعد تقديم رشاوى أو عن طريق الزبونية والمحسوبية وبعض السماسرة وأعوان السلطة، وأنهم ورغم طرق كل الأبواب كانوا دائما يُجابَهون بتعنُّت المسؤولين المحليين، مؤكدين أن بعضهم لم يَتمَّ إحصاؤهم، فيما شمل الإحصاء آخرين، فيما اقترحوا على أسر أخرى القبول ببقعة أرضية مشترَكة بين أربعة أو خمسة أسر. وجاء على لسان المتضررين أن مستفيدين حصلوا -دون وجه حق- على شواهد للسكنى وتمكنوا من الحصول على بقع أرضية، في الوقت الذي حُرِم منها أفراد العشرات من الأسر التي تقطن لأزيد من عشرين سنة، ومنهم من أدى منذ سنوات ثمن البقعة الأرضية، وأن من أراد أن يختار بقعة أرضية (شوكة) عليه دفع مبلغ عشرة آلاف درهم رشوة، وقبلها مبالغ أخرى من أجل الاستفادة.. وأوضح المتضررون أن عدة «زريبات» استفاد أصحابها عدة مرات وأن آخرين أقاموا لمدة شهر أو شهرين في «الشانطي الجديد» والجموع بدعم من السلطات المحلية، وحصلوا على بقع أرضية، في الوقت الذي لا تعترف الجهات المعنية ببعض السكان الذين وُلدوا ونشؤوا داخل الحي الصفيحي. وأكدوا أنهم راسلوا كل الجهات العليا من أجل التدخل العاجل لإنقاذهم. ودعا الحقوقيون، من جهتهم، إلى ضرورة فتح تحقيق لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء تعثُّر برنامج إعادة هيكلة الأحياء الصفيحية في المحمدية والاختلالات التي رافقته، وطالبوا بإيجاد حلول عادلة ومنصفة للأسر المتضررة، وأشاروا إلى المشاكل التي يتخبط فيها المتضررون، بداية بحرمانهم من الوثائق الإدارية اللازمة وسوء المعاملة، ومرورا بعدم شفافية العمليات التي تم إنجازها والتي غُيِّب فيها المعنيون بالأمر، وانتهاء بحرمان البعض منهم من الاستفادة، رغم أدائهم مبالغَ الاستفادة وإشراك عدة أسر في بقعة واحدة والتراجع عن الالتزام بتسليم بقعة أرضية واستبدالها بشقق. ويصل عدد المتضررين 374 أسرة في «الشانطي الجديد» و«الجموع». وكان من المفترَض أن تستفيد 269 أسرة من «الشانطي الجديد» من تسعين بقعة أرضية (80 مترا مربعا -منزل سفلي وطابقين)، و58 شقة، و104 أسر من الجموع ستستفيد من 45 بقعة أرضية و12 شقة، والشقق مكونة من غرفتين إلى ثلاثة غرف توجد في حي النصر، فيما مازال البحث جاريا عن الوعاء العقاري اللازم (يُحتمَل أن يكون في حي النهضة أو في منطقة بني يخلف). وكانت عمالة المحمدية قد انخرطت في البرنامج الوطني «مدن بدون صفيح»، بعد التوقيع يوم 9 أكتوبر 2004 على ثلاثة عقود بين الوزارة المنتدَبة لدى الوزير الأول المكلَّفة بالإسكان والتعمير وعمالة المحمدية وجماعات المحمدية والشلالات وبني يخلف، حيث كان من المنتظَر أن تستفيد حوالي 12 ألف أسرة مكونة ل14 دوارا في أفق 2008 من عملية إعادة الإيواء أو الإسكان، بكلفة مالية إجمالية قُدِّرت بحوالي 541 مليونا و31 ألف درهم، وهو الموعد الذي أكده توفيق احجيرة، منذ إعطائه انطلاقَ البرنامج في مقر عمالة المحمدية. ومرت على انتهائه سنتان، فيما ما زلت «مدينة الزهور» تتخبط في البناء العشوائي ودور الصفيح.