دروس وعِبر للمستقبل.. الكراوي يقارب 250 سنة من السلام بين المغرب والبرتغال‬    أخنوش: فقدنا 161 ألف منصب شغل في الفلاحة وإذا جاءت الأمطار سيعود الناس لشغلهم    طنجة.. توقيف شخص بحي بنكيران وبحوزته كمية من الأقراص المهلوسة والكوكايين والشيرا    عمره 15 ألف سنة :اكتشاف أقدم استعمال "طبي" للأعشاب في العالم بمغارة الحمام بتافوغالت(المغرب الشرقي)    "المعلم" تتخطى مليار مشاهدة.. وسعد لمجرد يحتفل        الإسبان يتألقون في سباق "أوروبا – إفريقيا ترايل" بكابونيغرو والمغاربة ينافسون بقوة    انعقاد مجلس الحكومة يوم الخميس المقبل    أخنوش: حجم الواردات مستقر نسبيا بقيمة 554 مليار درهم    الجديدة.. ضبط شاحنة محملة بالحشيش وزورق مطاطي وإيقاف 10 مشتبه بهم    استطلاع رأي: ترامب يقلص الفارق مع هاريس    هلال يدعو دي ميستورا لالتزام الحزم ويذكره بصلاحياته التي ليس من بينها تقييم دور الأمم المتحدة    النجم المغربي الشاب آدم أزنو يسطع في سماء البوندسليغا مع بايرن ميونيخ    أطباء القطاع العام يخوضون إضرابا وطنيا الخميس والجمعة المقبلين    حصيلة القتلى في لبنان تتجاوز ثلاثة آلاف    سعر صرف الدرهم ينخفض مقابل الأورو    البحرية الملكية تحرر طاقم سفينة شحن من "حراكة"    استنفار أمني بعد اكتشاف أوراق مالية مزورة داخل بنك المغرب    الجفاف يواصل رفع معدلات البطالة ويجهز على 124 ألف منصب شغل بالمغرب    المعارضة تطالب ب "برنامج حكومي تعديلي" وتنتقد اتفاقيات التبادل الحر    «بابو» المبروك للكاتب فيصل عبد الحسن    تعليق حركة السكك الحديدية في برشلونة بسبب الأمطار    في ظل بوادر انفراج الأزمة.. آباء طلبة الطب يدعون أبناءهم لقبول عرض الوزارة الجديد    إعصار "دانا" يضرب برشلونة.. والسلطات الإسبانية تُفعِّل الرمز الأحمر    الجولة التاسعة من الدوري الاحترافي الأول : الجيش الملكي ينفرد بالوصافة والوداد يصحح أوضاعه    رحيل أسطورة الموسيقى كوينسي جونز عن 91 عاماً    مريم كرودي تنشر تجربتها في تأطير الأطفال شعراً    في مديح الرحيل وذمه أسمهان عمور تكتب «نكاية في الألم»    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    مصرع سيدة وإصابة آخرين في انفجار قنينة غاز بتطوان    عادل باقيلي يستقيل من منصبه كمسؤول عن الفريق الأول للرجاء    الذكرى 49 للمسيرة الخضراء.. تجسيد لأروع صور التلاحم بين العرش العلوي والشعب المغربي لاستكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية    أمرابط يمنح هدف الفوز لفنربخشة        متوسط آجال الأداء لدى المؤسسات والمقاولات العمومية بلغ 36,9 يوما    "العشرية السوداء" تتوج داود في فرنسا    إبراهيم دياز.. الحفاوة التي استقبلت بها في وجدة تركت في نفسي أثرا عميقا    بالصور.. مغاربة يتضامنون مع ضحايا فيضانات فالينسيا الإسبانية    أطباء العيون مغاربة يبتكرون تقنية جراحية جديدة    مدرب غلطة سراي يسقط زياش من قائمة الفريق ويبعده عن جميع المباريات    عبد الله البقالي يكتب حديث اليوم    تقرير: سوق الشغل بالمغرب يسجل تراجعاً في معدل البطالة    "فينوم: الرقصة الأخيرة" يواصل تصدر شباك التذاكر        فوضى ‬عارمة ‬بسوق ‬المحروقات ‬في ‬المغرب..    ارتفاع أسعار النفط بعد تأجيل "أوبك بلس" زيادة الإنتاج    استعدادات أمنية غير مسبوقة للانتخابات الأمريكية.. بين الحماية والمخاوف    الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي: للفلسطينيين الحق في النضال على حقوقهم وحريتهم.. وأي نضال أعدل من نضالهم ضد الاحتلال؟    عبد الرحيم التوراني يكتب من بيروت: لا تعترف بالحريق الذي في داخلك.. ابتسم وقل إنها حفلة شواء    الجينات سبب رئيسي لمرض النقرس (دراسة)        خلال أسبوع واحد.. تسجيل أزيد من 2700 حالة إصابة و34 وفاة بجدري القردة في إفريقيا    إطلاق الحملة الوطنية للمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة بإقليم الجديدة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    وهي جنازة رجل ...    أسماء بنات من القران    نداء للمحسنين للمساهمة في استكمال بناء مسجد ثاغزوت جماعة إحدادن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«اسمي كريم مولاي ورتبتي عميل وهذه قصة تآمر المخابرات الجزائرية ضد المغرب»
عميل المخابرات الجزائرية السابق : كنت في حاجة إلى راحة ضمير وتنقية روحي لذلك كشفت عن ملف «فندق أطلس أسني»
نشر في المساء يوم 24 - 08 - 2010

خص كريم مولاي العميل السابق في المخابرات الجزائرية جريدة «المساء» بحوار كشف فيه عن معطيات مثيرة حول الهجوم «الإرهابي» الذي استهدف فندق أطلس أسني بمدينة مراكش
في أبريل 1994 بتخطيط من المخابرات الجزائرية. وقال مولاي في هذا الحوار إن وظيفته في هذا الهجوم اقتصرت فقط على الإعداد اللوجيستيكي، مشيرا في الوقت نفسه إلى أن رجل أمن بمدينة الرشيدية لعب دورا مركزيا في هذه العملية. وكشف مولاي أن رجل الأمن المعني بالأمر يوجد حاليا في ليبيا، ويشتغل في مركز دراسات الكتاب الأخضر، مشيرا إلى أنه زاره في طرابلس عام 1995 وقضى أسبوعا كاملا في ضيافته. وأشار مولاي إلى شخص ثان كان له هو أيضا دور مهم في عملية أطلس أسني. ويتعلق الأمر بمدير مركز الاتصالات السلكية واللاسلكية بمراكش. ويكشف مولاي لأول مرة عن الكيفية التي سلم بها المغرب عبد الحق العيايدة، مؤسس الجماعة الإسلامية المسلحة، للجزائر.
- كريم مولاي هل هو اسمك الحقيقي أم اسم حركي مخابراتي؟
هذا اسمي الحقيقي.
- ما هي رتبتك المخابراتية؟
عميل.
- كيف دخلت إلى المغرب؟ هل كان جواز سفرك يحمل نفس الاسم؟ وما هي الوظيفة التي كانت مكتوبة عليه؟
أولا، ما بين سنتي 1993 و1994 دخلت سبع مرات إلى المغرب. ست مرات دخلت فيها باسمي الحقيقي: «كريم مولاي»، والوظيفة التي كانت مكتوبة في جواز سفري هي «مكلف بمهمة لدى وزارة التعليم العالي». وبالنسبة للمرة السابعة، التي دخلت فيها إلى المغرب، كان الجواز يتضمن اسما مستعارا.
- وما هو هذا الاسم المستعار؟
اعفني من فضلك من الجواب عن هذا السؤال.
- طيب، لماذا اختيار مدينة مراكش بالضبط مسرحا لتلك العمليات الإرهابية؟
أولا، أعتقد أنه كان هناك إعداد للقيام بعمليات في مدن أخرى، لكن في الأخير، أي في أبريل 1994، استقر رأي المخابرات الجزائرية على القيام بعملية في مراكش فقط، لأنني عندما كنت أزور المغرب كانوا يطلبون مني زيارة عدة مدن مغربية، فزرت الدار البيضاء والرباط والقنيطرة وفاس ومكناس وأزرو والرشيدية ووجدة. وقبل أن يتم التركيز على القيام بعملية في مدينة مراكش، كانت المخابرات الجزائرية تطلب مني اختراق الجماعات الجزائرية المعارضة المقيمة في المغرب، لأن الوضع آنذاك كان متأزما بين البلدين، لاسيما بعد التصريحات التي أدلى بها الملك الراحل الحسن الثاني, الذي قال إنه كان يجب ترك جبهة الإنقاذ الجزائرية تحكم البلاد بعد فوزها في الانتخابات. لذلك أعتقد أن المخابرات الجزائرية كانت تعد العدة لما قامت به في مراكش منذ غشت 1993، وتم التنفيذ في غشت 1994.
- في أبريل 1994 كلفت من طرف المخابرات الجزائرية بالسفر إلى المغرب لترتيب الأمور اللوجيستية بالكامل لما جرى في فندق أسني في مراكش، والحادث وقع في 24 غشت 1994، فما هي الأجندة التي حددت لك للترتيب لهذا الحادث؟
الأجندة تكمن في أنه خلال الزيارات التي قمت بها إلى المغرب من قبل، أقمت علاقات مع مغاربة يتبوؤون مناصب حساسة، منهم من يشتغل في جهاز الأمن، ومنهم من يعمل في البنوك وقطاعات الاتصالات السلكية واللاسلكية.
- تقصد أنه تم تجنيد هؤلاء للعمل لصالح المخابرات الجزائرية.
نعم. وتم تجنيد رجل أمن في الرشيدية، لن أذكر اسمه، وكان صديقا، قبل أن تطلب مني المخابرات الجزائرية توظيفه للعمل معها. وبالفعل تم توظيفه, وكنت أدفع له أموالا مقابل تقديم معلومات.
- ما هي طبيعة المعلومات التي كان يقدمها لكم؟
مثلا حينما كنت أزور المغرب، كنت أتصل به فيأتي إلى الدار البيضاء أو مكناس أو مراكش للقاء بي، وبعد ذلك يعطيني قائمة بالجزائريين الذين يعرفهم، ضمنهم أصوليون، وكنت أمرر تلك القوائم إلى ضابط مخابرات آخر (ضابط اتصال)، يتكفل بتبليغها للجهاز، وبالتالي أتلقى اتصالات تطلب مني من هم الأشخاص المتضمنون في القوائم، الذين ينبغي علي التركيز عليهم ومواصلة البحث والتحري حولهم.ومن خلال صديقي رجل الأمن المغربي تمكنا من القيام بعمل لوجيستيكي حصلنا خلاله على أرقام هواتف كثير من الأشخاص، ومعلومات عن تنقلاتهم، وأيضا أرقام تسجيل سياراتهم، وعناوين وأماكن إقامتهم، وطبيعة عملهم، إضافة إلى توجهاتهم السياسية، خاصة تجاه النظام المغربي.
زيادة على ذلك، قدمني رجل الأمن المغربي إلى عنصر آخر كان بمثابة مفتاح للحصول على كل هذه الأشياء، نظرا لكونه كان مديرا لمركز الاتصالات السلكية واللاسلكية في مراكش.
- كم كنت تقدم لرجل أمن الرشيدية من أموال مقابل خدماته؟
مبلغ الأموال يختلف حسب طبيعة المعلومات. فالمخابرات تكافئ حسب المنتوج المعلوماتي، فهي تقدم خمسة آلاف فرنك فرنسي إذا كانت المعلومات دقيقة عن الأشخاص، وأحيانا تقدم ثلاثة آلاف فرنك فرنسي، لكن بعد عملية فندق أسني في مراكش، أعطت المخابرات الجزائرية رجل الأمن في الرشيدية مبلغا كبيرا.
- كم مقداره؟
المخابرات كانت تسلمني أظرفة مغلقة ومشمعة، وأنا بدوري أسلمها للشخص المعني، الذي يوقع على ورقة الاستلام، حتى إذا ما فكر في التوقف عن التعامل مع المخابرات الجزائرية، تهدده بأوراق الاستيلام. لكن حسب معلومات استقيتها من ضابط الاتصال والتنسيق، فقد أعطته عشرين ألف فرنك فرنسي. وبعد ذلك غادر المغرب ليستقر في ليبيا.
- هل غادر المغرب خوفا من أن ينكشف أمره ؟
بالفعل، لأن الأمن المغربي بالتأكيد سيعتقل الأشخاص الذين نفذوا الهجوم على فندق أطلس أسني، والأشخاص الذين ساعدوهم لوجيستيكيا على القيام بذلك.
- هل المخابرات الجزائرية هي التي ساعدت رجل أمن الرشيدية على الاستقرار في ليبيا؟
نعم. أولا، ساعدته في الخروج من المغرب من خلال شراء تذكرة السفر له. إذ توجه في البداية إلى مالطا، ومنها سافر إلى ليبيا، وهناك ساعدته المخابرات الجزائرية، وأود القول إن هذه المخابرات كانت آنذاك متغلغلة في ليبيا، وقد سبق لي أن اشتغلت على الملف الليبي، وذاك موضوع آخر.
- ما هي طبيعة المساعدات التي قدمت له في ليبيا؟
بفضل المخابرات الجزائرية حصل رجل أمن الرشيدية على عمل في ظرف أسبوع بعد وصوله إلى طرابلس، وتم توظيفه في مركز دراسات الكتاب الأخضر. وأذكر أنني زرته في طرابلس عام 1995، وبقيت معه مدة أسبوع، وسألته عما إذا كان في حاجة إلى أموال، فقال إن أموره جيدة، وأخبرني أنه حصل على سكن لائق في حي الحدائق في طرابلس الذي تقطنه الشخصيات الليبية العامة.
- كشفك عن هذه المعلومات في هذا الوقت بالضبط، هل يتعلق بأزمة ضمير، أم تصفية حسابات بينك وبين المخابرات الجزائرية جراء خلاف حاد معها، أم ماذا ؟
أولا، أنا طلقت المخابرات الجزائرية عام 2000، وأعلنت عن ذلك في برنامج «بوضوح» في قناة الحوار التي يوجد مقرها في لندن، على حلقتين، فضحت فيهما أساليب وقذارة عمل هذه المخابرات. أقول طلقتها لأنني كنت ضد النهج الذي تتبعه إزاء مكافحة ما يسمى ب«الارهاب». هذا من ناحية، و من ناحية أخرى، كنت في حاجة إلى راحة ضمير، وتنقية روحي، ولذلك بدأت بالملف الجزائري الداخلي، وتطرقت إلى بعضه، وبالنسبة للإخوة المغاربة الذين لهم علاقة بملف «فندق أطلس أسني» ارتأيت عدم ذكر أسمائهم احتراما لعائلاتهم. أما بالنسبة للملف الجزائري فإنني ذكرت الأسماء الحقيقية للضباط الذين قتلوا الناس، وكشفت أهم ما في الملف الليبي، وهو من العيار الثقيل. فعلت كل هذا من باب راحة الضمير لأنه سيأتي وقت سأموت فيه، وأريد أن ألتحق بالرفيق الأعلى وأنا مرتاح الضمير.
إن الأمر هنا لا يتعلق بتاتا بتصفية حسابات مع أشخاص معينين بقدر ما يتعلق بتصفية حسابات مع نفسي ومع جهاز المخابرات الجزائرية، الذي قام بقتل وتعذيب واتهام أناس أبرياء، واغتصاب بنات، واغتيال صحافيين، وإقامة حواجز طرقية مزيفة.
وثمة نقطة أخرى جعلتني لا أكشف عن ملف « فندق أسني» هو أن العلاقات بين المغرب والجزائر كانت متوترة، ولم أكن أرغب في مزيد من التوتر بينهما، وأزيد الطين بلة لأنه في وقت من الأوقات كان هناك بصيص أمل، إضافة إلى أنني أعتبر المغرب أحب بلد في العالم إلى قلبي بعد الجزائر، لكن الآن، سوف يحرم المغرب علي إلى الأبد للأسف.
إن هناك عدة عوامل وراء كشفي هذه المعلومات لأنني أعتقد أن الحقيقة لا بد أن تصل وتعرف، وأن يؤدي كل واحد ثمن ما قام به. ولقد سبق لي أن صرحت بخصوص الملف الجزائري أنني مستعد للوقوف أمام محكمة عادلة إلى جانب الضباط الكبار والقادة الذين ذكرت أسماءهم إذا ما كانوا مستعدين لتقديم أنفسهم للمحاكمة.
- طيب، بخصوص الملف الليبي، هل كشفته أم أنك ستكشف عنه لاحقا ؟
لقد كشفت عنه في برنامج «بوضوح» في قناة الحوار، بيد أنه لم يبث جراء تعرضه لمقص الرقابة، لكنني كشفت عنه لمنظمة جزائرية معارضة في لندن، وأنا مستعد للحديث عنه لجريدتكم إذا رغبتم في نشر ذلك. وهناك أيضا ملفات أخرى من العيار الثقيل ما زالت في الانتظار لأنني ارتأيت أن أبدأ بملف بلدي ثم البلدان المجاورة له التي اشتغلت بها، ثم أتطرق إلى أعمال المخابرات في بلدان أخرى.
- أفهم من كلامك أنه انطلاقا من عام 2000 بدأت أمورك تسوء مع جهاز المخابرات الجزائرية؟
لا، في نهاية عام2000 طلقت الجهاز، و في بداية 2001 وصلت إلى بريطانيا وطلبت اللجوء السياسي هناك.
- وقبل طلب اللجوء السياسي في بريطانيا أين كنت؟
كنت أقيم في الجزائر، وكانت لدي رحلات عمل عديدة، إذ استغللت مسألة زواجي وقضاء شهر العسل للخروج من الجزائر، فتوجهت إلى باريس ومنها إلى لندن، ثم ماليزيا قبل أن أعود إلى لندن من جديد لطلب اللجوء.
كانت لدي نية بعدم العودة إلى الجزائر. وهنا أفتح قوسين لأقول لك إنني كنت أريد أن أكف عن العمل مع جهاز المخابرات قبل ذلك، لكنهم كانوا يهددونني بالقتل أو قتل والدتي إن تشبثت بذلك. بالنسبة لقتلي، هذه المسألة لا تهمني، فالحياة واحدة، وأنا الآن أعتبر نفسي في عداد الموتى، وقد أتعرض لعملية اغتيال في أي وقت. أنا فعلت شرا، لكنني كنت مجبرا على القيام به، ولم يكن لدي خيار، بيد أنني لم أكن لأقبل بأن يقتلوا والدتي، فبقيت أعمل في صفوف الجهاز. لقد توفيت والدتي في نهاية 1996 ومنذ ذلك الوقت بدأت في التخطيط للتخلص من العمل مع الجهاز، لكن ذلك التخطيط كان معقدا جراء كثرة المهام الكثيرة التي كلفت بها، إضافة إلى أن ضباط المخابرات كانوا يقيمون مع بعضهم البعض في ثكنات وبنايات خاصة بالمخابرات، ولكي أتخلص من تلك الإقامة أبلغت الجهاز برغبتي في الزواج. وفعلا تم الزواج في نوفمبر 2000 وخرجت من الجزائر في 13 ديسمبر2000. لقد اقترحت علي المخابرات الجزائرية قضاء شهر العسل في ماليزيا، وطلبت مني الاتصال بالسفارة الجزائرية حينما أصل إليها، باعتبار أن تكاليف شهر العسل في ماليزيا هي هدية من المخابرات.
سافرت وزوجتي إلى باريس، ومنها إلى لندن التي استقللنا فيها طائرة مباشرة إلى ماليزيا. لم أكن قد أخبرت زوجتي من قبل بطبيعة عملي، رغم أنه كانت لديها شكوك حولها. ذلك أنني كنت شابا صغيرا، وكنت أتقلد مناصب حساسة في الجامعات والجمعيات، وكنت عضوا فعالا في المجتمع المدني.
- وكيف سارت الأمور في ماليزيا ؟
في نظام المخابرات الجزائرية يجب على أي عضو فيها يصل الى بلد ما الاتصال بالملحقة الأمنية في السفارة، وهو ما قمت به، حيث تم تقديم تسهيلات لي في بداية وصولي، ثم صارحت زوجتي بأنني لن أعود إلى الجزائر، وسألتني عن السبب فقلت لها إن حياتي في خطر دون تقديم مزيد من التفاصيل، وقلت لها: «هذا ما يمكنني أن أقوله لك الآن».،فكان جوابها أنها لن تبقى معي، وأنها سترجع إلى الجزائر، وكانت آنذاك حاملا في الشهر الثالث، فرجعت إلى الجزائر في 16 يناير 2001.
وآنذاك أبلغتني السفارة الجزائرية بأنها تلقت أوامر من الجزائر بتكليفي بالقيام بمهمة في ماليزيا، وكانت المهمة تتعلق بعملية اغتيال نجل عباسي مدني، زعيم الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وقال لي شخص مهم في السفارة آنذاك : «نريد أن نرسل هذا الشخص إلى الجزائر في تابوت»، لأنهم كانوا ورطوه في حادث تفجير مطار هواري بومدين عام1992، بيد أنني رفضت في قرارة نفسي القيام بهذه العملية. لقد أبلغني المسؤول في السفارة يوم الخميس بالمهمة التي تنتظرني، وتواعدنا على اللقاء من جديد يوم الاثنين لبحث تفاصيل تنفيذها، ويوم الجمعة قمت بحجز تذكرة سفر إلى لندن على متن طائرة الخطوط البريطانية، وطلبت حق اللجوء السياسي بمجرد وصولي إلى مطار هيثرو.
وفي 2002 جرت محادثات بيني وبين حركة معارضة في بريطانيا تطلق على نفسها اسم «حركة الضباط الأحرار»، التي تضم مجموعة من الضباط الفارين من جحيم الجزائر، لكن أموري معها لم تمض قدما لبعض الأسباب، لأنه لو سارت الأمور معها كما ينبغي لكشفت عن الملف الجزائري في 2002، ولكشفت عن ملف «الهجوم على فندق أطلس أسني» بعد ذلك. وفي 2007 قمت بالاتصال بحركة
«رشاد» الجزائرية المعارضة في بريطانيا، وللتاريخ أقول إن فيها أناسا نزهاء، قدموا لي الدعم المعنوي الذي كنت في حاجة إليه، وأشير هنا بالخصوص إلى الأخ محمد العربي زيتوت، وهو دبلوماسي سابق في ليبيا، وأحد قادة «رشاد»، وهو من شجعني على كشف الحقائق التي أعرفها.
- اسمح لي أن أسألك سؤالا شخصيا. هل ما زالت علاقتك الزوجية قائمة حتى الآن ؟
لا، تم الطلاق.
- وهل أنت على اتصال بابنتك ؟
لم يسبق لي أن رأيتها، وذكرى عيد ميلادها مرت الأسبوع الماضي.
- وهل تتصل بها هاتفيا ؟
لم يسبق لي أن كلمتها هاتفيا. (بعد أن تنهد تنهيدة تعبر عن الحزن الكبير الذي يعتصر قلبه). إن زوجتي السابقة لم تتفهم الوضع، وانتابتها فورة غضب، لكن عندما سمعت شهادتي في التلفزيون، وقرأت ما كتبت، أجرت اتصالا معي قالت فيه إنها سامحتني، وأنه كان علي أن أصارحها بحقيقة عملي، لان أي حياة زوجية تتطلب الصراحة، فكان جوابي «كنت خائفا عليك».
لا أحد من أفراد عائلتي كان على علم بطبيعة عملي، وهم الآن ما زالوا مشدوهين إزاء ذلك.
- نعود إلى المسائل اللوجيستية التي هيأتها في مراكش. ماذا كان مطلوبا بالضبط من الجزائريين المقيمين في مراكش وأصدقائهم المغاربة المقيمين في الدار البيضاء؟
عن طريق العميل الذي كان مديرا لمركز الاتصالات السلكية واللاسلكية، كنا نتوجه إلى مركز الاتصالات السلكية واللاسكية بعد خروج الموظفين، ونقوم بالاطلاع على كل الأرقام الهاتفية التي تهمنا نظرا لأننا كنا بصدد البحث عن الأسماء والأرقام التي يتصل بها هؤلاء، فمثلا إذا كنا نتحرى عن الأخ «محمد اكس» نبحث عن كل الأرقام التي اتصل بها خلال الأشهر الستة الماضية، لمعرفة ارتباطاته وعلاقاته، فكان مدير المركز يقوم بطبع الكشوفات، بينما أقوم أنا بكتابة التقارير حولها. وكانت لدي مجموعة من العملاء، مغاربة وجزائريين. وكنا نتأكد من خلالهم، في إطار هذا الدور اللوجيستيكي، في التحضير لما جرى حول نوعية العلاقات التي يرتبط بها أولئك الأشخاص، ونقوم بتحريات عنهم.
وبالنسبة للأشخاص المقيمين في مراكش، كان التحري عنهم سهلا جدا، إذ كان لدي فريق من العملاء أدفع لهم مبالغ مالية مقابل خدماتهم، وكنت أقيم لهم مآدب عشاء يقدم فيها الخمر.
- كم كان عدد العملاء الذين يعملون معك في المغرب كله ؟
كان لدي ثمانية عملاء مغاربة، إضافة إلى رجل أمن الرشيدية، ومدير مركز الاتصالات، بينما بلغ عدد العملاء الجزائريين حوالي 15 عميلا يتوزعون بين مراكش والدار البيضاء، وغالبيتهم كانت تقيم بالدار البيضاء في أحياء عين السبع والمعاريف وعين الذئاب. عين الذئاب الذي يعرف بكثرة الملاهي والحانات، كثيرا ما نظمت فيه مآدب للتمويه. وهنا أود أن أقول إنه كان يوجد من ضمن العملاء المغاربة عميلان يشتغلان في قطاع الاتصالات السلكية واللاسلكية في الدار البيضاء، ولدي صور معهما.
كنت ألتقي بالعملاء، كلا على حدة، وأكلفهم بالتحري عن الأشخاص الذين يهمون المخابرات الجزائرية، وأسلم كل واحد منهم ظرفا يحتوي على مبلغ مالي، قبل أن أحدد لكل منهم المهلة التي ينبغي تسليم المعلومات فيها، وكان ضابط الاتصال، هو الذي يعطيني الأوامر ويبلغني بالمطلوب.
- هل كانت الأوامر المتعلقة بما هو مطلوب منك تصلك عن طريق عملاء آخرين أم عن طريق الشفرة ؟
في أحيان كثيرة عن طريق الشفرة.
- هل كانت المعلومات المشفرة تصلك عن طريق السفارة الجزائرية في الرباط ؟
لم تكن للسفارة علاقة بالأمر، فنظرا لكون الأمور كانت متأزمة بين المغرب والجزائر، تم الخوف من أن تكون السفارة الجزائرية في الرباط خاضعة لمراقبة الأمن المغربي.
كانت المعلومات تصلني عن طريق أشخاص كنت ألتقيهم في أماكن عمومية، وهناك يمررون لي وثائق عبارة عن أوراق بيضاء مكتوب عليها بحبر سري، وتتضمن المطلوب مني، ومن هم الأشخاص الذين ينبغي التركيز عليهم، والأشخاص الذين ينبغي إخراجهم من دائرة التحري، أو يتم تنبيهي إلى اسم آخر يجب التحري عنه.
- أشرت في تصريحات سابقة إلى أنك كنت تروم ضمن الإعداد اللوجيستي لعملية مراكش إيجاد معلومات عن أصوليين جزائريين مقيمين في المغرب. هل من تفاصيل حول ذلك ؟
بالفعل، ذلك أن المخابرات الجزائرية كانت على قناعة بأن المغرب يمول هؤلاء الأصوليين ويقدم لهم كل أنواع الدعم الأخرى.
- هل كان عبد الحق العيايدة القيادي في الجماعة الإسلامية الجزائرية، الذي سلمه المغرب لاحقا للجزائر، ضمن هؤلاء ؟
نعم، كان العيايدة ضمنهم. وأود أن أقول هنا إن المغرب لما سلم العيايدة إلى الجزائر، فإن الشخص الذي قدم به من المغرب إلى الجزائر كان هو ضابط المخابرات المشرف علي، واسمه «عبد القادر»، وأكيد أن المخابرات المغربية على علم باسم الضابط الذي استلم العيايدة، بيد أن المخابرات الجزائرية لم تكن تركز فقط على العيايدة، بل على أشخاص آخرين.
وأعود إلى موضوع المغرب، وأقول إن المخابرات الجزائرية كانت ترغب في معرفة معلومات عن تحركات بعض الأصوليين الجزائريين، الذين فروا إلى المغرب لأنه كان من السهل الالتحاق بهم عن طريق وجدة، حتى لو لم يكن عندك جواز سفر، إذ يكفي أن تقدم رشوة لشرطي في الحدود ليتحقق لك ذلك. وهذا أمر لا يقتصر على المغرب فقط، بل على الجزائر أيضا.
وكان التركيز على علاقتهم مع المغاربة وعلاقتهم مع أشخاص خارج المغرب، ومن خلال مركز الاتصالات السلكية واللاسلكية تمكنا من الحصول على بعض الأرقام الهاتفية في فرنسا. وانطلاقا من هنا يتبين لك كم هو شائك هذا الملف.
- هذه الأرقام هل هي لجزائريين أم لمغاربة ؟
لجزائريين ومغاربة.
- هل تم منهم انتقاء العناصر التي نفذت الهجوم على فندق أطلس أسني في مراكش ؟
نعم. لكن ضابطا آخر في المخابرات الجزائرية من قام بانتقائهم، بينما اقتصر دوري على الإعداد اللوجيستي. أما من قدم لمنفذي الهجوم الأسلحة فلا علم لي بذلك، فأنا لم أكن حاضرا معهم خلال تسليم الأسلحة، كما أنني لم أخبر بأن هجوما وشيكا سيتم في مراكش، ولو كنت أعرف أن الأمر فيه قتل لربما رفضت القيام بذلك. وأنا حينما بدأت العمل في المغرب كنت أعتقد أن هناك نشاطا تجسسيا ضد الجزائر، وأن هناك حركات تود قلب نظام الحكم في الجزائر بدعم مغربي. زيادة على أن المبدأ السائد في المخابرات هو عدم طرح الأسئلة عند التكليف بمهمة.
وأعود هنا إلى رجل أمن الرشيدية لأقول إنه كان يمدني بمعلومات عن أشخاص، وإن كانوا من ذوي السوابق العدلية، وكان يسلمني معطيات رسمية عن أولئك الأشخاص، فنقوم بدراستها. وأود أن أقول هنا إن الله أعطاني موهبة اختراق الآخرين استغللتها للأسف في أمور قذرة.
- ما هي الرتبة التي كانت لدى صديقك وعميلك رجل أمن الرشيدية ؟
لا أتذكر رتبته بالضبط، ولم أسأله عنها، لكن يبدو أنه كان ذا نفوذ كبير، لدرجة أنه حين قيل له إنني عميل للمخابرات الجزائرية تمكن من إقناع من قالوا له ذلك بأن ذلك غير صحيح، وأنه يثق بي لأنني صديق حميم له، إذ لو لم يكن يتوفر على رتبة كبيرة لما تمكن من إقناعهم بذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.