الطلاق بين نيلسون مانديلا وزوجته ويني لا يفاجئ أحدا في جنوب إفريقيا. لكن الأمر غير العادي في القضية هو التبعات المحتملة لهذا الانفصال. بالنسبة إلى الرئيس، المعروف بصرامته، لا بد من أن يكون فشل زواجه (الانفصال بين الزوجين يعود إلى بداية سنة 1992) باعثا أساسيا سرع من وتيرة مسطرة الطلاق. لكن يبدو أن هنالك أسبابا أخرى في القضية، وهي ذات طبيعة سياسية وأعمق من أي سبب آخر. هكذا تستعد ويني للدخول في دوامة جديدة نتيجة للملفات المشتعلة المتورطة فيها: - التحقيق البوليسي حول اختفاء شابين شوهدا آخر مرة برفقتها، أحدهما تعرض لضرب مبرح. - إفادة لشاهد مهم اختفى سنة 1991 خلال محاكمة السيدة مانديلا، المتورطة في اختطاف واغتيال الطفل ستومبي سيبي، 14 سنة، وأربعة آخرين. - تلقي ويني، من قبل كسوليسوا فالاتي، لتهديد بكشف ما قامت به من تجاوزات لما كانت في اللجنة الجديدة للحقيقة والمصالحة، علما بأنه كان من أقرب الأصدقاء لها قبل أن يصبح عدوها الأول. - التقرير الأخير الذي يؤكد وجود خلافات داخل إدارة عصبة النساء، المتفرعة عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وهي الإدارة التي ترأسها السيدة مانديلا. التقرير يتهمها باستغلال النفوذ. الحقيقة أن هنالك حظوظا قوية لأنْ تفقد ويني رئاسة العصبة خلال الانتخابات القادمة وأن تجد نفسها معزولة. كما أنها أحاطت نفسها بمجموعة من الأشخاص الذين ينتقدهم نيسلون مانديلا، علنا، بسبب تصريحاتهم غير الموزونة. وزادت عزلتها بعد موت هاري غوالا، زعيم الجناح المتشدد في المؤتمر الوطني الإفريقي، وهو الجناح الذي تنتمي إليه هي وأنصارها. دافيد ويلش، الأستاذ الجامعي في ال«كاب»، يقول: «لا شك في أن ويني توجد في وضعية معقدة جدا من الناحية السياسية، ولن أفاجأ إذا ما قرر نيسلون التخلص منها قبل أن تسيء أكثر إلى صورته وصورة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي والبلد. الطلاق يبدو أشبه بقطيعة نهائية مع ويني و«مشاكلها» المحرجة». رأي هذا الأستاذ الجامعي رأي متداول بشكل واسع بين الخبراء والملاحظين السياسيين. لكن المفاجأة هنا هي رد الفعل المتأخر للرئيس. بالنسبة إلى مانديلا، كان التخلص، أخيرا، من زوجته الصعبة بعد 37 سنة من الزواج، بمثابة الأمر المهم حتى وإن كانت القطيعة مؤلمة، كما صرح بذلك لبعض الصحافيين. ورغم أن المصالح الرئاسية رفضت تأكيد خبر مسطرة الطلاق، فقد علمنا بنهاية هذه الأزمة مباشرة بعد فصل السيدة مانديلا من منصبها كوزيرة مساعدة. وظلت القضية سرا احتراما للسيد مانديلا ومراعاة لتداعياتها السياسية إلى أن تسربت إلى الصحافة. بالموازاة مع ذلك، ظل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي يعمل من أجل أن يظل بعيدا عن القضية، معتبرا أنها قضية شخصية لا تعني إلا الزوجين ومحاميهما. إلا أن أطراف أخرى لم تحافظ على الحياد، وكان أولها حزب المؤتمر الإفريقي القومي (PAC) (تأسس سنة 1959 نتيجة انشقاق الجناح الأكثر أفريقانية في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي) الذي قفز على الفرصة لمحاولة تسجيل نقط إيجابية لصالحه من خلال تعبيره عن «قلقه». لكن الطلاق من ويني سيسمح للرئيس بالدخول في قصة غرام جديدة للمرة الأولى منذ خروجه من السجن سنة 1990. وذكرت الصحف الشعبية أن الرئيس ربما التقى امرأة أخرى ستحل مكان ويني، فيما تحدثت صحيفة أخرى عن ظهور علاقة صداقة وطيدة بين الرئيس وغراسا ماشيل، أرملة الرئيس الأسبق للموزمبيق سامورا ماشيل. مهما يكن من أمر العلاقات المحتملة للرئيس، فإن ويني لم يعد بإمكانها أن تعول على حماية نيلسون لها، كما أنها لن تعول على رحمة أولئك الذين كانوا يلاحقونها دون أن يتمكنوا منها بفضل علاقات زوجها. بالموازاة مع ذلك، تراجع دورها السياسي ولم يعد لها إلا نصيب قليل من التأثير في الضواحي الهامشية البئيسة. لم تعد ويني، إذن، بعيدة عن المتابعة. بعد إعلان الطلاق، قد تصبح حياة مانديلا أكثر هدوءا وصعوبة من ذي قبل، بينما سيكون الطلاق بمثابة بداية حياة جديدة مليئة بالصعوبات لويني.