إن نمط الحياة الحالية المتسارع والتطور التكنولوجي السريع وتغير النظام الغذائي مع قلة الوعي من أهم العوامل التي أدت إلى ارتفاع نسبة الإصابة بأمراض عديدة أهمها وأخطرها السمنة، ذلك القاتل الصامت الذي يزحف إلى أجسادنا ببطء وهنا أتحدث عن السمنة الناتجة عن اضطراب غذائي على الخصوص، حيث تتراكم الدهون في كل مكان ويصبح من الصعب التخلص منها. قد ينظر الكثير إليها على أنها أمر بسيط، وقد ينظر البعض إليها على أنها مجرد منظر غير مقبول أو تشويه لجمال أجسادنا، وقد يفطن القليل إلى خطورتها بعد فوات الأوان ومع ذلك يقفوا مكتوفي الأيدي غير قادرين على إيقافها، ومن يحاول إيقافها يبحث عن العصا السحرية التي ستخلصه من كتل الشحوم المتراكمة بين ليلة وضحاها فيبدأ البحث عن الأدوية والخلطات المنقحة والحميات العشوائية القاسية.. وسائل غالبا ما تفشل لتسقط صاحبها في أضرار نفسية وعضوية سريعة أشبه بالسحر، ومن الواجب أن نتذكر دائما أنها مرض، وليست بالمرض البسيط فحسب بل تعد مرضا من الأمراض الخطيرة، إنها مرض من أمراض عصرنا الحديث، فمشكل السمنة وزيادة الوزن مع ما يصحب هذا من تفاقم المشاكل النفسية والاجتماعية وصعوبة الحركة وفقدان القوام الجميل الصحي وحتى صعوبة إجراء العمليات التقليدية وخاصة الطارئة منها كالتهاب المرارة والأعور لمخاطر التخدير العام بالنسبة للأشخاص البدينين عدا عن أنها بداية الأمراض الخطيرة كالسكري وضغط الدم وآلام المفاصل . إن محاربة السمنة بأنواعها تتطلب أولا أن يعي الشخص بالمشكل وأن يمتلك إرادة قوية وصبرا ومن ثم التوجه إلى المختص ليجري بحثا في تاريخ السلوك الغذائي لدى المريض ومعرفة ظروف وتاريخ الإصابة بالسمنة، مما يمكن من إجراء تعديل جذري للسلوك الغذائي الخاص به عن طريق جلسات توعية ونظام غذائي محكم يحترم عاداته الغذائية ونمط حياته ككل مع احترام جميع مراحل هذا النظام وأخذ الوقت الكافي لفقدان الوزن دون أي استعجال، لأن ما اكتسب خلال سنين لا يمكن التخلص منه خلال أيام قليلة. كذلك فإن الحفاظ على الوزن النهائي بحد ذاته تحدي بين المريض ومعالجه لأن من شأن فقدان الوزن الحفاظ عليه وعدم معاودة اكتسابه، إذا الحل لا يكمن فقط في الحميات الغذائية القاسية أو استعمال منتجات منحفة مع ما تحمله من أخطار، بل في تغيير جذري للنظام المعيشي والغذائي ككل والتأقلم معه. أخيرا الوقاية خير علاج فالنظام الغذائي السليم والحياة الصحية الرياضية هي السبيل لتجنب السمنة ومضاعفاتها على صحة الفرد .