عندما كان الطيارون في سلاح الجو الأمريكي يعودون إلى ثكناتهم العسكرية، خلال الحرب العالمية الثانية، من رحلات إطلاق الصواريخ على أهداف محددة في أوربا واليابان، كانوا يشربون حتى الثمالة ثم يقسمون بشرفهم العسكري على التعهد بحماية ورعاية أطفال وزوجات بعضهم البعض إذا حصل لأحدهم مكروه خلال المعارك العسكرية. هذا القسم كان بمثابة تفويض رسمي في ما بين هؤلاء الطيارين لممارسة الجنس مع زوجات زملائهم الذين يلقون حتفهم في ساحة المعركة، لكنه تحول بعد فترة قصيرة إلى ممارسة شائعة بين ضباط سلاح الجو الأمريكي الذين بدؤوا ينظمون سهرات لتبادل الزوجات وممارسة الجنس بشكل جماعي من خلال ظاهرة «السوينغينغ»، التي تحولت إلى ظاهرة خطيرة تهدد أركان الأسرة الأمريكية وإلى «موضة» سرية في المجتمعات الشرقية المحافظة. عندما تتجول في شارع «يو» بالعاصمة الأمريكيةواشنطن يثير إعجابك الطابع الهندسي العتيق للبيوت المتراصة بشكل جميل على جانبي الشارع الذي يعبره أناس من جميع الأعراق خلال ساعات النهار المختلفة. فالطراز الفيكتوري للبيوت التاريخية يتماهى بشكل جميل للغاية مع الأشجار الباسقة التي تظلل الطريق ومع شتلات الزهور الملونة المتدلية من النوافذ والشرفات. الهدوء الذي يغلف هذا الشارع لا تقطعه سوى أصوات ثرثرة المشاة أو موسيقى منبعثة من السيارات التي تنساب عبر الشارع الواسع في احترام تام لإشارات المرور. لكنك عندما تصل إلى البيت رقم 1326 وتقف أمامه، فإنك تدرك بأن الهدوء الكبير الذي يلف الشارع وزواره، يخفي عالما سريا يديره أزواج يقيمون حفلات ليلية يتبادلون خلالها الزوجات، ويمارسون الجنس بشكل جماعي ضمن ظاهرة ال«سوينغينغ» التي بدأت تهدد أركان الأسرة الأمريكية المحافظة، عكس الصورة التي تعكسها عنها أفلام هوليود وبرامج شبكات الترفيه المتحررة.
عالم لامحدود من اللذة
ما إن تقدع جرس الباب حتى يُفتح لك بشكل أوتوماتيكي إن كنت امرأة ويتم السماح لك بولوج البيتالنادي، أما إذا كنت رجلا ووحيدا، فإن الباب لا يُفتح في وجهك أبدا ويرد عليك صوت رجولي خشن يطلب منك المغادرة والعودة مع زوجتك أو «الغيرلفراند» يعني خليلتك. عندما تدخل البيت، تجد ممرا طويلا مظلما يقودك نحو قبو بارد تستقبلك في مدخله آلات جنسية إلكترونية خاصة بالرجال تثير غرائزهم عبر إيلاج أعضائهم التناسلية في شبه فتحة لزجة مظلمة، وبعد ذلك يُسمح لجميع الزوار بالاختلاط في قاعة فسيحة مزينة بصور ضخمة لأزواج يمارسون الجنس بطرق شاذة. هذا البيت الذي يَعدُ زواره بعالم لا محدود من اللذة يعد واحدا من بين آلاف البيوت التي تحتضن ليالي ماجنة لأزواج قرروا أن يتبادلوا الزوجات أو العشيقات لإشباع رغباتهم الجنسية التي يقولون إن رتابة مؤسسة الزواج كادت تقضي عليها بشكل كامل!
ربابنة الجو.. أبطال اللذة
يقول موقع «ويكيبديا» إن عددا من ربابنة الجو الأمريكيين كانوا أول من أسس «تقليد» تبادل الزوجات في حفلات الجنس الجماعية، وذلك خلال وعقب الحرب العالمية الثانية. ويذكر الموقع أن مجموعة من الطيارين في سلاح الجو الأمريكي تعاهدوا على رعاية الزوجات ماديا ومعنويا وحتى جنسيا إذا ما قتل واحد منهم خلال العمليات الحربية التي كانوا ينفذونها في أوربا واليابان، ولهذا انحصرت عادة تبادل الزوجات بين أعضاء الجيش الأمريكي في البداية قبل أن تنتقل إلى المدنيين الذين أعجبوا بالفكرة، ولهذا كانت صورة ربابنة الجو الأمريكيين في فترة من الفترات تستعمل كرمز من رموز الإثارة الجنسية في أمريكا وكان يُرمز إليهم ب«أبطال اللذة الجنسية». لكن مواقع علمية أمريكية أخرى تؤكد أن عادة تبادل الزوجات بدأت منذ القرن السادس عشر في أوربا وبالضبط سنة 1587، عندما وقّع «دجون دي» الذي كان يعمل مستشارا للملكة إليزابيث الأولى ورقة رسمية بينه وبين شريك له يوافقان فيها على تبادل زوجتيهما وممارسة الجنس بشكل رباعي وذلك بعد الحصول على موافقة ومباركة من «روح خيّرة» زارته في المنام!! كما تذكر تلك المواقع أن عادة تبادل الزوجات كانت رائجة في القرن الثامن عشر في أوربا وخصوصا بين من تصفهم المصادر الأمريكية بالخيميائيين. لكن ظاهرة تبادل الزوجات لم تنتشر بشكل كبير في أمريكا سوى في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي مع ظهور موجة «الهيبيزم» التي اتخذ بعض زعمائها من الحرية الجنسية والحرية الفردية والموسيقى المتمردة شعارات براقة من أجل استقطاب مزيد من المتعاطفين والأتباع الذين دافعوا باستماتة شديدة عن حرية تدخين مخدر الحشيش وحرية ممارسة الجنس بشكل جماعي. كما أن اختراع العلماء لحبوب منع الحمل في تلك الفترة ساعد على انتشار ظاهرة تبادل الزوجات وممارسة الجنس الجماعي دون خوف من إنجاب الأطفال والتقيد بمسؤولية تربيتهم والإنفاق عليهم لسنوات طويلة، كما تنص على ذلك القوانين في أمريكا. ويشير كتاب «نظرة على أصل ظاهرة تبادل الزوجات» لصاحبه «تيري غولد» إلى أن روبرت ماكينلي كان وراء تأسيس نوادي تبادل الزوجات بشكلها المعروف حاليا قبل نحو أربعين سنة في مدينة سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا المعروفة بتحررها الجنسي المثير للجدل والتي تعد عاصمة المثليين جنسيا في العالم، كما أسس رابطة الحرية الجنسية التي تحولت إلى منظمة ذات نفوذ قوي تضم في عضويتها عشرات الآلاف من الأعضاء الذين عملوا على تأسيس نواد لتبادل الزوجات وممارسة الجنس الجماعي في معظم الولاياتالأمريكية، مما حوّل هذه الظاهرة إلى «موضة» يمارسها عدد كبير من الناس من مختلف الطبقات الاجتماعية والمعتقدات الدينية وتهدد أركان الأسرة الأمريكية التي باتت تعاني من تفكك غير مسبوق.
مجون دون حدود على الأنترنيت
بعد تأسيس فروع عديدة لرابطة الحرية الجنسية بمختلف الولاياتالأمريكية، بدأ أتباع حركة تبادل الزوجات بتأسيس نواد جنسية في أرقى الأحياء وأكثرها بذخا لاستقبال الأزواج الباحثين عن المتعة مع زوجات الآخرين. وبدأ أصحاب تلك النوادي في وضع شروط محددة لقبول الأعضاء الجدد ومنها أن يكون مرّ على العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة خمس سنوات على الأقل وأن تكون الزوجة مثيرة جنسيا وفاتنة وتتقن ممارسة الجنس لفترة طويلة وفي أوضاع مختلفة. بل إن بعض النوادي الخاصة بالأثرياء في مدينة نيويورك بدأت تشترط على زوجات أعضائها ألا تزيد أوزانهن عن حد معين يكون مرتبطا بقامتهن وألا يمارسن الجنس مع أزواجهن لمدة أسبوعين على الأقل قبل زيارة النادي وأن يتخلصن من شعر العانة بطريقة «الواكسينغ». وفي نواد لتبادل الزوجات في كاليفورنيا يحرصُ المنظمون لليالي ممارسة الجنس الجماعية على منع الرجال الوحيدين من دخول النادي إلا إذا اصطحب معه زوجته أو عشيقته التي يرتبط بها لمدة طويلة، كما تمنعهم من إطالة شعر الإبط وتجبرهم على «حلق» شعر الصدر والساقين والخضوع لجلسات «التانينغ» أو التشميس الصناعي من أجل اكتساب اللون الأسمر الذي تكتسبه البشرة إثر التعرض لأشعة الشمس على الشواطئ. ولا تفرض تلك النوادي رسوما غالية على أعضائها لكنها تبيع المشروبات الكحولية بأثمنة مرتفعة خلال الليالي المخصصة لممارسة الجنس الجماعي وتبادل الزوجات، كما أنها تجني أرباحا خيالية من خلال بيع «السيكس تويز» أو الألعاب الجنسية التي تستعملها النساء للوصول إلى الذروة الجنسية، بالإضافة إلى المواد الطبية والكيميائية التي تساعد على تكبير حجم العضو الذكري للرجال. وبعد النجاح الكبير الذي حققته هذه النوادي، عمد أصحابها إلى الاستفادة من الطفرة الإلكترونية التي شهدتها أمريكا مطلع التسعينيات من القرن الماضي، وهكذا انتشرت العشرات ثم المئات ثم الآلاف من المواقع الإلكترونية التي تروج لفكرة تبادل الزوجات والمشاركة في ليالي اللذة الطويلة التي تتيح لأفرادها المسجلين إمكانية الاستفادة من خدمات «الشات» وتبادل الصور والفيديو الإباحية داخل غرف الدردشة الحمراء، بالإضافة إلى ممارسة الجنس بشكل «افتراضي» عن طريق غرف الفيديو الخاصة التي يُسمح فيها للأعضاء المسجلين بالتعري أمام كاميرات ذكية متحركة تنقل تفاصيل ما يجري أمام عدستها بتقنية «الهاي ديفينشن».
تحوّل «السوينغينغ» إلى ظاهرة عالمية بعد ارتفاع عدد المنتسبين لنوادي تبادل الزوجات في أمريكا ووصولهم لأكثر من ستة ملايين شخص، بدأت هذه الظاهرة في الانتشار خارج حدود الولاياتالمتحدة والظهور في المجتمعات العلمانية المتحررة قبل أن تظهر حتى في المجتمعات المحافظة المغلقة. وفي الصين التي تحظى فيها العلاقات الزوجية ب«قدسية» خاصة، ظهرت نوادي تبادل الزوجات وانتشرت بشكل سريع بين أفراد الطبقة المثقفة التي هاجرت إلى الغرب للحصول على شهادات علمية وتقنية وعادت إلى بلادها للعمل والاستفادة من الطفرة الاقتصادية الكبيرة التي تشهدها البلاد. وذكرت وسائل إعلام صينية، قبل أشهر، أن السلطات اعتقلت مهندسا صينيا في الأربعين من عمره بعدما كشفت خيوط شبكته السرية لتبادل الزوجات عبر التحويلات المالية التي كان يدفعها لأصحاب نوادي ليلية كان يستأجرها لإقامة ليالي ممارسة الجنس الجماعية بين المتزوجين. وفي نهاية شهر أكتوبر من سنة 2008 أعلنت السلطات المصرية اعتقال مسؤول حكومي كبير وزوجته بتهمة تأسيس شبكة لتبادل الزوجات. وقالت تقارير إعلامية مصرية إن الزوجين نظما ثلاث حفلات لتبادل الزوجات على الأقل في مسكنهما في القاهرة، وذلك بعد استدراج أزواج آخرين عبر شبكة الأنترنت. وأوردت وسائل إعلام مصرية أن للزوجين أبناء وأنهما أطلقا موقعا على شبكة الأنترنت للترويج لمبادلة الزوجات بين المصريين والعرب، كما أنهما تركا إعلانات لهذا الغرض على غرف الدردشة المرتبطة بالمواقع العربية الجنسية الشهيرة. ووفقا للصحف المصرية، فإن الشرطة المصرية ألقت القبض أيضا على محام في ضاحية الجيزة في القاهرة عندما كان ينهي صفقة لتبادل الزوجات، وأن هناك تبادلا آخر كان سيتم في عطلة نهاية الأسبوع مع شاب خليجي وزوجته الشابة. وعندما تدخل إلى أحد المواقع الإلكترونية لنوادي «السوينغينغ» الأمريكية فإن الموقع يستقبلك بخريطة شاملة للكرة الأرضية ويسألك النقر على البلد الذي تود البحث فيه عن نوادي وشبكات تبادل الزوجات، وعندما تنقر على موقع المغرب في تلك الخريطة فإن الموقع يجيبك بوجود نوادي متعددة نشطة ويسألك التسجيل كعضو حتى يتيح لك إمكانية التعرف على مواقعها الإلكترونية المحلية وعناوينها والأسماء الحركية لأصحابها. كما تظهر النتيجة نفسها عندما تنقر على مواقع بلدان مثل لبنان وجنوب إفريقيا والإمارات وحتى المملكة العربية السعودية التي يخبرك الموقع بأن نوادي تبادل الزوجات موجودة فيها ونشطة للغاية،