«الزيادة التي فرضتها الحكومة يوم الثلاثاء الماضي تعتبر طفيفة، وسوف لن تقتصد الدولة إثرها سوى 4% من الدعم الذي تخصصه للمحروقات وبعض المواد الاستهلاكية، أي حوالي 1.3 مليار درهم، وهو مبلغ ضعيف أمام 35 مليار درهم المخصصة لصندوق المقاصة». هذا التصريح أدلى به مولاي عبد الله علوي، رئيس فيدرالية الطاقة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام لمقاولات المغرب، ل«المساء» عقب ندوة أقيمت بمقر شركة «سامير» يوم أول أمس خصصت لموضوع «جيوسياسية البترول». العلوي وصف الزيادة الأخيرة ب«الرمزية»، معبرا عن اعتقاده بأن الحكومة ستواصل الزيادة في ثمن المحروقات، لأن ثمن برميل النفط مافتئ يتزايد بمنحى تصاعدي، والحكومة المغربية سوف لن يكون بمقدورها تحمل زيادات إضافية لصندوق الدعم، ولن يكون أمامها خيار آخر سوى الزيادة المباشرة في ثمن المحروقات. وأضاف أن المغرب يستهلك 15 مليون طن من الطاقة النفطية سنويا، ومشترياته من النفط تشكل30 % من الواردات الإجمالية للمغرب، وهي إكراهات تحد من فرص التنمية المستدامة للمملكة، يضاف إليها ضعف استهلاك الطاقة الذي لا يتجاوز 0.4 طن من الطاقة البترولية للفرد الواحد سنويا، وهو رقم ضعيف لا يعكس إمكانيات النمو الاقتصادية للبلد. وأكد أن المغرب لم يكتشف بعد إمكانياته النفطية بأعماق المحيط الأطلسي، ويمكنه أن يصبح قبلة مهمة للاستثمارات البترولية في المنطقة خصوصا على السواحل الأطلسية، لكن التكاليف الباهظة التي تتطلبها الاستثمارات في هذا المجال رغم التطور التكنولوجي الذي عرفه في السنين الأخيرة، هي التي تحول دون استكشاف المحيط الأطلسي الذي يتوفر، حسب دراسات حديثة، على إمكانيات مهمة من النفط، وأكد أن على الدولة التفكير في سياسة طاقية ناجعة لتخطي مشاكل المغرب الاقتصادية المرتبطة، بشكل أساسي ومباشر، بغلاء الطاقة على المستوى العالمي. ومن جهته، أكد جون بيير فافنيك، مدير مركز الاقتصاد والتدبير بالمعهد الفرنسي للبترول، خلال تدخله، أن الدعم الذي تقدمه الدولة لثمن المحروقات سوف لن يستمر أمام الارتفاعات المتتالية لأثمنة النفط في الأسواق العالمية، حيث يجب على المغرب إيجاد حلول على المديين المتوسط والبعيد لأن ثمن النفط لن يعرف أي تراجع، على الأقل في المدى المتوسط، وبالتالي يجب الاستثمار في الطاقات البديلة ووضع ميكانيزمات جديدة لدعم المستهلكين، وخصوصا الفقراء منهم، مع اعتماد سياسة تواصلية موجهة إلى المستهلكين لتوضيح وتبرير الزيادات المرتقبة في أثمنة المحروقات. واعتبر أن العالم أصبح يواجه مشكلتين رئيسيتين في الوقت الحالي، المشكل الأول مرتبط بالاحتياطات البترولية وغلاء ثمن برميل النفط، والمشكل الثاني الذي أصبح يؤرق العالم في السنين الأخيرة، وهو التغيرات المناخية وارتباطاتها بالتلوث البيئي. وقال إنه في سنة 1999 كان ثمن برميل النفط لا يتجاوز 10 دولارات، ولم يكن أحد يتوقع أن تتجاوز خلال سنة 2008 ثمن 140 دولارا، وهذا الارتفاع الصاروخي لأثمنة الطاقة في العالم سببه الطفرة الاقتصادية غير المتوقعة التي عرفتها الصين بعد سنة 2000، ففي مامضى كانت الدول المصنعة بأوربا وأمريكا الشمالية، إضافة إلى اليابان لا يتجاوز عدد سكانها مجتمعة حوالي مليار نسمة، في حين أن الصين لوحدها تتوفر على 1.5 مليار نسمة، وهو ما جعل إنتاج واستهلاك الطاقة يتضاعف عدة مرات بالدخول القوي للصين إلى نادي الدول الصناعية. أما الاستهلاك الطاقي في العالم فيصل إلى 1.7 طن للفرد الواحد سنويا، وتتقدم أمريكا الشمالية بحوالي 6.4 أطنان، وأوربا الغربية 4.6 أطنان، ثم إفريقيا 0.3 طن، وأضاف فافنيك أن المشكل لا يكمن، بشكل أساسي، في الاحتياط العالمي من النفط، لأن هناك مناطق كثيرة غير مستكشفة، بل يبقى التحدي الحقيقي في كلفة الإنتاج حيث الاستثمارات في هذا المجال لازالت جد مرتفعة، ويكفي القول إن اكتشاف 3 براميل نفط تحت سطح الأرض لا ينتج منه سوى برميل واحد يطفو على وجه الأرض . وحسب إحصائيات يناير 2007، تستحوذ المملكة العربية السعودية على25 % من الاحتياط العالمي للبترول، ثم إيران 11.5 % والإمارات العربية المتحدة 10 % والعراق 9.4 %، أما الولاياتالمتحدةالأمريكية فلا تتجاوز نسبتها 2.2 % من الاحتياط العالمي، وكندا 1.6 %، وأوربا 1.2 %، في حين تستحوذ فينزويلا على 7 %، وأضاف أن 80 % من إنتاج منظمة «الأوبيك» يأتي من الشرق الأوسط وفينزويلا. وأشار بيير فافنيك إلى عدة أحداث أثرت بشكل مباشر على ارتفاع ثمن برميل النفط أهمها الحرب العراقية الإيرانية، ثم الثورة الخمينية في إيران، وبعدها احتلال العراق للكويت، وفي 2001 أحداث 11 شتنبر، ومؤخرا احتلال العراق من طرف قوات التحالف. وأكد أن التدخل الأمريكي في عدة مناطق من العالم أجج الوضع أكثر، حيث إن الأمريكيين لديهم عقيدة ثابتة تقول إنه «يجب أن يصل البترول إلى أمريكا من أي مكان وبأي ثمن».